خبر درس في الاستراتيجية الرخيصة- معاريف

الساعة 11:45 ص|24 فبراير 2015

فلسطين اليوم

بقلم: حاييم آسا

 (المضمون: توجد استراتيجيتان، استراتيجية رخيصة تجلب المقاعد وتضر بالامن، واستراتيجية بديلة لا تجلب المقاعد لكنها تحافظ على الأمن والعلاقات الاستراتيجية، ويبدو أن نتنياهو اختار الاستراتيجية الاولى - المصدر).

 

          ايران هي موضوع خطير لوجود اسرائيل. إن مواجهة الذرة الايرانية تقتضي التعمق والحذر. ليس هناك لدى أي شخص شك بأن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي يمكنها جعل ايران توقف تسلحها النووي، وفي السياق السياسي والاقتصادي. لا يوجد شك بأن على اسرائيل بناء قوتها المستقلة في السياق الايراني، وبالمفهوم الهجومي والردعي، وبالمفهوم الدفاعي.

 

          كل عاقل يفهم أن السياق العسكري مهيأ فقط لسيناريو « الخيار الاخير ». لهذا ليس هناك خلاف بأن على اسرائيل أن تُهييء قوتها لسيناريو « الخيار الاخير » من جهة، ولكن في المقابل عليها أن تعمل كل ما في استطاعتها من اجل وقف التسلح الايراني باسلوب سياسي أو اقتصادي (عقوبات اقتصادية) – المجالات التي تعمل فيها الولايات المتحدة بصورة وحيدة. اذا وافقنا على هذه الافتراضات، فانه يوجد أمام القادة الاسرائيليين خياران استراتيجيان كل منهما يناقض الآخر. الخيار الاستراتيجي الاول: التعاون مع الولايات المتحدة على فرض أنها هي التي تقود المواجهة مع هذا التحدي في المجال السياسي والاقتصادي. القدرة العسكرية الامريكية معروفة للايرانيين.

 

          الخسارة في اختيار هذا الخيار الاستراتيجي: الهدوء والسرية. ليس هناك امكانية حتى للحصول على ربع مقعد مع هدوء كهذا. يمكن تسمية هذه الاستراتيجية استراتيجية رسمية « فاخرة ». الربح هو العلاقة المباشرة والداعمة بالرئيس الامريكي. الاستراتيجية الثانية « الرخيصة » وهي معاكسة للاولى: اسرائيل تضع نفسها أمام التحدي لمنع ايران من أن تصبح دولة نووية وذلك بصورة علنية ومكشوفة، من خلال التصريحات والبيانات في كل مناسبة، وربط أي حادث بعيد وهامشي بايران، سواء كان يرتبط بها أم لا. الربح من هذه الاستراتيجية الرخيصة واضح: انتاج علامة مميزة رفيعة أمنية. السيد أمن في أعين الجمهور، الذي لا يعرف التفاصيل، ولا يعرف عما يدور الحديث. بكلمات اخرى تقريبا تشرتشل. آلة لجلب المقاعد في الانتخابات من جهة، ولكن بثمن الشرخ مع القيادة الفعلية (اوباما)، عزلة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبهذا مس معين بالامن القومي.

 

          ازاء ذلك ماذا انتخبت القيادة الاسرائيلية؟ معروف لنا جميعا. اذا قام الامريكيون بانهاء الموضوع كما ينبغي، فان ذلك بفضل الضجة التي أثرناها، وإلا فقد قمنا بالتحذير المتواصل، لأننا نفهم المخاطر في الشرق الاوسط كما لا يفهمها أحد. الربح الانتخابي في جميع الاحوال.

 

          كذلك الامر بالنسبة لسفر رئيس الحكومة الى واشنطن، نفس المبدأ في اختيار الاستراتيجية الرخيصة غير الفاخرة: قيمة صفر للامن القومي (من اقتنع بأن خطاب 10 دقائق أمام الجمهوريين في الكونغرس سيؤثر على أي شيء، عليه اعادة تفكيره)، بثمن استمرار تدهور العلاقات مع الرئيس الامريكي. نفس النموذج. ضجة. سرقة الاجندة الجماهيرية في اسرائيل. وأكثر من ذلك أنه يقول بوقاحة إنه هو الذي أوقف ايران. من هو هرتسوغ؟ لفني؟ لبيد؟ كحلون؟ ما لهم ولايران؟.

 

          كُتاب الأدب الرخيص يعملون وفقا لنفس النموذج. الربح الفوري، الجنس الاصفر. جزء من الجمهور يحب ذلك ويشتري، في حين أن كاتب الأدب غير الرخيص جائع ومُفلس.

 

          لا يهمنا أن يكون هناك أدب رخيص، لكن استراتيجية رخيصة في الشأن القومي هي أمر غير محتمل. من غير المحتمل أن نفكر أن ذلك الذي يختار الأدب الرخيص هو كاتب كبير، كما أنه من غير المحتمل أن نرى في نتنياهو السيد أمن.