خبر ارتفاع حاد في استخدام وسائل التعذيب من قبل الشاباك

الساعة 06:39 ص|06 مارس 2015

فلسطين اليوم

بين تقرير إسرائيلي، يستند إلى مواد تحقيق ومعطيات وثائق من المحاكم العسكرية ومعطيات اللجنة ضد التعذيب أن هناك تصاعدا في استخدام وسائل التعذيب المختلفة من قبل محققي الشاباك، وخاصة منذ النصف الثاني من العام الماضي.

وأشار التقرير بداية إلى أنه بعد اعتقال محمد خطيب، الناشط في حركة حماس ف الخليل في حزيران (يونيو) 2014، بعد وقت قصير من اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة، تم تحويله إلى الشاباك ليتولى التحقيق معه. وأنكر خطيب أن يكون على علم بخطة الاختطاف أو بمكان منفذ العملية مروان قواسمي.

وتبين أن الشاباك قد استخدم التعذيب في التحقيق مع خطيب، ما يطلق عليه « تحقيق الضرورة »، أو بلغة قضاة المحكمة العسكرية في عوفر « تحقيق غير عادي » أو « وسائل خاصة ». وتحت ضغط التعذيب اضطر خطيب للاعتراف بأنه كان ضمن المجموعة التي نفذت العملية، وأن عمل كراصد للمنفذين ليلة تنفيذها.

واتضح لاحقا أن الاعترافات كاذبة وأنها انتزعت تحت ضغط التعذيب، وأن التحقيق أثبت أنه لم يكن « راصدا »، والدليل على ذلك أن لائحة الاتهام التي قدمت ضده بعد التحقيق لم تشر إلى أي دور له في العملية، فقد اتهم بأنه أطلق النار ذات مرة في الهواء في العام 2006، وأنه شارك في عدة مسيرات لحركة حماس.

وأشار تحقيق « هآرتس » إلى أن التحقيق الذي أجري مع خطيب هو جزء من توجه متصاعد في استخدام التعذيب من قبل محققي الشاباك، في التحقيقات التي أجريت بدءا من النصف الثاني من العام 2014. والإشارة هنا فقط إلى الحالات التي يلزم فيها محققو الشاباك بتقديم تقرير للمحكمة عن وسائل التحقيق التي تم استخدامها، لمساعدة القضاة في تقييم الأدلة التي انتزعت تحت التعذيب.

ونقلت الصحيفة عن أحد المحامين الذي مثل عدد كبيرا من المعتقلين، قوله إنه في الفترة الأخيرة يوجد ارتفاع ملموس في الملفات التي استخدم فيها التعذيب. وبحسبه فقد كانت هناك حالات معدودة في السنوات الأخيرة، ولكن حصل تغير ما، والتعذيب يستخدم اليوم في كل ملف كبير.

وأكد تحقيق « هآرتس »، استنادا إلى اصطلاب المعطيات من المحاكم العسكرية ومعطيات اللجنة ضد التعذيب، حيث تشير إلى ارتفاع ملموس في الشكاوى ضد العنف أثناء التحقيق. وفي العام 2014 قدم 23 فلسطينيا شكاوى ضد تعذيب الشاباك، بعضهم تعرض للتعذيب بأكثر من أسلوب. منها 5 شكاوى في النصف الأول من العام تتحدث عن منع النوم و3 شكاوى عن الضرب، ولم يكن بينها شكاوى عن أسلوب « الهز » وتقييد المعتقل بوضعية « الموزة » و« الضفدع ».

وفي النصف الثاني من العام 2014، كانت هناك 19 شكوى حول منع النوم، و 12 شكوى عن التعرض للضرب، و18 شكوى عن أساليب التقييد، و اثنتان عن استخدام أسلوب الهز. ما يعني 51 حالة في النصف الثاني من العام 2014 مقابل 8 حالات في النصف الأول.

وبحسب التحقيق الذي أجرته الصحيفة فإن عدد حالات التعذيب في العام الماضي وصل إلى 59 حالة، مقابل 16 حالة في العام 2013، و 30 حالة في العام 2012، و 27 حالة في العام 2011، و 42 حالة في العام 2010.

واستنادا إلى وثائق حصلت عليها « هآرتس » من المحكمة العسكرية في « عوفر »، تبين أنه في النصف الثاني من العام 2014 كان هناك 20 حالة تعذيب، على الأقل، والتي أقر بها الشاباك، في أربع قضايا مختلفة.

تجدر الإشارة إلى أن الشاباك يمنع نشر الوثائق التي تتحدث عن التعذيب، حيث تقدم الوثائق المفصلة للمحكمة، ويمنع المحامون من الحصول على نسخ منه، وإنما فقط الاطلاع عليها، ويتم الاحتفاظ بالوثائق في خزائن حديدية. ولفت التحقيق الصحفي إلى أن أحد المعتقلين قد ادعى أمام المحكمة بأنه تعرض للتعذيب، وكتب القاضي العسكري في قراره بعد الاطلاع على مواد التحقيق تبين أن المعتقل قد تعرض للتعذيب، وعندها سارعت النيابة العسكرية إلى الطلب منه شطب هذا التعبير.

