خبر حقائق حول تابع الأرض “القمر”

الساعة 08:41 م|02 مارس 2015

فلسطين اليوم

يعتبر القمر من الأجرام السماوية الأكثر سهولةً للرؤية في سماء الليل، حيث أن هذا التابع الطبيعي والوحيد للأرض يحوم فوقنا في السماء بوجهه المشرق ويستمر بالدوران حتى يختفي ظاهرياً لبضع ليالي ليعود ويظهر مجدداً بعد ذلك، وهذه الحركة الإيقاعية الدورانية كانت قد لعبت دوراً كبيراً في توجيه الإنسانية لآلاف السنين، فعلى سبيل المثال، يمكننا أن نرى أن التقويم الشهري يتوافق تقريباً مع الوقت الذي يستغرقه القمر للانتقال من مرحلة البدر إلى مرحلة البدر الآخر  الذي يليه.

قد تكون مراحل القمر والطريق الذي يسلكه في مداره بمثابة أسرار بالنسبة للكثيرين، فمثلاً، لماذا يظهر القمر لنا دائما الوجه ذاته؟ إن ما يحدث في الحقيقة هو أن المدة التي يستغرقها القمر ليدور حول نفسه تماثل تقريباً المدة التي يستغرقها ليدور حول الأرض، والتي هي حوالي 27.3 يوماً، لذلك فنحن لا نرى سوى وجه واحد له فقط، وهذا الوجه إما أن يكون لكامل القمر أو لنصفه أو لجزء صغير منه، وذلك تبعاً لما يعكسه القمر من ضوء الشمس، أي أن شكله الذي يظهر لنا يعتمد بشكل أساسي على موقعه بالنسبة إلى الأرض والشمس.

على الرغم من أن تابع الأرض (القمر) لا يتجاوز قطره الـ 2,159 ميل (3,475 كم) تقريباً، إلّا أنه أكبر من بلوتو، حيث أن حجمه يعادل 27٪ من حجم الأرض، وهذه النسبة أعلى من أي نسبة بين أي من الكواكب الأخرى وأقمارها، وهذا يعني أيضاً أن للقمر تأثير كبير على الأرض، وقد يكون القمر أحد الأسباب التي تجعل الحياة على سطح الأرض ممكنة.

كيف تشكل القمر؟

هناك نظريات مختلفة حول الكيفية التي تشكل فيها القمر، ولكن أحدث الأدلة تشير إلى أنه تشكل عندما أدى اصطدام ضخم حدث للأرض إلى انفصال بعض من أجزائها عنها، حيث تشير هذه النظرية بأن الاصطدام العملاق فصل المكونات الخام للقمر بعيداً عن الأرض البدائية المنصهرة وألقى بهذه المكونات في مدار الأرض، وتبعاً للعلماء فإن الجسم المرتطم كان يبلغ حجمه حجم كوكب المريخ تقريباً، والدليل الذي يدعم هذه النظرية هو أن الأرض والقمر متشابهان من حيث تكوينهما، وبحسب الباحثين أيضاً فإن هذا الاصطدام يجب أن يكون قد حدث بعد حوالي 95 مليون سنة من تشكّل النظام الشمسي، مع العلم أن النظام الشمسي يبلغ عمره الآن ما بقارب من 4.6 مليار سنة.

البنية الداخلية:

من المرجح أن تكون النواة الداخلية للقمر صغيرة جداً، أي لا تتجاوز 1 إلى 2% فقط من كتلة القمر، وبمحيط لا يتجاوز الـ420 ميل (680 كم)، كما أنه من المرجح أن يكون تكوينها الأساسي في معظمه من الحديد، ولكنها قد تحتوي أيضاً على كميات كبيرة من الكبريت وغيره من العناصر، وتصل سماكة قشرة القمر إلى حوالي 42 ميل (70 كم)، والجزء الخارجي منها عبارة عن صخور متكسرة ومختلطة، وذلك بسبب كل الاصطدامات الكبيرة التي تلقتها.

