خبر خروف في جلد خروف -يديعوت

الساعة 09:50 ص|08 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: مشكلة نتنياهو هي المصداقية، الشفافية، الاستقامة. ليس هكذا تدار خطوة دبلوماسية، ليس هكذا تواجه مشكلة مركزية في حياة الدولة - المصدر).

المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية هي درب طويل وملتو. ليست الحلوى هي علامات هذا السبيل بل الكثير من الدم، والكثير من  الورق. تلال من الورق. اطنان من الوثائق التي كتبت بين الطرفين ومن أجل الطرفين منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، ولا يوجد اتفاق سلام.

عندما توجهت حكومة اسرائيل في تموز 2013 الى اعادة بدء المحادثات مع السلطة الفلسطينية، اختار رئيس الوزراء نتنياهو انبوب حوار واحد، قناة واحدة، ملف وثائق واحد، اقام عليه المفاوضات. وكانت هذه المفاوضات السرية بين محامي نتنياهو ورجل سره اسحق مولخو وبين مقرب ابو مازن، حسين آغا.

لقد كان تعقيب نتنياهو على الوثائق التي نشرت أول أمس في ملحق السبت من « يديعوت احرونوت » مفزوعا، ولشدة الاسف، كان مصابا بخطيئة انعدام الحقيقة. كان يمكن لنتنياهو أن يقول ما قاله ايهود باراك وايهود اولمرت قبله، كل واحد بدوره: عرضنا على الفلسطينيين عروضا سخية، بعيدة الاثر، وهم لم يستجيبوا. لقد اثبت الفلسطينيون بانهم ليسوا شريكا. ولكن بدلا من ذلك يقول نتنياهو: هذا لست انا. انا لست مسؤولا.

كان يمكن ان  نتوقع من رئيس  الوزراء تعقيبا اكثر رسوخا بقليل، اكثر مصداقية بقليل.

المفاوضات السرية بين مولخو وآغا جرت في لندن على مدى فترة ولاية الحكومة السابقة. آغا، بروفيسور في جامعة اكسفورد، لبناني في أصله وعضو م.ت.ف، وهو احد الاشخاص الاكثر تشويقا في الطرف الفلسطيني. وكان نتنياهو فوض مولخو لتفعيل هذه القناة لانه اقتنع بان كلمة آغا هي كلمة ابو مازن – لهذه الدرجة هما قريبا. وقد اخطأ. عندما نضجت الاتصالات الى سلسلة من الموافقات في قسم من المواضيع الجوهرية اوضح ابو مازن بان ما اتفق مع حسين آغا لا يلزمه. وكان نتنياهو عالقا مع التزامات مولخو: ما كان يمكنه أن يدعي بان مولخو هو بروفيسور من الشتات يصيغ وثائق على خاطره. الجميع، الاسرائيليين، الفلسطينيين، الامريكيين – يعرفون بان كلمة مولخو هي كلمة نتنياهو.

آغا كان طعما. ونتنياهو كان الفريسة. اراد أن ينتزع الحد الاقصى من الالتزامات من ابو مازن، بينما يدفع بالحد الادنى من الالتزامات الاسرائيلية. فخرج العكس: نتنياهو، من خلال مولخو، وافق على تنازلات هامة، وابو مازن لم يوافق على اي شيء.

لقد وصف نتنياهو وثائق مولخو كـ « محاولة لتحقيق مسودة امريكية قلت مسبقا اني أعارض تلك البنود هناك التي ليست مقبولة من جانبي ». المفاوضات التي ادارها مولخو لم تكن مع الامريكيين، كانت مع من يعتبر في اسرائيل الممثل المخول من رئيس السلطة الفلسطينية. ومثل المحادثات التي ادارها ايهود باراك في كامب ديفيد، كان الامريكيون ورقة التين للتنازلات المتبادلة من الطرفين.

فهل نتنياهو كان يعتزم الوصول الى اتفق على اساس هذه المبادىء؟ اقدر ان لا. كان يقصد ان يثبت للامريكيين بانه جريء وبراغماتي، وبعد ذلك يدفن الورقة كيفما اتفق. هذه هي المشكلة الكبرى لنتنياهو في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، بما في ذلك العلاقات مع امريكا: لا مصداقية. المناورات مكشوفة جدا، معقدة جدا، وهي تنتهي بلا شيء.

الوثائق التي نشرت، توجد وثائق اخرى لا بد ستظهر في المستقبل – لا تقول ان نتنياهو وافق على تقسيم القدس. بالعكس: فهي تقول ان المدينة ستبقى موحدة. نتنياهو يهاجم الخبر على ما ليس فيه. ولكن في الذكر العمومي جدا والحذر لمسألة القدس في الوثائق قيل ان للفلسطينيين توجد مصالح في شرقي المدينة، ويجب التعاطي معها في سياق المفاوضات.

لمعسكر نتنياهو يوجد ادعاء آخر، ثقيل الوزن: هذه ليست سوى مسودة، سوى مفاوضات، وليس اتفاقا موقعا. ينبغي أن نضع هذا الادعاء امام الحملة التي شرع فيها نتنياهو ضد ادارة اوباما في مسألة النووي الايراني. هناك ايضا يدور الحديث فقط عن مفاوضات. فاذا كان شرعيا، بل وربما حيويا، التعاطي مع المفاوضات بينما هي جارية، اذا كان شرعيا كشف الفجوة بين خطابية الرئيس اوباما وبين التنازلات التي يقدمها وزير الخارجية كيري باسمه في سويسرا شرعي كشف الفجوة بين التنازلات التي كان نتنياهو مستعدا لان يقدمها سرا وبين خطابيته في الخارج.

مريح لرجال اليمين مثل ليبرمان وبينيت ان يعرضوا نتنياهو، على خلفية هذه القضية، كخروف في جلد ذئب، كحمامة تتخفى كنسر. دعونا من التشبيهات من عالم الحيوان. المشكلة هي المصداقية، الشفافية، الاستقامة. ليس هكذا تدار خطوة دبلوماسية، ليس هكذا تواجه مشكلة مركزية في حياة الدولة.