خبر في ذكرى مذبحة الحرم..الشيخ عزام: العرب متخاذلون والفلسطينيون منقسمون

الساعة 07:49 ص|25 فبراير 2015

فلسطين اليوم

أكد الشيخ نافذ عزام عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الأربعاء، أن الذكرى الحادية والعشرين لمذبحة الحرم الإبراهيمي، تُذكر بالتخاذل العربي المتواصل مع استمرار الانقسام على الساحة الفلسطينية، في ظل صمود وثبات شعبنا.

ويُحيي شعبنا اليوم، ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي التي نفذها وقادها باروخ جولدشتاين الطبيب اليهودي في مدينة الخليل المحتلة، في  25 فبراير 1994، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، استشهد على إثرها 29 مصلياً وجُرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

وحيا الشيخ عزام في حديثه لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »، أرواح المصلين الشهداء الذين سقطوا في تلك الليلة، داعياً أن يتقبل الله منهم.

واعتبر الشيخ عزام، أن الأعوام الـ21 التي مرت منذ مذبحة الحرم الإبراهيمي، قد تميزت باستمرار صمود وثبات شعبنا وعدم تنازله عن حقوقه، رغم التقلبات التي حصلت، والأحداث الكبيرة والهامة، كاتفاق أوسلو وإنشاء السلطة ودخول الشعب الفلسطيني في مرحلة جديدة من المعاناة.

وتابع الشيخ عزام، أن الاحتلال « الإسرائيلي » استمر في سياسته العدوانية تجاه شعبنا الفلسطيني، لإجباره على الرضوخ، وظل مستمراً في عدوانه، رغم توقيع الأطراف الفلسطينية اتفاقات متعددة مع الاحتلال، لكن الشعب الفلسطيني لم يتأثر أو يتغير.

وحول الموقف العربي، أكد الشيخ عزام، أن مذبحة الحرم لم تكن الأولى أو الأخيرة، ولم يكن الموقف العربي قبلها أو بعدها مختلفاً، فالعرب منشغلون بقضايا كبيرة وأمور طرأت ولم يقوموا بدورهم حيال القضية الفلسطينية، ولا يتحركون لأجلها.

كما انتقد الشيخ عزام، استمرار الانقسام على صعيد الساحة الفلسطينية، وصعوبة الأوضاع بسبب الوضع الفلسطيني الداخلي.

مجزرة الحرم الإبراهيمي

دلَّ شيطان باروخ جولدشتين على أفضل مكان وزمان يوقع فيه أكبر عدد من الضحايا، وذلك في شهر رمضان في بيت من بيوت الله، لكثرة اجتماع الناس للصلاة في هذه الأيام، واتفق الخنزير باروخ جولدشتين مع بعض جنود الاحتلال على أن يمدوه بالسلاح اللازم في تنفيذ تلك المجزرة، مع توفير الحماية له من الخلف، وبالفعل في صلاة الفجر يوم الجمعة 15 رمضان سنة 1414هـ الموافق 25 فبراير عام 1994م، دخل باروخ المسجد الإبراهيمي والناس سجود لربهم جل وعلا والناس صوام.

وقد وقف جولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد، وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش على المصلين وهم سجود، فيما قام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة التي احتوت رصاص دمدم المتفجر، واخترقت شظايا القنابل والرصاص رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم، وراح ضحية المجزرة 29 مسلمًا مصليًّا صائمًا ساجدًا لله، في خير البقاع وخير الشهور وخير الصلوات، وأصاب العشرات بجروح من بين (500) مصلٍّ كانوا يتعبدون في الحرم الإبراهيمي، واستطاع باقي المصلين أن يفتكوا بباروخ جولدشتاين قبل أن يهرب بجريمته البشعة.

وعند تنفيذ المذبحة؛ قام جنود الاحتلال الصهيوني الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جثث شهداء المسجد، وقد راح ضحية المجزرة نحو 50 شهيدًا قُتِل 29 منهم داخل المسجد.

ولقد تردَّد أن أكثر من مسلح إسرائيلي شارك في المذبحة؛ إلا أن الرواية التي سادت تذهب إلى انفراد جولدشتاين بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهيمي، ومع ذلك فإن تعامل الجنود الصهاينة والمستوطنين المسلحين مع ردود الفعل التلقائية الفورية إزاء المذبحة التي تمثلت في المظاهرات الفلسطينية اتسمت باستخدام الرصاص الحي بشكل مكثَّف، وفي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيدًا فلسطينيًّا أيضًا في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها.

وبعد تنفيذه للمجزرة؛ دُفِن هذا الهالك جولدشتاين في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع، ولا يزال يعامله المستوطنون على أنه قديس؛ حيث أحرز قصب السبق بقتل العشرات من الفلسطينيين بصورة شخصية بالرغم من حصوله على مساندة الجيش والمستوطنين من أحفاد حركة كاخ المتطرفة، ويأتي آلاف المستوطنين من سكان البؤر الاستيطانية داخل وخارج البلدة القديمة في الخليل وهم يرقصون احتفالاً بهذا المجرم، وقد تحوَّل قـبر جــولدشتاين إلى مزار مقــدَّس للمسـتوطنين الصهـاينــة في الضـفة الغربية!(2).

