خبر « العصر الذهبي » لهجرة اليهود إلى « إسرائيل » انتهى

الساعة 05:29 م|20 فبراير 2015

فلسطين اليوم

انتهى « العصر الذهبي » للهجرات اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية، ولن يكون بيد الحكومة الإسرائيلية جذب يهود أوروبا إلى « اسرائيل »، في مخططها الذي أطلقت عليه اسم « خطة الطوارئ ».

وناقشت الحكومة الإسرائيلية مطلع الأسبوع الجاري ما وصفته بـ « خطة الطوارئ »، التي أُعِدت لاستقطاب آلاف العائلات اليهودية من فرنسا وأوكرانيا وبلجيكا، وذلك ضمن حملات توسيع الاستيطان بالأراضي الفلسطينية.

ووفق ما نشرت صحيفة « يديعوت أحرونوت » العبرية، فإن عملية استقطاب لآلاف اليهود من تلك الدول ستبدأ خلال العام الجاري 2015، بهدف استغلال طبيعة الظروف والأحداث التي جرت وتجري في تلك الدول لإقناع اليهود بالهجرة منها إلى الأراضي المحتلة.

وخصصت الحكومة الإسرائيلية نحو 180 مليون شيكل لهذه الغاية، ومن المتوقع أن يتم المصادقة على هذه الخطة من قبل رئيس الحكومة وما يسمى بوزير الهجرة في الحكومة.

طفرات الهجرة

ويؤكد الباحث في شئون الهجرة اليهودية لفلسطين جورج كريزم أن ميزان هذا النوع من الهجرة « أي الهجرة اليهودية من الخارج إلى الأراضي الفلسطينية » اتسم بالسلبية في سنوات العقد الأخير.

وفي حديثه ، يشير أولاً إلى الطفرات الزمنية الأهم في الهجرات اليهودية الاستعمارية للأراضي الفلسطينية، والتي تركزت في 3 طفرات، الأولى: إبان الحكم النازي لفلسطين في الثلاثينات، والثانية في أعقاب النكبة الفلسطينية عام 1948.

ويقول « خلال السنوات الأولى التي أعقبت النكبة وإقامة الكيان الإسرائيلي وتحديدًا في الخمسينات، جاء مئات الألاف اليهود إلى فلسطين من دول عربية كالعراق واليمن والمغرب والجزائر، وهي دول كانت ترزح تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي ».

ويضيف الباحث « ولكن الطفرة الأخيرة والأضخم في الهجرة اليهودية جاءت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة ».

« ونظرًا للطابع العدواني الاستعماري للهجرات اليهودية لأراضي فلسطين، فإن كل موجة كان يلازمها مجازر بشرية جديدة ضد الشعب الفلسطيني، ومحاولات طرد وتشريد لأهلها ».

وفي بحث أعده عن الهجرة اليهودية مؤخرًا، يفيد كرزم أن الحركة الصهيونية تمكنت ومن خال استثمارها لعلاقاتها وتحالفاتها الدولية، من جذب 550 ألف يهودي حتى تاريخ إعلان إقامة « اسرائيل » عام 1948.

ومنذ عام الـ48 وحتى عام 2012 تمكنت الحكومات الإسرائيلية من جذب حوالي 3 ملايين و100 ألف يهودي إلى الأراضي الفلسطينية، وقد وصل معظمهم في الطفرتين الثانية والثالثة، المذكورتين أعلاه.

ولكن الباحث يؤكد أن موازين الهجرة اليهودية للأراضي الفلسطينية أو كما تسمى إلى « اسرائيل »، تغيرت ولم يعد هناك أي عوامل تجذب اليهود إلى الإتيان من دول أوروبا وأمريكا الشمالية إليها.

ومما جاء في بحثه، فإنه وفي عام 1999 بلغ عدد المهاجرين اليهود لفلسطين 77 ألف، وانخفض في عام 2000 إلى 60 ألف، ثم 34 ألف عام 2001، وهبط إلى 2002 إلى 33 ألف.

ويبلغ عدد اليهود في العالم 14 مليون شخص، 43% منهم في فلسطين، أي 6 ملايين يهودي، وهو عدد مبالغ فيه في المعادلات الإحصائية الإسرائيلية، وهنا يكشف الباحث أنه يتم إحصاء المستوطنين مرتين، مرة في مناطقهم التي خروجوا منها داخل « اسرائيل »، والثانية في المستوطنات التي يعيشون.

 ويذكر أن عدد اليهود في فلسطين قد لا يتعدى الـ5 مليون ونصف.

انعدام الأمن بـ« اسرائيل »

وشكّلت فترة أواسط عام 2000 علامة فارقة في تاريخ العسكرية الإسرائيلية، بعد هزيمة « اسرائيل » في لبنان وانسحاب قوات جيشها من هناك في أيار من ذلك العام، إضافة لانتفاضة الأقصى.

ويكمل « وبهاذين الحدثين انتهى العصر الذهبي للهجرات اليهودية لفلسطين، ولا تعدو الخطط التي تعلنها الحكومات الإسرائيلية المتعاقدة لمحاولة جذبهم، سوى مخططات فاشلة.