كما لفت التقرير إلى أنه حتى العام 1999 تعرض للتعذيب آلاف الشبان الفلسطينيين سنويا. وفي أيلول (سبتمبر) من العام 1999، وفي أعقاب التماس، منعت المحكمة العليا استخدام التعذيب كأسلوب، ولكن القرار أبقى ثغرة للمحققين يمكن بواسطتها للمحقق أن يدعي أنه استخدم التعذيب للضرورة.

ونقل التقرير على مصادر في المحكمة العسكرية، اطلعت على وثائق الشاباك، أن الوثائق تتضمن تفاصيل وسائل التعذيب، بضمنها تغطية العينين لفترة طويلة، وإحاطة المعتقل بخمسة أو ستة محققين يصرخون في أذنيه لساعات، والاتكاء على جدار بينما تكون الركبتان محنيتين وإذا حاول المعتقل الجلوس يتعرض للضرب، ودغدغة أنف وأذن المعتقل بريشة، وصفعه على وجهه، وإجباره على الوقوف لساعات ويداه ممدودتان، والربط في وضعية الموزة. ووسائل أخرى.

وأشار التقرير إلى أنه بعد اختطاف المستوطنين الثلاثة، تعرض 10 معتقلين للتعذيب، غالبيتهم بعد العثور على جثث المستوطنين. وادعى الشاباك في حينه أن المنفذين، مروان قواسمي وعمار أبو عيشة، قد ينفذان عمليات أخرى، ولذلك يعتبران « قنبلة موقوتة ».

وفي قضية أخرى، وعندما كشف النقاب عن مجموعة كبيرة من حركة حماس تم تفعيلها من تركيا بقيادة رياض ناصر، تعرض 7 معتقلين للتعذيب، بمن فيهم ناصر نفسهم. وادعى الشاباك في حينه أن المجموعة خططت لانقلاب في الضفة الغربية، ولكن هذا الادعاء ظل دون أساس حقيقي. وتبين بعد الاطلاع على مواد التحقيق أن الشاباك والاستخبارات العسكرية بالغوا كثيرا في مدى خطورة المجموعة.

وتبين أيضا أن ثلاثة معتقلين فلسطينيين آخرين تعرضوا للتعذيب، بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال أفيغدور ليبرمان. وبعد الاطلاع على مواد التحقيق، تبين أن أحد عناصر المجموعة سافر ذات يوم (أثناء الحرب على غزة) في الشارع، وشاهد مركبة اعتقد أن ليبرمان بداخلها، وعندها قرر اغتياله. وتوجه إلى شخص آخر لشراء صاروخ لاو، علما أن المركبة لم تكن لليبرمان، ولم يكن هناك أي صاروخ. وفي حينه ادعى الشاباك أن تهديد شخصية تحت الحراسة يشرعن استخدام وسائل خاصة في التحقيق.

كما تناول التقرير التعذيب الذي تعرض له الأسير المحرر زياد عواد (أطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع حماس)، الذي اتهم بقتل باروخ مزراحي في العام 2014. وتبين بعد الاطلاع على مواد التحقيق أن التعذيب ليس فعالا دائما، حيث أن زياد لم يعترف بالقتل رغم التحقيق المكثف والمتواصل. واستندت لائحة الاتهام إلى بندقية عثر عليها في بيته، وتصوير أقمار صناعية لدراجة نارية، وشهادة ابنه.

وفي نفس ملف اختطاف المستوطنين وقتلهم، تم اعتقال عرفات قواسمي، الذي وفر المأوى لمنفذي العملية في الأيام الخمسة الأولى. واعتقل بعد العثور على جثث المستوطنين. ورغم أن عرفات لم يخف شيئا، وتحدث في التحقيق عن كل التفاصيل المعروفة له، إلا أنه تم تفعيل « الوسائل الخاصة » في التحقيق معه. كما أن خطيب، الذي اعترف بأن مهمته كانت الرصد. وبالنتيجة فإن أحدا من بين الذين حقق معهم في قضية اختطاف المستوطنين، باستثناء حسام قواسمي، لم يقدم أية معلومات ملموسة، حيث أن الشاباك وصل إلى مكان منفذي العملية استنادا إلى معلومات استخبارية حصل عليها.

وقال المحامي فادي قواسمي، الذي ترافع عن محمد خطيب، إن المحكمة العلاي اعتراف بالحاجة للتعذيب في حالة « القنبلة الموقوتة »، ولكن أحدا لا يعرف ما هو تعريف القنبلة الموقوتة، وما هو مستوى الشبهة التي تشرعن استخدام « وسائل خاصة » في التعذيب. ويضيف أن محققي الشاباك استغلوا الوضع الأمني، الذي نشأ بعد عملية الاختطاف، واستخدموا التعذيب حتى في الحالات التي لم تتعرض فيها حياة أحد للخطر.