خبر نتنياهو ليس مهتما حقيقة بالامن -هآرتس

الساعة 09:51 ص|25 فبراير 2015

فلسطين اليوم

نتنياهو ليس مهتما حقيقة بالامن -هآرتس

بقلم: أمير أورن

(المضمون: لو أن نتنياهو ليس مهتما حقيقة بالامن، كان عليه ان يسعى إلى دفع ايران إلى التخلي عن هدف ابادة اسرائيل كبند من الاتفاق الذري- المصدر)

ما يراه نتنياهو ك « اتفاق سيء » مع طهران يراه أوباما على أنه انعكاس مؤسف ولكن محتمل لواقع صعب. نتنياهو الذي لا يستطيع ان يبطل الاتفاق، نسي على ما يبدوا بعض الاشياء التي حدثت عندما كان  يحمل اسم  « بن نيتاي »

امريكي، ايراني، وامريكي من اصول اسرائيلية مكثوا في ذات الفترة في ذات المكان، بوسطن. جميعهم تعلموا في أم آي تي، المعهد التكنولوجي لماساشوتس. في هذه الايام اثنان منهما يقتربان من تحقيق اتفاق أما الثالث فيسعى إلى إفشاله.

الامريكي هو ابن لمهاجرين من البرتغال، هو البروفيسور في الفيزياء الذرية ارنست مونيز، وزير الطاقة في حكومة اوباما، وزراة الطاقة استوعبت داخلها وكالة الطاقة الذرية والوزير هو المستوى السياسي الاعلى في النطاق الذري. مونيز وصل إلى معهد أي ام تي باعتباره دكتور حديث العهد عام 1973. الايراني هو علي اكبر صالحي، رئيس مصلحة الطاقة الذرية الايرانية في نظام الثورة الاسلامية. وقد استكمل تعليمه في أم تي في للدرجة الثالثة في الهندسة الذرية من عام 1973 وحتى عام 1977. كان الشاه رضا فهلوي حينها يسعى إلى تحويل ايران الى قوة ذرية، للاستخدام السلمي وبعد ذلك لصناعة القنبلة الذرية، كما هو ملائم لقوة عظمى اقليمية مفتخرة وذات تطلعات.

الامريكي من اصول اسرائيلية، هو بن نيتاي، تعلم في ام اي تي في السنوات 1972- 1976. معلموه شهدوا بأنه كان تلميذا جيدا، مثابرا، ممنهجا. وبسبب كونه كان اكبر من ابناء جيله في الخدمة العسكرية بخمسة سنوات، فقد عمل على جسر الفجوة، ضاغطاً ذاته لتحصيل درجتين علميتين في اربع سنوات، في الهندسة والادارة العامة. وابتدأ كذلك في تحصيل المستوى الثالث في العلوم السياسية في جامعة هارفرد وفي ام آي تي. احد مشاريع التخرج التي قام بها لم تكف عن ملاحقة تفكيره منذ ذلك الوقت: الصحافة. مشروع التخرج هذا كان حوسبة الصحافة في مجالات جمع المعلومات ونشرها.

بعد عودته إلى اسرائيل عاد إلى اسمه الحقيقي بنيامين نتنياههو، شعر نيتاي بدافع لا يمكن ردعه لتحسين سيرة حياته. هو لم  يخدع، لا سمح الله، ولكنه بالغ. حول خدمته كقائد فصيل في سرية رئاسة الاركان كتب بأنه « تلقى علامة مميزة على ادائه العملياتي من قائد منطقة الشمال الجنرال موتي غور ». في الانجليزية بدا هذا اكثر انطباعا، إذ ترجم إلى « وسام ». ضباط أعلى درجة منه سخروا عندما سمعوا روايته. في الشمال، قالوا، اعتادوا توجيه كتاب تقدير اعتيادي لكل ضابط قام بمهمة بسيطة مجتازا الحدود دون الاصطدام مع العدو. هذه النفسية للاعتداد الذاتي، تكررت ثانية عندما تفاخر بأنه عندما كان سفيرا في الامم المتحدة في سنوات الثمانينات، كان « مقاتلا هجوميا على الجبهة الاعلامية ». كلماته المفضلة تحتوي على مثل ذلك: « مقاتل، جبهة، هجومي »، هو يستخدمها كذلك في المحادثة الشخصية.

