خبر « الرباعية » لتشريع شراكة عربية (إسرائيلية) ضد حماس

الساعة 04:15 م|16 فبراير 2015

فلسطين اليوم

فجأة ودون سابق إنذار، بدأت الولايات المتحدة تمهد لعودة اللجنة الرباعية، سيئة الصيت، للعمل كوسيط بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية.

وقد بدأت اللجنة، التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في عقد اجتماعات تمهيدية في نيويورك. وأكد منسق اللجنة المتصهين توني بلير، أن لقاءات عقدت من أجل وضع أسس لاستئناف عمل اللجنة.

لكن السؤال الجوهري، الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يتم إحياء هذا الجسم الآن، وما علاقة هذه الخطوة بالتطورات الإقليمية؟

قدمت نخب صهيونية إجابات مثيرة على هذا التساؤل. فحسب، أوري سافير، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق فإن الأمريكيين معنيون بتوفير ظرف إقليمي يسمح باندماج كل من الدول العربية و(إسرائيل) في الحرب على التنظيمات الإسلامية السنية، وضمنها حركة حماس.

وفي مقال نشرته « معاريف » في عددها الصادر الأربعاء الماضي، يشير سافير إلى أن الجمود الحاصل في المفاوضات بين (إسرائيل) والسلطة يقلص من هامش المناورة أمام الدول العربية ويمنعها من الانخراط بشكل علني في أي جهد إقليمي ضد الإسلاميين تشارك فيه (إسرائيل).

لكن هناك من يرى أن استئناف المفاوضات يساعد أيضاً على توفير ظروف تسمح لرئيس السلطة محمود عباس بتقديم تنازلات مهمة لـ(إسرائيل).

فقد ذكر أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أن كلاً من الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) يراهنان على إحياء جهود اللجنة الرباعية من أجل توفير مبرر لعباس عباس للتراجع عن خطواته في المحافل الدولية.

وحسب أبراموفيتش، فإن إحياء المفاوضات سيسمح لعباس بصد الضغوط التي يتعرض لها من قبل الرأي العام الفلسطيني والمعارضة الفلسطينية لمواصلة تقديم الدعاوى ضد (إسرائيل) أمام محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

ويوضح أن تحرك اللجنة الرباعية سيسمح لعباس بوقف تحركه للانضمام للمزيد من المؤسسات الدولية، علاوة على أن ذلك سيمكنه من إضفاء شرعية على تواصل التعاون الأمني مع الجيش الإسرائيلي.

المفارقة، أن الحرص على إحياء المفاوضات، يأتي في الوقت الذي تجاوزت عنصرية وتطرف الأحزاب الصهيونية الوصف.

فالأحزاب الصهيونية تخوض غمار تنافس بائس في تبني المواقف الأكثر فاشية وعدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين، خاصة الدعوة لطرد الفلسطينيين من أرضهم.

فعلى سبيل المثال، عاد وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لنظرية « الطرد بالتوافق »، والتي تقوم على طرد الفلسطينيين، ولا سيما فلسطينيي 48 عبر منحهم إغراءات مالية.

أما الحزب الديني الذي شكله وزير الداخلية السابق الحاخام إيلي يشاي فيدعو إلى « كنس » الفلسطينيين من الضفة الغربية ومن داخل الخط الأخضر، والزج بهم إلى خلف الحدود في حافلات.

وأوضح حزب « ياحد »، الذي أعلن عن تشكيله يشاي حديثاً بالتعاون مع غلاة المتطرفين اليهود أن رسالته الرئيسة تتمثل في السعي لضمان « نقاء الدولة اليهودية، حيث أن الشعب اليهودي لم يقم دولته لتكون مأوى للأغيار، الذين يتآمرون عليها، يجب ألا نسمح لهؤلاء بالبقاء بيننا »، على حد تعبير بيان انتخابي صادر عن الحزب. ودعا الحزب إلى « ابتكار طرق إبداعية لتطهير أرضنا من العرب ».

ولا يقتصر الأمر على الطرد، بل أن الأحزاب الصهيونية تطمئن ناخبيها بأنها ستسعى لتهويد المسجد الأقصى بشكل كامل. فقد أعلن حزب « ياحد » أنه لن يشارك في أي إئتلاف حاكم لا يلتزم بإنهاء سيطرة المسلمين على المسجد الأقصى، مستهجناً أن تسلم حكومة « الدولة اليهودية بأن يكون المكان الأكثر قدسية لليهود في يد أعدائهم ».

من ناحية ثانية واصل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو استرضاء قواعد اليمين الديني المتطرف عشية الانتخابات التشريعية، من خلال تخصيص موازنات ضخمة لبناء المزيد من الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة الغربية ومن خلال زيارات مجاملة لمعاقل غلاة المتطرفين.

فقد قام نتنياهو مؤخراً بزيارة غير مسبوقة للمدرسة الدينية شبه العسكرية في مستوطنة « عيلي »، التي تقع جنوب مدينة « نابلس »، وهي المدرسة التي يتخرج منها معظم القادة المتدينين في الجيش الإسرائيلي، الذين ولغوا أكثر من غيرهم في دماء الفلسطينيين.

وأثنى نتنياهو على « جهود » مدير المدرسة الحاخام موشيه أصلان، وشكره على دوره في إدماج الشباب المتدينين في الهيئات القيادية في الجيش.

ولا حاجة للتذكير بأن الحاخام أصلان قد « أفتى » لطلابه من الضباط والجنود بأنه يتوجب « تحطيم العرب لأنهم يسبون آلهة (إسرائيل) ».

ويذكر أن من بين أهم تلاميذ الحاخام أصلان، العقيد يورام فينتور، قائد لواء « جفعاتي »، الذي قاتل خلال الحرب الأخيرة على جبهة خانيونس، وأمر بتدمير بلدة « خزاعة » بالكامل.

وقد أجرت قناة التلفزة العاشرة مقابلة أثناء الحرب مع فنتور وهو يقف على أنقاض أحد المساجد ويتباهى بأنه أمر بتدمير المساجد قبل تدمير البيوت.

وفي الوقت الذي تستعد اللجنة الرباعية لدورة حياة جديدة، أمر نتنياهو بتحويل عشرات الملايين من الدولارات للمستوطنات، على الرغم من أنه تجاوز في ذلك قرارات واضحة صدرت عن المحكمة العليا.

وقد كشفت قناة التلفزة الثانية أن نتنياهو، ولدواع انتخابية، أمر بتخصيص موازنات ضخمة للمؤسسات التعليمية والدينية في المستوطنات، على أمل أن يضمن تصويت أكبر عدد من المستوطنين لحزب الليكود الذي يقوده.

من هنا، يتضح أن اللجنة الرباعية تريد إعادة المفاوضات بشكل وهمي من أجل توفير الغطاء لتعاون الدول العربية مع (إسرائيل) في الحرب على الإسلاميين، ولا سيما حركة حماس، وفي الوقت ذاته منح عباس « الشرعية » للتراجع عن أية خطوة يمكن أن تؤذي (إسرائيل) في الساحة الدولية، ولتبرير التعاون الأمني مع (إسرائيل)، في الوقت الذي تواصل فيه الأخيرة غيها وعربدتها.