خبر تحقيق في الانتظار .. معاريف

الساعة 10:16 ص|20 فبراير 2015

بقلم

(المضمون: يقترح الكاتب، رغم الاشكالية في اقتراحه، أن يتم سن قانون في الكنيست يمنع اجراء التحقيق ضد سياسيين أو احزاب مرشحين للانتخابات للكنيست - المصدر).

تخيلوا أن طريق حياتكم أهلكم لوظيفة كبيرة في منظمة مؤثرة ومحترمة. توجهتم الى مركز أو تم تقديم توصية لكم من قبل لجنة اقتفاء الأثر واخبروكم بأنكم حظيتم بالوظيفة المأمولة جدا. لقد تحقق حلمكم. قبل يومين من تسلمكم الوظيفة، احد المتنافسين الذين لم يحظوا بالوظيفة تقدم بشكوى لمدير القوى البشرية في المنظمة، يقول إنه علم من شائعة انه في مكان عملكم السابق تم اتهامكم بالفساد، مخالفة أمانة المهنة أو تحرش جنسي.

في ظروف الشكوى وجد الآن حاجة لفحصها، وظيفتكم جمدت ورؤساء المنظمة يطلبون من ضابط الامن فحص صحة الامور. الان تمر الايام، وفحص ضابط الامن طال، هناك حاجة لاشغال الوظيفة المجمدة. للأسف الشديد يعين رئيس المنظمة شخص آخر للوظيفة. بعد اسبوعين يصل ضابط الامن مع نتائج التحقيق: اتضح أن رسالة الشكوى هي رسالة فارغة لا اساس لها، دفعتها دوافع غريبة. انتم في الحقيقة تطهرتم من كل تهمة لكن الوظيفة المأمولة خطفت وخسرتموها الى الابد.

هذا كما هو مفهوم سيناريو وهمي لكن حوله يمكننا أن نبني عشرات السيناريوهات بألوان الرمادي والاسود، لكنه يحدث كل يوم في عالمنا، ايضا في حياتنا العامة والسياسية. تحقيقات وفحوصات في الاوقات الحاسمة من شأنها أن تربك وتشوش وتضر اضرار يصعب اصلاحها، وحتى بعد أن يتضح انه لم يكن في تلك الشكوى شيء، وربما كان فيها أقل كثيرا مما وصف، فليس بالامكان ازالة الظلم.

قد يوجد شيء من عدم المنطق والعدل في اجراء تحقيق وفحص في شؤون السياسيين والاحزاب في فترة الانتخابات. نظرا لان النشر احيانا اكثر اهمية من التحقيق والفحص، ومن شأنه أن يمس سواء بصورة عادلة أو غير عادلة بالسياسي أو بالحزب.

ما يقلقني بشكل خاص هو الاضرار غير المحق. بالنسبة لي من اجل منع الاضرار باولئك الاشخاص الانقياء فيمكن أن يكون هناك ضرورة للتنازل – لفترة زمنية محدودة – حتى للاشخاص غير الانقياء. الثمن يستحق ذلك، وكما قيل: لو كان هناك ورع واحد في سدوم لما كانت المدينة دمرت.

إن الثقافة السياسية، وبصورة اكثر دقة غياب الثقافة السياسية في دولة اسرائيل، حولت التحقيق الشرطي، الفحص والشكوى الى وسيلة للتشاجر.

وبتقدير قاسي، المستشار القانوني للحكومة يتلقى كل سنة عشرات وربما مئات الشكاوى ضد السياسيين، وطلبات لفتح تحقيقات ضدهم. أفترض أن جزء غير قليل من تلك الشكاوى يصل الى جهات تحقيق اخرى في الادارة الاسرائيلية. لقد اعتيد القول إن شكاوى من هذا النوع هي جزء من الثمن الذي على رجال الحياة العامة دفعه. ومن لا تناسبه رائحة الطبخ فعليه ألا يدخل المطبخ. لكن في زمن الانتخابات فان للشكاوى والنشر هناك ثقل حاسم من شأنه أن يؤثر على نتائج الانتخابات من غير أن تكون امكانية لاصلاحه. لهذا يمكن ان يتشكل لدينا عوار في العملية الانتخابية الحرة والعملية الديمقراطية.

فترة الانتخابات محددة بـ 90 يوما تسبق الانتخابات. القانون ينص على الكثير من التعليمات بشأن المسموح والممنوع في هذه الفترة. لكن ليس فيها شيئا بشأن التحقيقات الشرطية، فحوصات وشكاوى. في هذه الفترة الحساسة تزداد الشكاوى ضد السياسيين والاحزاب حيث أن الفكرة العامة في جزء من هذه الحالات هي عملية النشر والتشهير والشكوك وليس بالتحديد فحصها.

يدور الحديث عن ضرر شخصي وسياسي غير قابل للاصلاح بعد يوم الانتخابات، حتى لو تبين أن الامر يتعلق بشكاوى ليس لها اساس. في النيابة العامة فهموا ذلك قبل بضع سنوات، وبناء على ذلك صدر توجيه من قبل المستشار القانوني للحكومة بعدم فتح تحقيق جديد في فترة الانتخابات. لكن الحديث يدور عن توجيه وليس عن تشريع ملزم، وعن تحقيقات جديدة وليس عن تحقيقات مستمرة كما حدث في قضية « اسرائيل بيتنا ».

لهذا فانه حسب رأيي صحيح ومناسب – واؤمن ان هذا ما سيحصل في المستقبل غير البعيد – أن تشرع الكنيست قانونا حاسما غير قابل للتفسيرات المناقضة ينص على أنه في الثلاثة اشهر التي تسبق يوم الانتخابات لا يتم اجراء ولا يتم البدء ولا يتم النشر عن تحقيقات أو فحوصات ضد سياسيين أو احزاب تتنافس في الانتخابات للكنيست، كي لا يتم تلويث العملية الديمقراطية (الا اذا كان الحديث عن حادثة خطيرة مثل القتل أو الاغتصاب).

حتى لو كان هناك مجرمون سيستفيدون من هذا المنع، وحتى لو كانوا لا يستحقونه، ويمكن حتى أن ينجحوا في تشويش التحقيق المستقبلي، فان ذلك جدير بخصوص اولئك السياسيين الذين يتم الافتراء عليهم ومحاولة تشويه سمعتهم من قبل جهات معادية أو بمنافسة سياسية وليس على ارضية بيانات ثابتة.