خبر يجب صد التسونامي- معاريف

الساعة 10:18 ص|02 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ايلي أفيدار

          (المضمون: لا يجب انتظار فرض العقوبات الاوروبية على اسرائيل، لكن على الحكومة أن تبادر الى اتخاذ خطوات تمنع ذلك ولا تُبقي الطرف الآخر يلعب وحده في الحلبة - المصدر).

          حذرت وثيقة داخلية صادرة عن وزارة الخارجية مؤخرا بأن الضغط على اسرائيل سيشتد بصورة كبيرة بعد الانتخابات. ففي الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الاعلام بالمواجهة مع الامريكيين حول خطاب نتنياهو في الكونغرس، يبحثون في بروكسل في اتخاذ خطوات اخرى ضد المستوطنات – بدءً من وضع العلامات والتفتيش على المنتوجات وحتى الغاء الاعفاء من الفيزا للاسرائيليين الذين يسكنون خارج الخط الاخضر. من جهة اسرائيل هذا بيقين يشكل سببا للقلق.

          منذ بضع سنوات والاستعداد الاوروبي لممارسة الضغط على اسرائيل آخذ في التصاعد. قبل سنة ونصف نشر الاتحاد الاوروبي تعليمات جديدة تمنع الهبات عن مؤسسات اسرائيلية توجد في المناطق المحتلة. في الاشهر الاخيرة صادق عدد من البرلمانات الاوروبية ومنها البريطاني والفرنسي على قرارات رمزية تعترف بـ « الدولة الفلسطينية »، وتم تمرير قرار ملطف في البرلمان الاوروبي. وبصورة موازية، أدانت الدول الموقعة على اتفاق جنيف « الاحتلال الاسرائيلي ». اذا كان جزء من هذه الخطوات رمزيا فقط فان الاتجاه العام ينذر بالسوء.

          خلافا للرأي السائد في اسرائيل فان التهديد بفرض العقوبات الاقتصادية ليس موجها فقط نحونا. في الحقيقة يدور الحديث عن احدى الأدوات السياسية الشائعة في الاتحاد الاوروبي منذ تأسيسه، ليس الهدف هو التسبب بسقوط النظام، ولكنه محاولة للتدخل في السياسة الداخلية للدولة المستهدفة. العقوبات الاقتصادية هي طريقة رخيصة للرد على ضغط جمهور الناخبين « لفعل شيء ما » بشأن موضوع في أجندة الجمهور. الاستخدام المتصاعد لهذه الوسيلة هو نتيجة الاحباط الاوروبي من الفجوة بين القوة الاقتصادية الهائلة للاتحاد وبين تأثيره الهامشي على الجيوسياسية العالمية. منتقدو الاتحاد اعتادوا تشبيهه بـ « القزم السياسي » الذي يُجر وراء الولايات المتحدة ويخشى من ممارسة السياسة المستقلة حتى عندما يدور الحديث عن ازمات محاذية لحدوده. إن كثرة استخدام العقوبات تشهد على محاولة تحويل القوة الاقتصادية لاوروبا الى رافعة ضغط سياسي.

          أحد الامثلة البارزة على العقوبات الاقتصادية كان الخطوات التي تم استخدامها في سنة 2000 ضد صربيا في أعقاب الازمة في كوسوفو. لم يكن الهدف الدولة الصربية كلها، بل فقط نظام ميلوسوفيتش. تجديد آخر كان تشكيل « القائمة البيضاء » من الشركات الصربية المعفاة من العقوبات الاقتصادية والى جانبها « القائمة السوداء » التي تضم شركات وأفراد تسري عليهم العقوبات.

معظم العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الاوروبي طوال سنوات كانت بالتنسيق مع الولايات المتحدة، يوجد لهذه الحقيقة أهمية كبيرة من جهة اسرائيل. رغم أن سيناريو الدعم الامريكي العلني للعقوبات ضد اسرائيل غير معقول، فان الموافقة الصامتة أو حتى التشجيع من وراء الكواليس أمور لا يقبلها العقل وخصوصا على ضوء العلاقات العكرة بين رئيس الحكومة نتنياهو والبيت الابيض والرئيس اوباما.

          على الحكومة القادمة أن تتعامل بجدية كبيرة مع الاشارات القادمة من اوروبا. يمكننا الدفاع عن أنفسنا أمام العقوبات الاقتصادية، ولكن من الافضل منعها مسبقا. على الصعيد السياسي يجب على اسرائيل استخدام حلفاءها في الاتحاد الاوروبي من اجل احباط محاولات اخرى لخطوات عملية ضد اسرائيل. وفي نفس الوقت يجب عليها أن تحرك عملية سياسية جدية من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة واوروبا والدول العربية المعتدلة. ليس هناك تأكيد على أن الامر سيقود الى اتفاق مع الفلسطينيين، لكنه سيعمل بالتأكيد على احباط أي خطوة ضد اسرائيل، حتى أنه سيصعب من خطوات السلطة في الامم المتحدة ومؤسساتها.