خبر صوت الشرق- معاريف

الساعة 10:22 ص|16 فبراير 2015

فلسطين اليوم

بقلم: سيغال هاروش يونتان

تقريبا كل مرحلة في نضال الشرقيين منذ انشاء الدولة تميزت بخصائص معينة. تمرد وادي الصليب (1959)  خرج من داخل الطائفة نفسها، ومجال النشاط الذي كان مفتوحا أمامه كان الشارع. ايضا الفهود السود عبروا عن ضائقة الأحياء وعملوا من داخلها من خلال استغلال حقهم الديمقراطي في التظاهر،  وفي هذه المرة أضيف لذلك ايضا المنظور الاعلامي في الصحف والوصول للمرة الاولى الى الكنيست. حزب تامي وشاس ترجما الورقة الشرقية الى اصوات انتخابية حزبية، هذه العملية أثمرت نتائج مخيبة للآمال وأثارت ادعاءات بشأن انتهازية السياسيين الشرقيين. القوس الديمقراطية الشرقية عملت من خلال المؤسسة نفسها واستغلت رأس المال البشري لها (الاكاديميين والحقوقيين) لتغيير الخطاب، تشريع قانوني وتدخل مباشر في مواضيع التربية والاسكان الجماهيري وما أشبه.

          في الفترة الاخيرة نرى تناقضا مربكا: من جهة هناك نمو لمجموعات ذات مقولة شرقية واضحة بشكل حاد، ولكن في نفس الوقت لا تنجح في ترجمة نشاطاتها التي تفشل في كل مرة سواء في التأثير على الارض أو بنقص قدرتها على الانتظام في شيء منظم وكامل.

          اذا أردنا الاشارة الى عدة امثلة، مثلا الشبكات الاجتماعية تشكل ميدانا مركزيا تعمل فيه مجموعات كثيرة، عدد منها يغرق الموضوع وعدد آخر يعمل كمنبر ثقافي وفلوكلوري. مجموعة عيرس بواتيكا (مهد الشعب) المؤهلة تعمل في الاساس داخل نفسها وتنشغل بصورة مكثفة بمواضيع الهوية. ليس هناك شك أن الانشغال بالهوية والتصالح معها هو مرحلة اجبارية في الطريق الى التغيير، لكن التغيير نفسه يقتضي ايضا التحرر منها. المسلسلات التلفزيونية مثل « امبراطورية زغموري » تعرض وعيا شرقيا متطورا، لكنها لا تعرض للجمهور الشرقي التغيير المطلوب. الجمهور الشرقي أسير للفكرة التي حولتها سنوات من التلقين الى حقيقة نهائية بالنسبة له. إنه لا يغفر لمباي بتاتا ويحتفظ بولائه الدائم لليكود بيغن الذي بصورته الكاريزماتية أدخله تحت جناحه. الميل الاول لمعظم هذا الجمهور هو أن يُميز نفسه عن أي اشارة من العربية في سعيه الى أن يرى نفسه كفرد من المجموعة وكخلية عضوية من الاسرائيلية. بناءً على ذلك فان شاس لا يمكنها أن تكون خيارا شرقيا حقيقيا، نظرا لتمسكها بأن لا تجلس في حكومة يسارية، بل التمسك بالدوافع السياسية لليمن الرأسمالي الليبرالي الامر الذي يقتلع من داخلها كل وعي شرقي الذي يستوجب التشابك مع الرؤية الاشتراكية والتضامنية.

          النشطاء الشرقيون لم ينجحوا في اختراق التحصن السميك. وأكثر من ذلك، في اوساط الجمهور الشرقي هناك عداء كبير نحوهم سواء بسبب « المواقف اليسارية » التي لا تعبر عن مواقف الجمهور الشرقي أو بسبب أكاديميته وانتهازية عدد من نشطائه. لهذا فان هذه الحملة الانتخابية مليئة بالعجرفة. وتشريعها اللعب بسياسة الهويات، وبتتويج الشرقي المناوب وعزله في نفس الوقت.

          من اجل تحقيق التغيير الحقيقي فان على النضال الشرقي أن يزيل قناع الثورية، وأن يتخلى عن الشعارات ويواجه الوقائع على الارض. فقط عمل دؤوب وشجاع في وسط أبناء الأحياء والبلدات والمدارس سيُمكن من بداية جديدة للوعي الطبقي وليس القطاعي الذي سينبت من الارض وليس من الفضاء. هذا هو الطريق الوحيد.