خبر فخ الذاكرة .. فكّر مرتين قبل العبور من الباب

الساعة 06:58 م|20 فبراير 2015

فلسطين اليوم

هل لاحظت أنك تنسى أحياناً ما الشيء الذي ذهبت لتأتي به من المطبخ، على الرغم من كونك قد قمت خصيصاً لإحضاره؟

وجدت دراسة حديثة في علم النفس أن المرور من الباب يمكن أن يمسح جزءاً من الذكريات.

بشكل عام، تؤثر البيئة بعمق على قدرتنا على التذكر، فحتى التفاصيل البسيطة واليومية مثل الخروج أو الدخول من الباب يمكن أن تمحي من دماغنا ذكريات كانت قبل قليل فقط واضحة جداً؛ وليس عبور الباب فقط يمكن أن ينسينا، فهناك أصوات معينة وجمل محددة تحمل التأثير نفسه.

وفي دراسة أجراها باحثون في علم النفس بجامعة “نوتردام” الأمريكية، ونشرت في مجلة علم النفس التجريبي (Quarterly Journal of Experimental Psychology)، قام الباحثون بإدخال مجموعتين من الأشخاص داخل غرفة كبيرة، وطلب من المجموعة الأولى التجول داخل الغرفة بشكل حر في حين أن الغرفة فارغة، في حين قامت المجموعة الثانية بالتجول داخل الغرفة نفسها وهي مليئة بالمعيقات من الأثاث، الأمر الذي جعلهم يتصورون الغرفة كحيز غير متواصل على عكس المجموعة الأولى.

بعد ذلك، قام الباحثون بعرض 10 صور غريبة على جميع المشاركين، وطلبوا منهم إغلاق عيونهم وتخيل أنفسهم يتجولون في الغرفة مرة أخرى؛ وبعد أن فتحوا عيونهم طلب الباحثون منهم تذكر الصورة التي عرضت عليهم قبل تجربة التخيّل، وهنا وجد أن المجموعة التي تجولت في غرفة مليئة بالمعيقات لم تنجح بتذكر عدد كبير من الصور، على عكس المجموعة التي تجولت في غرفة فارغة ثم تخيلت هذه الجولة.

الأمر الذي اعتبره الباحثون مفاجئاً؛ هو أن النسيان حصل حتى عندما تخيّل المشاركون عبورهم في غرفة معيقة، وليس فقط عندما مرّوا بالتجربة بشكل فعلي؛ أي أن مجرد تخيلك المرور بالباب قد يؤدي لفقدانك جزءاً من ذاكرتك، وليس المرور الحقيقي فحسب.

ليس هذا الغريب في الدراسة فقط بل هناك ما هو أغرب، لنفترض أن هناك من يحدثك قصة عن كلب وصاحبه، ويفصل لك الأحداث بالتسلسل وفجأة يقول: “وبعد مرور ساعات عديدة” ليكمل سرد القصة، استخدامه لهذه الجملة الانتقالية المختصرة للزمن له تأثير على جودة الذاكرة مثل تأثير “عبور الباب”.

أي أن استخدام الجمل التي تحدد الزمن داخل قصة يفعل فعل المونتاج في الأفلام عند الانتقال من مشهد إلى آخر، وتحتاج لتذكر الأحداث الوقوف للحظات لاسترجاع الفلم من بدايته، ويرى الباحثون بأن هذه النتائج تبيّن أن آلية عمل المخ الدقيقة جداً تتفعل من دون أن نعيها أو ندركها في اللحظة ذاتها، وأن التفكير في آلية التفكير هي ما قد يمكننا من الانتباه لطريقة عمل دماغنا.

وهنا يذكر الباحثون أن هذا البحث يستند على دراسات سابقة أجريت لطريقة عمل الذاكرة، وجاء فيها أن دماغنا يسجل الذكريات بشكل مقاطع غير متصلة مثل حركة، وأن المرور بين مقطع وآخر يشبه حركة “CUT” التي يقوم بها المخرج في أثناء تصوير فلم.

وبين المشاهد التي تسجلها الذاكرة هناك لحظات قصيرة جداً تسمى (أفق الحدث -Event Horizon) وهي الرابط بين لقطات الذاكرة المختلفة والتي يقطعها “المرور من الباب” ما يؤدي إلى ضياع اللقطة السابقة. إذن، اعتماداً على هذه الدراسة، لا داعي للقلق عند نسيان ما عزمت على فعله أو إحضاره أو قوله توّاً، ويكفي أن تذكر نفسك بأن دماغك تلقى أوامر من البيئة بأرشفة المشهد السابق والانتقال لمشهد جديد، تماماً كالمخرج السينمائي.