خبر نتنياهو وغانتس افترقا برسائل متناقضة حول ايران -هآرتس

الساعة 10:23 ص|17 فبراير 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس هارئيل

          (المضمون: قراءة ما بين السطور لخطاب غانتس اشارت إلى تعكر العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة - المصدر).

الحفل الرسمي لتوديع رئيس الاركان الخارج ليس مكانا مناسبا للمشاحنات الاستراتيجية، قراءة ما بين السطور لخطاب غانتس اشارت إلى تعكر العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة. ملف رئاسة الاركان الثقيل سينتقل الأن الى البديل المعين.

رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في استراحة نادرة من حملته الانتخابية على صفحات الانترنت احسن في قوله ما يلي: « يشكل العبء الذي لا مثيل له والملقى على كتفي رئيس الاركان مسؤولية مزدوجة لأمن المواطنين ومصير الجنود. الاحداث التي جرت في الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة عقَّدت إلى حد بعيد الواقع الاستراتيجي التي تعمل داخله اسرائيل. التعامل مع هذه الاحداث يتطلب تفكيرا وخبرة، كما يتطلب برودة الاعصاب والفهم الاستراتيجي ».  كامل المسؤولية لهذا العبء، او لهذا الملف قام رئيس الاركان الخارج بيني غانتس بتسليمه لمن حل محله، الجنرال غادي آيزنكوت.

هذه الاقوال ادلى بها رئيس الوزراء أول أمس، في حفل التوديع العسكري لغانتس. اما خطابه في الاحتفال الرسمي هذا اليوم لتبادل رؤساء الاركان، فقد سبق وأن عاد على تكرار الرسائل النمطية لنتياهو في هذه الايام إلى حين ظهوره المتوقع امام الكونغرس الأمريكي ومنه مباشرة إلى الإنتخابات للكنيست بعد 28 يوما. الشرق الاوسط وفقا للدارويني نتنياهو، هو مكان خال من الرحمة للضعفاء. البقاء فقط للأقوى. دول انهارت، حدود مسحت – بسبب التطورات في العالم العربي. ولكن الخطر الذي يرفرف على اسرائيل هو الخطر الايراني.

لإسرائيل، وفقا لأقوال نتنياهو، شأن مع « الأمبراطورية التي تسارع للتسلح بالسلاح الذري .... لقد احتلت سلفا اربع عواصم، وهي تحاصر ببراثنها مضيق  باب المندب، وهي تحاول محاصرتنا بأربعة أذرع قاتلة، ثلاثة منها قائمة (باستثناء إيران ذاتها)، واحدة في لبنان، وواحدة في غزة تعمل على تحديثها، وواحدة جديدة في الجولان، حيث يوجد أكثر من الفي مقاتل من حزب الله بقيادة فعلية إيرانية. »

لا شك بأن إيران سوف تحتل مكانا عاليا في برنامج رئيس الاركان المعين. حفل توديع رسمي، مع بروتوكول صارم (حسب المفاهيم الاسرائيلية) بما في ذلك قواعد الاحتفال كاملة، قائمة من كبار رجال الدولة وجوقة موسيقية عسكرية، ليس هذا مكانا، على ما يبدوا، مناسبا للمشاحنات الاستراتيجية. ولكن هناك من استشف من خلال الاقوال التي القيت في الاحتفال إشارات على تعكر العلاقات الاسرائيلية الامريكية، على خلفية الخلاف حول الذرة الايرانية بشكل عام والصدام مع نتنياهو حول خطابه في الكونغرس،  بشكل خاص.

« في الوقت الذي يتطلب منا فيه ان ننظر إلى التحديات الأكثر بعدا »، قال غانتس، وهو الرجل الذي واظب على اقامة علاقات متينة مع القمة الأمنية الأمريكية، « من المهم ان نمد أيدينا لحلفائنا، أن نوجد معهم مجالات للمصالح التي تدفع إلى توفير الحلول وتضمن بأن شعبنا لا يقف وحيدا ». ورسالته هي، وفقا لراي كاتب المقال وليس المتكلم: نستطيع ان نتدبر أمرنا مع الامن الفوري، ولكن في التهديدات بعيدة المدى علينا ان ننسق سويا مع الولايات المتحدة، حتى لا نجد انفسنا يوما بمفردنا.

ابرز المتحدثون المختلفون، في الخطابات الكثيرة التي القيت اول امس وكذلك بالامس، ابرزوا التغيرات المتطرفة التي احدثتها الانقلابات الاقليمية. وهذه الواقعة تطرق لها كل من غانتس وآيزنكوت سويا، بداية كرئيس اركان وقائد منطقة الشمال، وبعد ذلك كرئيس اركان ونائبه. وفقا للمصطلحات العسكرية، كلاهما أبناء جيل واحد، حتى لو كان غانتس اكبر بسنة وسبق آيزنكوت في الخدمة العسكرية النظامية في المواقع المختلفة (قائد لواء نظامي، قائد فرقة في الضفة الغربية، رئيس اركان الشمال) بسنتين او ثلاث.

