باتصال هاتفي من والدته إلى مدربه

بالصور صور: مهندس فلسطيني يخسر وزنه من 221 إلى 95 كغم

الساعة 12:51 م|15 فبراير 2015

فلسطين اليوم

اتصال هاتفي من والدة انكسر قلبها على فلذة كبدها، وهي تراه يمرّ في مرحلة صحية ونفسية صعبة, مع مدرب رياضي كانت تربطه بابنها علاقة قوية، كانت نتيجته تحول الصورة من قاتمة مؤلمة إلى ناصعة البياض مشرقة.
 

المدرب .. وبدلة التخرج

المدرب صلاح طاهر العامري, يقول في لقاء مع « فلسطين » بواسطة السكايب: « المهندس أحمد نمر كان طالب هندسة في جامعة الشارقة, وكان وزنه 195 كغم عام 2002م، وخلال اللقاء معه وجّه لي استفسارًا قائلاً: »هل بإمكاني أن أرتدي بدلة التخرج خلال تسعة أشهر؟ وهو موعد التخرج، وكان يعاني من ضيق التنفس ليلاً والآلام في المفاصل والظهر إضافة إلى التبعات النفسية جراء الوزن الزائد« .

ويضيف المدرب العامري وهو عراقي الجنسية: »كان جوابي له بأن نتوكل على الله في المقام الأول، ووعدته بأنه سيتمكن من حضور حفل التخرج وهو يرتدي بدلة بقياس طبيعي، وسوف يلفت أنظار الجميع, ابتسم أحمد ولم يكن على يقين كامل بأن أمرًا كهذا من الممكن أن يحصل؛ فقد اعتبره أشبه بالمستحيل ضمن هذه الفترة الزمنية القصيرة, وبعدها توكل على الله والتزم بالتدريب اليومي, ومن حسن الحظ أنه جاءني في بداية انطلاق دورة اللياقة البدنية وتخفيف الوزن السنوية التي أقيمها لأسرة جامعة الشارقة« .

وأضاف: »بدأنا المشوار التدريبي وساعدتني في ذلك والدته السيدة (أم أحمد), حيث كانت تعد له الطعام المناسب بعدما أخبرته بالممنوعات الغذائية, وبفضل من الله ورحمته خسر أحمد من وزنه 96 كغم, ولبس البدلة كما وعدته وحضرنا التخرج وصفقنا له كثيرًا« .
 

اتصال مفاجئ

ويتابع المدرب العامري وهو المشرف الرياضي في جامعة الشارقة قائلاً: »بعد مرور أحد عشر عامًا -في منتصف العام 2013م- فاجأني اتصال من سيدة وقور عرفتني بنفسها وذكرتني بولدها أحمد نمر، فرحبت بها وأصغيت لكلامها، وكانت تكلمني بنبرة حزينة وقالت لي: « أنت ولدي وأنا ثقتي بالله وثم بِكَ كبيرة، ولم تتمالك نفسها وبكت وقالت بالحرف الواحد: (داخلة على الله ثم عليك) بخصوص ولدي أحمد، تأثرت كثيرًا وأخذتني النخوة وأبديت استعدادي الكامل لأي مهمة تكلفني بها, وإذا بها تشرح لي حال أحمد حيث كان منهمكًا في العمل وتوقف عن ممارسة الرياضة وواجهته بعض الصدمات وخيبات الأمل من أصدقائه المقربين وزاد وزنه أضعافًا, وفقد عمله وتوفي والده وانغلق على نفسه لا يتكلم مع أحد غير أمه وإخوانه بالبيت، أعطتني رقم هاتفه واتفقنا بأن لا يعرف أحمد شيئًا عن هذا الاتصال، وأنا من شدة حزني لم أستطع أن أكلمه في نفس اليوم ».
 

الدخول في دورة

وفي اليوم الثاني فاجأته بالاتصال, وقلت له: أحمد أين أنت مشتاق لرؤيتك, وما آخر أخبارك؟، سرد أحمد لي معاناته في العمل وانقطاعه عن الأصدقاء والوحدة التي يعيشها وأخبرني بأنه لا يستطيع المشي المتواصل، وأنه هجر جميع محيطه, فقاطعت كلامه بعدما كان يريد الاسترسال بالحديث وطلبت منه أن يزورني عصرًا وأن يمر على أقرب ميزان لكي نلاحظ وزنه أين وصل, وفعلاً جاءني أحمد وهو يزن 221.2 كغم, ولكنه رفض الدخول إلى المجمع الرياضي في الجامعة الذي كانت صوره على جدرانه عندما حقق الإنجاز في المرة الأولى وخسر وزنه وكان محل إعجاب وحماس الآخرين.

ويستطرد المدرب قائلاً: « طلبت من أحمد أن يكون مساعدي في الدورة التدريبية التي كانت على الأبواب، وهدفي من ذلك هو دمجه وكسر الحواجز النفسية عنده بالإضافة إلى مشاركته كمتدرب, وهكذا تدريجيًّا وبعد مرور عام ونصف وبفضل الله سبحانه وتعالى ودعاء ودعم ومتابعة (الحاجة والدته) أطال الله عمرها, من ناحية الالتزام بنوع الطعام والتدريب المستمر والمتواصل معي, خسر أحمد 125 كغم من وزنه, وهذه المرة الثانية وبشكل أكبر والحمد لله رب العالمين.
 

كدت أفقد حياتي

المهندس أحمد نمر »34 عامًا« يقول لـ »فلسطين« : »كدت أفقد حياتي، فنظرة الآخرين لي كانت تصدمني، والصدمات التي مرت علي جعلتني أستسلم بدون مقاومة لجسدي الذي تضخم بشكل كبير جدًا وكاد أن يصل إلى أكثر من 250 كغم، واليوم أنا أعيش حياة هادئة كشخص أكثر من الطبيعي ، ولا أحد يصدق أنني أحمد الذي كان وزنه أكثر من 220 كغم « والشكر لله ثم لوالدتي ومتابعة المدرب لي بأدق التفاصيل ».
 

الوالدة والتحرك المناسب

والدته الحاجة آمنة الشيخ عيسى « 69 عامًا » في اتصال مع « فلسطين » قالت: "قررت أخذ زمام المبادرة، وأنا أقف موقف العاجز أمام مأساة ابني المهندس أحمد, وكان التحرك في وقته المناسب, واليوم أعتبر أحمد قد بعث من جديد إلى الحياة، ووصيتي لكل أمّ أن لا تقف عاجزة أمام ما يواجهه أولادها من متاعب فهي أكثر الناس إحساسًا بما يواجهه الأبناء، وهي أكثر الأشخاص قدرة على العلاج من خلال اختيارها الوسيلة الأنسب في مواجهة مشكلات الأبناء، فلو بكيت ليل نهار دون التحرك بسرعة وإلى العنوان الصحيح لكانت النتيجة خيبة أمل.

 

كلمات دلالية