صالحي، بشكل او بآخر، تقدم في المجال الاكاديمي والقيادي في كلا النظامين، نظام الشاه ونظام اية الله الخميني. بين فترتي رئاسته لمصلحة الطاقة الذرية تولى منصب وزير الخارجية مباشرة قبل محمد جواد ظريف. مونيز هو الآخر خلط العلم مع الحكم. اختطفه اوباما من الاحتياطي الديمقراطي، بعد أن تعين في البيت الابيض وفي وزراة الطاقة الامريكية إبان رئاسة بيل كلينتون.

خلال الاسبوع الحالي، اقترب كل من مونيز وصالحي وظريف ووزير الخارجية الامريكية جون كيري من التوصل إلى اتفاقية امريكية – ايرانية يسعى نتنياهو إلى افشالها. لولا معرفتنا بأنه يعمل من خلال دوافع سياسية وشخصية، على الرغم من مقدار معرفته وليس من قبيل جهله العلمي في الموضوع، كان من الصواب ان نقول انه مفتقر للدروس التي لم يتمكن نيتاي من الحصول عليها في حين واصل الصالحي ومونيز استكمال التعليم في جامعة أم آي تي.

الحاجز الاساسي الذي يحد من التوجه السريع لإيران نحو السلاح الذري، والخروج من المحطة التي لم تتجاوزها منذ سنوات، هو الرغبة السياسية. فالقيادة التي يتزعمها آية الله علي خامينائي، تفضل عدم دفع ثمن شلل قدرتها. وفي ذات الوقت هي ليست على استعداد للانسحاب من المحطة التي وصلت اليها وما يشمله ذلك من الاذلال الذي سيبدوا للعيان كخضوع.

اوباما، بموقفه المتفتح، يدرك ثلاثة وقائع اساسية: ايران ستوافق على محتوى محدود من التجميد، ولكن لن توافق على تفكيك المشروع، التحالف بين الدول العظمى ضد الذرة الايرانية هش ودعم الدول الخمس المشاركة في المباحثات لمطالبات امريكية اكثر تصلبا غير مضمون، والثالث هو أنه لن يجد خلفه جيشا ولا شعبا متحمسا وقابلا للدخول في حرب ضد إيران. الذي يقرأه نتنياهو على أنه « اتفاق سيء » هو من وجهة نظر اوباما انعكاس مؤسف ولكن يمكن احتماله لواقع صعب.

السياسة الخارجية الامريكية مضطرة للأخذ في الحسبان حلبات اخرى. مثلا في مواجهة روسيا واتي تتم بالتنسيق مع المانيا، فرنسا وبريطانيا – في الازمة الاوكرانية. وذلك من ضمن امور اخرى، الجمهوريون الذين يضغطون على الرئيس اوباما كي يتصلب في مطالباته في مواجهة ايران، هم ذاتهم لن يسمحوا له أن يدفع لروسيا مقابل ذلك بالعملة الاوكرانية كي يطلب موافقتها في الموضوع الايراني. تناقض؟ ليس عليهم القلق لأيجاد حل، هذه مشكلة الرئيس. هم فقط مشرعون ولا يهمهم ما يظنه فلاديمير بوتين بالكونغرس.

الاكثر إزعاجا لاسرائيل في موضوع الذرة الايرانية، هي طابع النظام. لو ان سلالة فهلوي عادت إلى السلطة في ايران، وتخلت عن التأسلم وعادت مرة اخرى إلى الحضن الغربي دون معاداة لاسرائيل، كانت الحكومات الاسرائيلية ستغض النظر عن السلاح الذري الايراني. اضافة إلى الخشية من نشوب سباق تسلح ذري، انقرة، الرياض، القاهرة – ولكن الخوف الوجودي كان سيتلاشى ويتلاشى معه التهديد الاسرائيلي لمهاجمة البنية التحتية الذرية الايرانية.