كلاهما تقدما في سلم الترقيات والمهمات في مرحلة تميزت بالحروب المحبطة والمعقدة وعديمة الحسم: لبنان الأولى والثانية، الانتفاضتين. وفي هذه الحروب تعلم الاثنان محدودية القوة العسكرية وثمن الخسارة المرتبط باستخدامها. هذه صعوبات يتوجب التعامل معها باتزان ظهر جليا في كل الخطابات، بما في ذلك خطاب نتنياهو، والذي لم يظهر وعلى الرغم من الفاظه الصقرية وكأنه متحمس للهجوم الحالي على إيران.

واحد من التأكيدات التي سيضعها رئيس الاركان الجديد امام الجيش والمخابرات على وجه الخصوص، هو تخصيص قسم مركزي للجهود في قطاع غزة. وذلك يعود إلى ان القطاع، لاسباب بعضها مرتبط بإسرائيل، سوف تعود للاشتعال على الرغم من مرور نصف عام فقط على نهاية الحرب السابقة. وعلى ما يبدو فإن هذا التأكيد يعود إلى ادراك آيزنكوت ورئيس أمان (الاستخبارات العسكرية) الجديد، الجنرال هرتس هليفي، بأن التغطية الاستخباراتية لأمان والشاباك في غزة تحتاج إلى تحسين.

ربما سيترافق ذلك مع اعادة النظر في جزء من تحقيقات الحرب خلال الصيف. بعض جنرالات هيئة الاركان سبق ان أصابهم التعب من ذلك، ولكن قرار الجيش بتقليص دمج ضباط الاحتياط، في الحرب ذاتها وفي التحقيق فيها، قيدت منذ البداية جودة النتائج التي من الممكن الوصول إليها. تقريبا ليس انسانيا التوقع من الجيش الذي يحقق مع ذاته دون أي تدخل خارجي  ان لا يخرج بأحكام جيدة على أدائه في نهاية التحقيقات.

وكذلك، هذه التحقيقات، والتي سوف تكون اكثر سهولة علىآإيزنكوت من غانتس، الذي « وقَّع » على قرارات الحرب الاخيرة، الزامية، لانه بدونها لن يكون ممكنا دفع القوات البرية للتقدم إلى الأمام. هي ضرورية على خلفية التحدي العسكري الكامن لنا في لبنان وسوريا، ولاحتمالية ان تشتعل في هذه المرحلة حرب مواجهة على جبهتين. في الشمال وفي الجنوب « غزة ».

الحدود الشمالية سبق وان اشتعلت في الشهر الماضي. منذ اللحظة التي توقف فيها تبادل الضربات، اشار رئيس حزب الله، حسن نصر الله، أنه منذ الآن سوريا ولبنان اصبحتا جبهة واحدة، وعلى هذه الجبهة ينطبق، وفقا لتقييمه، قواعد عمل جديدة. استمرار الادارة الحذرة للجبهة الشمالية، قبل الانتخابات وبعدها، سيلقى بمعظمه على عاتق رئيس الاركان المعين. يبدو ان رئيس الاركان الخارج لمَّح لهذا التوجه، عندما قال في خطابه صباح الامس، « القوة التي استخدمناها دون تردد عندما تطلب الأمر، سوف تضمن الحماية لنا كشعب ودولة طالما تعاملنا معها بحكمة ».

نتنياهو ووزير الدفاع، موشي (بوجي) يعلون، أشادا في خطابيهما بغانتس طوال فترة تعيينه وعلى استقلالية مواقفه التي ابداها طوال فترة تعيينه. كما طلب يعلون في كلمته الموجهة لآيزنكوت، ان يتمسك كسابقه « بالبوصلة والضمير » الخاصين به، وأن يبدي رأيه حتى لو لم يكن مقبولا على المستوى السياسي.

دخل إيزنكوت إلى وظيفته في مرحلة انتظار امنية عليا، إضافة إلى معركة انتخابية يليها تشكيل الحكومة، واستقرارها ووضع لائحة افضليات جديد للموازنة – هذه القضايا تتطلب وقتا. في الاحاديث التي تمت مع كبار الضباط الذين حضروا حفل التوديع والتعيين، برزت لهجة احباط محدودة. مصدرها الفجوة بين فهمهم لخطورة الظروف الامنية وبين مستوى الإطلاع عليها من قبل الجمهور  الذي يهتم في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

هذه الفجوات موجود أيضا، على مستوى اقل، لدى قسم من السياسيين. الجدل الدائر حاليا، كجزء من المعركة الانتخابية، على التعامل مع انفاق حماس في الحرب التي جرت الصيف الماضي، يعطي نموذجا جيدا على هذه الحالة، ففي الوقت الذي اطلع فيه نتنياهو ويعلون على خطورة الانفاق خلال السنتين الماضيتين، يقول اعضاء الكابينت بأنهم بصعوبة اطلعوا على الوضع.  والجمهور كما هو واضح، كان اطلاعه اقل بكثير. وما هو صحيح بالنسبة لأنفاق حماس، بالتأكيد هو صحيح أيضاً بالنسبة للقدرات الهجومية لحزب الله أو ايران.