خبر نتنياهو دمر صراعنا في مواجهة الذرة الإيرانية- هآرتس

الساعة 11:12 ص|15 فبراير 2015

فلسطين اليوم

نتنياهو دمر صراعنا  في مواجهة الذرة الإيرانية- هآرتس

بقلم: تشاك فريليخ

نائبا لرئيس مجلس الامن القومي. يعمل على وضع كتاب عن عقيدة الأمن الإسرائيلية

          (المضمون: الخطاب المزمع القاؤه امام الكونغرس اساء للعلاقات الامريكية الاسرائيلية المتينة، وسبب ضررا لا يزول بسهولة، الهدف منه ليس وقف البرنامج الذري الايراني بل لأغراض انتخابية داخلية - المصدر).

 الطبخة التي طبخها سفير إسرائيلي غير مؤهل سياسياً في واشنطن مع رئيس مجلس النواب الأمريكي الداهية، والنابعة من اعتبارات سياسية ضيقة تحولت ربما للضرر الأشد خطرا في سيرة العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة. لا يجري الحديث عن حادثة تمر مرور الكرام عبر تلطيف وقاحة اسرائيلية مغتفرة، بل عن أزمة عميقة سيحتاج إصلاحها إلى عقد من الزمن، وأدت إلى إلحاق ضرر غير قابل للإصلاح في مساعينا لوقف مشروع الذرة الإيرانية.

الرد الأمريكي غير المعتاد عكس غضبا متراكما إزاء الدولة التي يتعلق أمنها وإزدهارها تعلقاً تاماً بالولايات المتحدة الإمريكية، ومع ذلك تسمح لنفسها مرة تلو الأخرى بان تبصق في وجه راعيها. لقد اجتازت هذه المرة كل الحدود. الغضب الذي تفجر علانية بسبب خطوات رئيس الوزراء، تجمع عبر سنوات على خلفيات منوعة « للمساوئ الإسرائيلية »، خصوصا في الموضوع الفلسطيني والمستوطنات. هذه المساوئ جعلت من تأييد أعضاء الكونغرس واليسار الأمريكي لإسرائيل امراً بالغ الصعوبة وأقل تبريرا.

هذه هي المرة الأولى حيث الظهور المتوقع لرئيس الوزراء أمام الكنغرس سيجعل من إسرائيل موضوعا للخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين. منذ قيام الدولة عملت كل حكومات إسرائيل والقيادات اليهودية في الولايات المتحدة جاهدة لوضع إسرائيل كشأن له علاقة متساوية بكلا الحزبين الامريكيين، وباعتبارها فوق كافة الانقسامات السياسية. وقد شكل دعم كلا الحزبين لإسرائيل أساس « العلاقات الخاصة ».  التصريح الصادر عن نائب الرئيس جو بايدن ونواب ديمقراطيين آخرين حول قرارهم مقاطعة خطاب نتنياهو امام الكونغرس،  مؤسف جداً. يبدو واضحا أن إظهار كل هذا الغضب والذي ليس له سابقة في التاريخ الثنائي يهدف إلى التوضيح لإسرائيل بإنها إذا سمحت لنفسها بإهانة الرئيس فإن أمريكا سترد لها الصاع سبع مرات. واحتمال أن مقعد نائب الرئيس والموجود بالضبط خلف منصة الخطابات في الكونغرس مقابل كاميرات التصوير سيبقى فارغا يجب أن تثير الذعر في القدس.

أيضا، فإن ظهور رئيس الوزراء المقرر امام الكونغرس،  والذي هو في أساسه محاولة لتجنيد الكونغرس ضد الإدارة الامريكية، يجعل إسرائيل تقف بين نيران السلطتين، التشريعية والتنفيذية،  وهذا عمل عديم المسؤولية بذاته، والمحكوم في كل الأحوال بالفشل. لم يحدث أبدا أن تمكنت إسرائيل من تجنيد الكونغرس ضد موقف ثابت للإدارة الامريكية. وأساس نجاحات إسرائيل السابقة مع الحكومة الأمريكية  كان يتم عبر بتشجيع الإدارة على السير باتجاهات يسهل عليها تبنيها. ربما اتخذت الادارة احتياطاتها هذه المرة في الموضوع الايراني لأسباب مختلفة. منذ فشل جهودنا لمنع بيع طائرات الآواكس للسعودية من 1981، احتاطت كل الحكومات الإسرائيلية من تكرار محاولة تجنيد الكونغرس للصراع الجبهوي مع الادارة.