رد الفعل تجاه مذبحة الحرم الإبراهيمي

لقد لاقت مذبحة الحرم الإبراهيمي تأييدًا من الغالبية العظمى في الكيان الصهيوني، وعندما سئل الحاخام اليهودي موشي ليفنغر عما إذا كان يشعر بالأسف على من قتلهم غولدشتاين، ردَّ قائلاً: « إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة ». (ذكر ذلك الكاتب اليهودي يسرائيل شاحاك في كتابه الشريعة اليهودية).

هذا ويعتبر اليهود جولدشتاين بمثابة قديس، كما وجعلوا من قبره مزارًا، وقد خصص الكيان الصهيوني عددًا من جنود حرس الشرف الذين يؤدون له التحية العسكرية كل صباح وإلى يومنا هذا.

ويقول الكاتب اليهودي شاحاك -في كتابه المذكور- أن الشريعة اليهودية (هالاخا) تطالب في الحقيقة كل يهودي القيام بنفس ما قام به غولدشتاين، ولدعم ما يقول فقد ساق في كتابه كلمات الحاخام دوف ليور الذي وصف فيها جولدشتاين بالمؤمن التقي، وأن ما فعله كان من أجل الرب وباسمه(3).

ولما هاجت البلاد والشعوب المسلمة وقامت المظاهرات في شتى أنحاء البلاد، ولكن انفضَّ كل شيء بعد ذلك، وذهبت دماء الضحايا هباءً وتحجَّج الكيان الصهيوني بأن باروخ جولدشتاين هذا كان مجنونًا يعالج نفسيًّا وغير مسئول عن أفعاله، وهكذا يتم استغفال الشعوب وخداعهم بفضل وسائل الإعلام المنحازة التي لا تعرف الحقيقة إلا من خلال المنظار الصهيوني فقط.

لجنة العار (لجنة شمغار)

وفي نفس اليوم تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية وقد بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المصادمات مع جنود الاحتلال 60 شهيدًا وللعمل على تهدئة الوضع، عيّنت حكومة الإرهاب الصهيونية لجنة لتقصي الحقائق أطلق عليها اسم لجنة (شمغار)، وقد ضمت عددًا من الشخصيات الصهيونية ومؤسسات إنسانية أخرى، وقد خرجت اللجنة بعد عدة أشهر على تشكيلها بقرارات هزيلة تدين الضحية، وبعد إغلاق البلدة القديمة في الخليل لأكثر من ستة أشهر تم تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين يسيطر اليهود فيه على القسم الأكبر فيما يخصص جزء منه للمسلمين، ويستخدم المستوطنين المسجد بكامله خلال الأعياد الصهيونية ولا يسمح فيها برفع الآذان في الحرم أو دخول المصلين المسلمين.

نتائج مذبحة الحرم الإبراهيمي

كان لمذبحة الحرم الإبراهيمي نتائجها وآثارها السيئة على الفلسطينيين، فبعد المجزرة تعطلت الحياة الفلسطينية العامة في العديد من الأحياء والأسواق القديمة، ومنها سوق الحسبة والذي استولى عليه المستوطنين كليًّا، والسوق القديم (العتيق)، وسوق القزازين وخان شاهين وشارع السهلة والشهداء، وشارع الإخوان المسلمين، وشارعي الشلالة القديم الذي يحتوي على السوق الأهم في المدينة، وشارع الشلالة الجديد وسوق اللبن وطلعة الكرنتينا وغيرها.

وهناك حالة إرباك شديد في المدارس الفلسطينية التي تقع داخل البلدة القديمة في الخليل، والتي يصل تعدادها إلى أكثر من 30 مدرسة؛ حيث يتم تعطيل الدراسة فيها خلال الأحداث التي تشهدها المدينة وخلال أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون وخلال عمليات فرض نظام منع التجول، وتمنع سلطات الاحتلال وصول المدرسين خلال تلك الأحداث، وتعتدي على عدد غير قليل منهم حتى خلال الأيام التي تتسم بالهدوء.

وخلال السنوات العشر الماضية عمل المستوطنون الصهاينة -الذين تدعمهم جمعيات صهيونية خارج وداخل فلسطين المحتلة- على خلق واقع ما يسمى التواصل الإقليمي بين البؤر الاستيطانية ومستوطنة كريات أربع؛ حيث لا يستطيع المواطن الفلسطيني استخدام هذه الشوارع والأسواق لقضاء مهماته وحاجياته كما كان سابقًا.

كما تمنع سلطات الاحتلال المصلين من التوجه لأداء الصلاة في أكثر من 20 مسجدًا في البلدة القديمة أثناء عمليات الإغلاق، فيم تم إغلاق عدد منها إغلاقًا تامًا كما حدث مع مسجد الأقطاب داخل السوق القديم.