الفهلويون واقرباؤهم في الافكار، الاكثر ديمقراطية من طغيانية الشاه المرفوضة، لا يبدوا أنهم سوف يستعيدون السلطة في القريب، لكن اوباما يأمل ببناء جسر دائم لنظام حكم غير معادي للغرب و(لإسرائيل). يتنبأ اوباما انه خلال 10 – 15 عاما، وبناء على معطيات إعلامية واتصالاته مع خامينائي والرئيس حسن روحاني ورسلهم ظريف وصالحي، بأن ايران سوف تستقر على وضع مختلف، وفي حال تذاكى النظام وسعى لحيازة سلاح ذري بما يخالف التزاماته، سيكون سهلا على الرئيس القادم تجنيد الدعم الخارجي والداخلي لعملية عسكرية ضده.

منذ ان تنازل عن الاسم نيتاي وعاد لكي يكون نتنياهو، استوعب نتنياهو موضوعين ذوي اهمية عليا – التفاهمات مع البيت الابيض في الموضوع الذري منذ ريتشارد نيكسون وغولدا مئير في ايلول 1969، والاستعداد للعمل العسكري ضد ايران اذا اتخذ في الحكومة قرار كهذا. تصرفاته الفظة ضد اوباما تعرض نسيج التفاهمات الامريكية الاسرائيلية الحساسة  للخطر، (نتنياهو ليس على استعداد للمساومة حول تنازلات اسرائيلية مقابل تنازلات ايرانية) ويتجاهل القدرة المنسوبة للاتفاقية الجديدة على التقليص الكامل لقدرة ايران على مهاجمة اسرائيل، في حال نشوب نزاع. ولكن هذه القدرة ما زالت في طور الاحتمال، ولم يجر اختبارها في ظروف واقعية، ومع السنين ربما يتغير ميزان القوى لغير صالح اسرائيل.

وعليه، لو ان مصلحة اسرائيل هي التي قادت خطى نتنياهو، وليس للبقاء في الحكم، لم يكن سيختار المواجهة مع اوباما والتحالف مع خصومه الجمهوريين. كان سوف يسعى كي يتضمن الاتفاق اوباما – خامنئي تخلي تام من قبل إيران عن حلم ابادة اسرائيل، وهو الاقتراح المقبول على الكثير من رجال الامن، كما تشمل على موافقة اوباما على عملية عسكرية اسرائيلية ضد ايران اذا قررت اجهزة الامن في كلا البلدين بأن إيران اخترقت التزاماتها، وبأنهم يخدعون ويعملون على صناعة القنبلة – عملية اسرائيلية وليست أمريكية.

في مذكراته المضخمة، كتب نتياي / نتنياهو انه عاد في حرب يوم الغفران من أم آي تي للاحتياط لمدة 40 يوما. (اخوه، الضابط النظامي يوني، تحفظ حينها من تسرعه بالعودة من بوسطن). حتى دون ان ينهي مساق الدكتوراة في العلوم السياسية، كان عليه ان يدرك كم كانت اسرائيل قريبة من الهزيمة، وانها نجت من ذلك فقط بفضل المساعدة الامريكية – دون ان تطلب من الامريكان تعريض حياة جنودهم للخطر من اجل نجاتها. نتنياهو لن ينجح في تعطيل الاتفاق بين ايران والقوى العظمى، ولكن ما سوف ينتج عن محاولاته هو انه للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين من يساعِد ومن يُساعَد سوف يستدعى الجنود الامريكيون للمخاطرة في خوض حرب لا يقودها رئيسهم باعتباره القائد الاعلى للجيش، بل رئيس حكومة اسرائيل. هذه المحاولات الحمقاء المهيجة سوف تستمر لتثقل على اسرائيل زمنا طويلا بعد ان يغادر نتنياهو سدة الحكم.

*     *    *