التكوين السطحي:

مثل باقي الكواكب الداخلية الأربعة للمجموعة الشمسية، نجد أن سطح القمر هو عبارة عن غطاء صخري بشكل أساسي، ونجد على السطح أيضاً العديد من الثقب والحفر التي الناجمة عن اصطدام ملايين الكواكب به منذ العديد من السنوات الماضي، ولأنه لا يوجد هواء على سطح القمر، فإن الحفر لم يتم ردمها.

تركيبة سطح القمر تتألف من حوالي 43% من الأكسجين، و 20% من السيليكون، و19% من المغنيسيوم، و10% من الحديد، و3% من الكالسيوم، و 3% من الألومنيوم، و0.42% من الكروم، و0.18% من التيتانيوم، و0.12% من المنجنيز، والجدير بالذكر أن المركبات المدارية كانت قد وجدت آثار للمياه على سطح القمر، والتي ربما قد تكون قد نشأت من أعماقه، كما أنها كشفت أيضاً عن وجود المئات من الحفر التي يمكن أن تؤوي المستكشفين الذين يريدون البقاء لمدة طويلة على سطح القمر.

الغلاف الجوي للقمر:

يمتلك القمر لغلاف جوي رقيق جداً، لذلك فمن الممكن لطبقة من الغبار أن تبقى بمكانها على سطح القمر دون أن يطرأ عليها أي تغيير لعدة قرون، وبدون وجود غلاف جوي سميك، لا يمكن للحرارة أن تبقى مستقرة بالقرب من سطح القمر، ولذلك فإن درجات الحرارة تتفاوت بصورة عشوائية جداً على سطح الكوكب، حيث يمكن لدرجات الحرارة على سطح القمر أن تصل في النهار على الجانب المواجه للشمس إلى 273 درجة فهرنهايت (134 درجة مئوية)، بينما تكون على الجانب المظلم منه-243 F (-153 C).

الخصائص:

متوسط المسافة بين القمر والأرض: 238,855 ميل (384,400 كم)

نقطة الحضيض (أقرب مسافة من الأرض): 225,700 ميل (363,300 كم)

نقطة الأوج (أبعد مسافة عن الأرض): 252,000 ميل (405,500 كم)

المدار وعلاقة القمر بالأرض:

إن جاذبية القمر تؤثر بقوة سحب على الأرض، مما يتسبب في ارتفاع وانخفاض يمكن التنبؤ به لمستوى سطح البحر، وهو ما يعرف باسم ظاهرة المد والجزر، ولكن هذه الظاهرة لا تقتصر على البحار فقط، فالمد والجزر يحدث أيضاً في البحيرات، والغلاف الجوي، وحتى داخل قشرة الأرض.

يمكن تعريف ظاهرة المد بأنها ارتفاع منسوب المياه إلى أعلى، أما الجزر فهو انخفاض منسوب المياه إلى الأسفل، يؤثر المد بشكل أساسي على جانب الأرض الأقرب للقمر بسبب الجاذبية، ويحدث ذلك أيضاً على الجانب الأبعد من الأرض عن القمر بسبب عزم القصور الذاتي للمياه، بينما يحدث الجزر بين هذين الجانبين.

إن قوة جذب القمر تؤثر أيضاً على سرعة دوران الأرض، حيث أنها تبطئ من دورانها، وهذا التأثير يعرف باسم كبح المد والجزر، وهذا يؤدي إلى زيادة طول اليوم الأرضي بنسبة 2.3 ميلي ثانية في القرن الواحد، كما أن الطاقة التي تخسرها الأرض يتم التقاطها من قبل القمر، وهذا يزيد من المسافة التي تفصله عن الأرض، مما يعني أن القمر ينجرف بعيداً عن الأرض بنسبة 3.8 سم سنوياً.