وأيضًا-يذكر الباحث- فإن يهود أوروبا يتمتعون بمستوى من الرفاهية والدخل في الدول التي يقيمون فيها بمستوى أعلى بكثير مما هو داخل »اسرائيل.

كما أن مستوى الأمن هناك-بالرغم من الهجمات الأخيرة التي استهدفت كنس يهودية- لا يُقارن بمستوى الأمن المعدوم في « اسرائيل »، والذي لم يعد هذا الكيان توفيرها للإسرائيليين الموجودين أصلاً فيه.

هذا بالإضافة إلى الهزائم التي لا تزال تتجرعها « اسرائيل » على حدودها مع لبنان وغزة، وعدم قدرتها على ردع أي من الجبهتين، وفق ما يرى كرزم.

وكما يقول « ولذلك فإن خطة الطوارئ هذه التي يتحدث عنها نتنياهو ويدعو إليها، فاشلة، لأن هناك عوامل طرد لهذه الهجرة، تمنع اليهود من الاستجابة لها، وذلك بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وحالة اللا سلم واللا حرب التي تحياها الأراضي الفلسطينية ».

ومقابل عوامل الطرد القوية لليهود من الأراضي الفلسطينية، فإنه-وفقًا للمراجع الإسرائيلية كما يؤكد الباحث- أصبحت عوامل الجذب ضعيفة جدًا، وتصطدم بمعطيات كثيرة وهي عوامل الطرد في دول أوروبا وأمريكا الشمالية، التي يقيم فيها اليهود.

وحاولت « اسرائيل » في أعقاب حادثة « شالي إيبدو » الفرنسية استغلال هذا الحادث وغيره من الحوادث التي تقع في مناطق مختلفة من العالم بهدف استقطاب آلاف المستوطنين، بادعاء توفير الأمن لهم، وتقديم الكثير من التسهيلات والمشجعات المالية وغيرها.

استجابة بطيئة

ويقول الخبير في الهجرة السكانية في الداخل المحتل سعيد سليمان إنه -وبحسب هيئات إسرائيلية له صلة بها- فإن أوضاع اليهود في أوروبا لا تبعث بالاطمئنان، بسبب العدائية من هذه الدول تجاههم.

ويضيف في حديثه لوكالة صفـا « وعلى هذا الأساس سوف يتم استجلاب اليهود في الخطة المذكورة ».

وعن تأثير هذه الخطة على الواقع الديمغرافي لفلسطينيي الداخل، يقول « إن عدد اليهود في الداخل أكثر من عدد الفلسطينيين، حيث يشكل فلسطينيو الـ48 ما نسبته 20% من إجمالي عدد السكان ».

ويستدرك « بالرغم من انخفاض هذه النسبة، إلا أنها تشكل مبعث قلق لإسرائيل، ومن أجل ذلك هي تمضي حكوماتها في خططها لمحاولة استجلاب المزيد من اليهود لتغيير الواقع الديمغرافي راسًا على عقب ».

وفي دراسة حديثة لسليمان لم تنشر بعد، فإن من بين نتائجها انخفاض عدد المواليد بين فلسطينيي الداخل، وذلك بسبب أوضاعهم الصعبة من بطالة وتدني لمخصصات التأمين الصحي للأبناء، وكل هذا بسبب سياسة الإفقار التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية- تجاههم« .

وبالرغم من هذه النسبة العددية المتدنية -لفلسطينيي الداخل- إلا أنها لا تزال تشكل خطرًا بالنسبة لـ »اسرائيل« ، ولذلك فهي ستمضي في خططها لاستجلاب اليهود، وفق الخبير.

رفض اليهود

ويلتقي كرزم وسليمان في التشكيك القريب من الجزم بأن لن يكون بيد الحكومات الإسرائيلية، القدرة على جذب اليهود إلى »اسرائيل« .

ويعتقد سليمان أن استجابة يهود أوروبا لهذه الخطة، من الممكن أن تكون بطيئة، في حال كان هناك استجابة، فيما يقول كرزم »إنه وحتى لو جلبت اسرائيل فلن تجلب أكثر 5 إلى 7 ألاف يهودي، وهو ما لا تأثير له على الوضع الديمغرافي« .

وفي النهاية، فإن مواقف العديد من يهود دول أوروبا يؤكد ما ذهب إليه الخبيران، حيث أعلنت الجالية اليهودية في الدانمارك رفضها دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للهجرة إلى »إسرائيل« عقب هجومي كوبنهاغن السبت، استهدف أحدهما كنيسًا يهوديًا، بالتزامن مع مصادقة الحكومة الإسرائيلية على خطة لتشجيع هجرة اليهود من ثلاث دول أوروبية.

وقال المتحدث باسم الجالية اليهودية جيب جوهل »نحن يهود دانماركيون ولكننا دانماركيون« ، مضيفا أن »الإرهاب لن يكون هو السبب الذي يجعلنا نذهب لإسرائيل".