هذا الضرر كان سيُحتمل ربما، لو أن ظهور نتنياهو كان من شأنه أن يحقق هدفه المعلن- أي منع الادارة من التوقيع على اتفاقية سيئة مع إيران والذي من ِشأنه أن يضع إسرائيل في مواجهة خطر وجودي. ليس فقط بأن هذا الهدف لن يتحقق ولكن من الواضح أيضا أن الدوافع الحقيقة وراء زيارة نتنياهو هو بمثابة محاولة من رئيس الوزراء لاستغلال منصة الكونغرس لأغراضه السياسية عشية الانتخابات. وبما يخدم رئيس الكونغرس جون باينر عبر دق اسفين تاريخي بين الدمقراطيين والجمهوريين  في الموضوع الإسرائيلي.

تسبب الخطاب سلفا قبل القائه بنتائج عكسية من هدف نتنياهو المعلن: عشرة نواب ديمقراطيين من أشابين تجديد العقوبات على إيران تخلوا عن موقفهم الداعم لسن قانون العقوبات هذا،  وأعلنوا عن وقوفهم إلى جانب الرئيس. ووفقا لذلك يجب الانتظار حتى نهاية آذار، وهو التاريخ النهائي للتوقيع على اتفاق مع ايران، قبل تجديد العقوبات وفرض عقوبات إضافية. سن هذا القانون الذي حاز قبل قرار نتنياهو على دعم الحزبين وشكل قاعدة الموقف الأمريكي- إسرائيلي في مواجهة إيران، إنهار تماما. ولم يعد واضحا فيما إذا كان سيتم توفير أغلبية لتمرير قانون العقوبات أم لا. وإذا توفرت الأغلبية فإنها سوف لن تتجاوز نسبة الحسم إلا بقليل بفضل اصوات الجمهوريين ذوي الاغلبية في الكونغرس لا غير، في الموضوع الذي عملت إسرائيل طوال عقدين من الزمن للحفاظ عليه كموضوع ثنائي الحزب.

ليس هذا فحسب: في هذا الجو المتعكر الذي تولد، يصعب الآن تجنيد أغلبية  من كلا الحزبين لفرض عقوبات على إيران حتى لو فشلت المباحثات نهاية شهر آذار، وهو الأمر الذي كان مضمونا قبل قرار نتنياهو. بيديه دمر نتنياهو ما عمل جاهدا على بنائه في مواجهة الذرة الإيرانية، أي قاعد المشاركة  الأمريكية كأساس لهذه المواجهة، والتي بنيت بمشقة كبيرة.

لهذا يجب أن نضيف الغضب الذي تفجر في اوساط مؤيدي إسرائيل المتحمسين على تدخلها الفظ في السياسة الأمريكية وعلى الاستهتار بالرئيس والتي لن تنسى بسهولة. حتى الجمهوريين، الرابحين الوحيدين من هذه الكارثة سيسجلوا في دفاتر مذكراتهم ملاحظة للبحث، « إن من سمح لنفسه بالتدخل في اللعبة السياسية لصالح طرف، ممكن أن يعبر لمعسكر الخصم عندما تتغير الظروف ».

تستند علاقات إسرائيل- الولايات المتحدة على أسس متينة لا تسمح لها بالإنهيار في هذه المرحلة. ستستمر الإدارة في دعمنا بأشكال مختلفة، حتى لو تم ذلك بدون رغبة قوية. ولكن نتنياهو الذي يتبجح بأنه الخبير في كل ما يمس الولايات المتحدة الأمريكية استخدم المصالح الاستراتيجية المهمة جدا لدولة إسرائيل لاعتباراته الإنتخابية، والضرر على ذلك سيأتي. ففي الحالات التي يكون فيها للإدارة مدى واسع لاتخاذ موقف سوف سوف تتذكر ما فعله رئيس الحكومة، والذي يقف سلفا في مواجهة حادة مع الرئيس في الموضوع الفلسطيني. وعندما نحتاج للرئيس في المواجهة القادمة مع حزب الله أو حماس، وباستمرار علاج الملف الإيراني والمباحثات مع الفلسطينيين، ومواجهة المحكمة الجنائية في لاهاي أو في مجلس الأمن. هل سيسارع الرئيس إلى المساعدة؟

يصعب على نتنياهو الاعتراف بالخطر الكبير الذي أوجده وبالضرر الثقيل الذي سببه. ولكن الأمر الوحيد الذي من شأنه أن يكون أكثر خطورة على إسرائيل هو قاعدة العلاقات مع الولايات المتحدة. لذلك من الضروري أن يبحث عن عذر لتأجيل الزيارة (التظاهر بنزلات برد دبلوماسية، صعوبات في جدولة المواعيد، القاء الذنب على موظف ما وعلى سبيل المثال أحد السفراء، هذا يكفي).