خبر اتفاق التحلية والأمل الكبير- اسرائيل اليوم

الساعة 09:51 ص|05 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: سمدار بن آدم

خلال الاسبوع الماضي قامت اسرائيل بخطوة اخرى في الطريق الى خلق اتفاق اقليمي مع الدول العربية المعتدلة. هذا حدث بهدوء، تقريبا من تحت الرادار الاعلامي، قام سلفان شالوم بكونه وزيرا للتطوير ووزير البنى التحتية والطاقة والمياه بالتوقيع على اتفاق لانشاء « الناقل المائي » (قناة البحرين)، التي يتوقع أن تربط بين البحر الاحمر والبحر الميت، وهكذا فانه سيقوي ويعزز الارتباط بين اسرائيل والمملكة الاردنية.

كما يبدو، الحديث يدور عن مشروع تحلية جديد. صحيح أنه أكثر تعقيدا نوعا ما، نظرا لأنه يسحب 200 مليون متر مكعب من المياه من بحر واحد وينقلها الى داخل الحدود الاردنية بواسطة انبوب طوله 200 كم ويصبها في محطة موجودة في الطرف الشمالي من شاطيء البحر الميت. ويصب فيه المياه المتبقية بعد التحلية.

في الحقيقة يتم الحديث عن خطوة تدلل على الاعتراف بالمصير المشترك. ألا وهي الربط بين دول متعادية تربطها مصالح مشتركة من اجل تحقيق مصلحة السكان الذين يستصرخون طلبا للمياه على جانبي الحدود. تحلية، حيث أن المياه التي يتم استخراجها ستوزع بصورة عادلة بين الشركاء.

هذا الاتفاق الذي يجب عدم المبالغة في أهميته سيؤدي الى نهاية هذه الرواية الطويلة التي عمرها مئات السنين، التي تتعلق بالربط بين البحرين بهدف انتاج الطاقة والسياحة والمياه. الاشخاص أصحاب الرؤيا الذين فحصوا المبنى الجيولوجي للصدع السوري – الافريقي والبحر الميت وعرفوا المبنى الجيوسياسي، وخصوصا حاجة المنطقة للمياه، مثلت أمام أعينهم فرصة لمشاريع يمكنها أن تخدم الاهداف الاستراتيجية.

          البريطانيون أرادوا طريقا يلتف على قناة السويس في طريقهم الى الهند. آباء الصهيونية حلموا باحياء القفار وانتاج الطاقة الكهربائية. « في ارض قديمة – جديدة » عبر من حلم بالدولة، بنيامين زئيف هرتسل، بكلمات منمقة عن « الفكرة البسيطة – للافادة من هذا الفرق الهائل بين المنطقتين وجعله مصدرا للقوة... الطبيعية الثائرة والمحتلة، وتحويله الى تيار كهربائي، الذي يدخل داخل الاسلاك ويمر فوق الارض ويصنع منها جنة وواحة لناس كانوا قبل ذلك فقراء وضعفاء وجهلة ».

          خلال السبعينيات كانت كل اسرائيل متأثرة ازاء امكانية ربط البحر الابيض بالبحر الميت. تم اقامة لجنة يرأسها يوفال نئمان وتم فحص الخيارات، وتم قبول التوصية وبعدها اتخذ القرار لتنفيذ مشروع قناة البحرين، ومن ثم تم انشاء شركة « البحر المتوسط البحر الميت محدودة الضمان »، وتم اجراء الفحوصات الهندسية والاقتصادية المطلوبة. كل شيء توقف لسببين: الامم المتحدة اتخذت قرارا ينص على أن شق القناة يعارض القانون الدولي بسبب تأثيراته على الاردن، الشريكة في البحر الميت، والجدوى الاقتصادية كان مشكوكا فيها.

رفع المشروع عن جدول الاعمال القومي صاحبته ضجة اعلامية وخيبة أمل جماهيرية، التي سببها فهمهم أن ابحار جندولات رومانسية لن تكون جزءً من المنظر العام لدولتنا. الخط الجديد « الاحمر- الميت »، الذي نفض غبار الافكار القديمة للربط بين البحرين، يُظهر في الاساس التعاون الذي تم التعبير عنه للمرة الاولى في المؤتمر العالمي للتنمية في جوهانسبرغ الذي عُقد في 2002، وفيه عرضت اسرائيل والاردن معا فحص فكرة امكانية تنفيذ ما سمي في حينه « الناقل المائي » بطاقة تبلغ 1000 مليون متر مكعب.

بعد ثلاث سنوات توجه الاردن واسرائيل وباقي (الاطراف المستفيدة – طريقة اخرى لتعريف الفلسطينيين) بصورة مشتركة للبنك الدولي الذي أخذ على عاتقه قيادة وتمويل فحص الموضوع على كل الاصعدة، مع التركيز على التأثيرات البيئية.

          الامور المتبقية هي تاريخ من اللقاءات التي لا تحصى، والاقوال والفحوصات وتنقية الاجواء العكرة من اجل التوصل الى قرار موزون وصحيح بخصوص الشرق الاوسط الذي فيه « العجلة من الشيطان »: أن يتم تنفيذ المشروع الذي في مرحلته الاولى 10 بالمئة من طاقته المخطط لها، لكي يكون لدينا الوقت اللازم من اجل الفحص بعناية التأثيرات وأن نمضي قدما.

          ماذا سيكون لدينا هنا؟ من جهة تكون لدينا قضية الربح، ومن الجهة الاخرى الاعلام الذي يغذي الجمهور بالاشياء التافهة والخرافات بدلا من التحلية، ويغطي النقاط المضيئة التي تسبق العملية الصحيحة من اجل الوصول الى الاتفاق وخلق التفاهمات وان شاء الله السلام ايضا. هذا خسارة.