قد تكون جاذبية القمر هي المفتاح الذي جعل الأرض كوكباً صالحاً لتشكل الحياة عليه، حيث أن هذه القوة تعمل على تعديل درجة الميلان في الميل المحوري للأرض، مما أدى إلى جعل المناخ مستقراً نسبياً على مدى مليارات السنوات ووفر إمكانية ازدهار الحياة عليها، ولكن هذا لا يعني أن القمر لا يتأثر بكل هذه التفاعلات التي تجري بينه وبين الأرض، حيث أشارت دراسة جديدة إلى أن جاذبية الأرض جعلت القمر يتمدد إلى شكله الغريب في وقت مبكر من عمره.

خسوف القمر:

خلال الخسوف، يكون القمر متموضع على خط مستقيم أو شبه مستقيم مع الأرض والشمس، ويحدث الخسوف عندما تقف الأرض مباشرة بين الشمس والقمر، حيث ما يحصل هو أن ظل الأرض يسقط على القمر ويتسبب بهذه الظاهرة، والجدير بالذكر أن خسوف القمر لا يمكن أن يحدث إلّا عند اكتمال القمر، بينما يحدث كسوف الشمس عندما يقف القمر مباشرة بين الشمس والأرض، وحينها يسقط ظل القمر على الأرض ويغطي نور الشمس.

الفصول:

إن محور دوران الأرض يكون بشكل مائل بالنسبة لمداره حول الشمس (حوالي 23.5 درجة)، وهذا يعني أن نصفي الكرة الشمالي والجنوبي سيكون أحدهما أحياناً قريب من الشمس بينما يكون الآخر بعيداً عنها وأحياناً أخرى يحدث العكس فيصبح القطب القريب من الشمس بعيداً عنها بينما يصبح القطب البعيد عن الشمس قريباً منها وذلك اعتماداً على وقت السنة، وهذا يؤدي بدوره إلى تفاوت كمية الضوء التي يتلقاها القطبين مما يؤدي إلى تشكل الفصول، ولكن ميل محور القمر لا يتعدى الـ (1.5 درجة) تقريباً، وهذا يعني أن القمر لا يمتلك عملياً أي فصل، وإن بعض المناطق تبقى مضاءة بشكل دائم بأشعة الشمس، بينما تبقى الأماكن الأخرى مظلمة على الدوام.

البعثات الاستكشافية والأبحاث:

كانت بعض الشعوب القديمة تعتقد بأن القمر هو عبارة عن وعاء من النار، في حين كان يرى آخرون أنه عبارة عن مرآة تعكس سطح الأرض والبحار، ولكن الفلاسفة اليونانيين القدماء كانوا يعلمون بأن القمر هو عبارة عن كرة تدور حول الأرض تعكس أشعة الشمس،وكان عالم الفلك الكبير (غاليليو غاليلي) أول من استخدم التلسكوب لتدوين الملاحظات العلمية حول القمر، ووضع في عام 1609 ملاحظات تفيد بأن سطح القمر هو عبارة عن سطح جبلي قاسي من الصخور والمرتفعات، وقد كانت هذه الفكرة مخالفةً تماماً للمعتقدات الشعبية التي كانت سائدةً في عصره والتي تقول بأن القمر يمتلك لسطح أملس.

في عام 1959، أرسل الاتحاد السوفيتي أول مركبة فضاء إلى سطح القمر، وقامت بإرسال الصور الأولى للوجه البعيد من هذا الجرم السماوي، وفي عام 1969، نجح أول الرواد الفضائيين الذين أرسلتهم الولايات المتحدة في الهبوط على سطح القمر، وهذا كان بلا شك العمل الأكثر شهرة من الإنجازات التي قامت بها ناسا.

بعد ذلك تتالت البعثات التي تم إرسالها لسطح القمر من تسعينيات القرن الماضي وما تزال مستمرة حتى وقتنا الحالي، وقد كان آخر البعثات التي تم إطلاقها إلى القمر هي مهمة خاصة لدراسة القمر تم إطلاقها في عام 2014، لبحث ما قد يكون الخطوة الأولى في عملية التنقيب القمري.