خبر صور.. « ثأر قديم » نُذر استحقاقه بفلذة الكبد

الساعة 08:30 ص|14 فبراير 2015

فلسطين اليوم

في فلسطين لا يتوقف حدود الاستثناء عند رجل فقد أطرافه دفاعاً عن أرضه وعرضه ولم يثنيه ذلك على مواصلة جهاده، ولم يتوقف عند طفل لا زالت يده غضة على حمل السلاح فتدرب وتجهز ليأخذ موقعه في مسيرة التحرير ومشروع المقاومة، وليس انتهاء بتلك المرأة التي نذرت لله عز وجل أن تقدم إبنها مجاهداً في سبيله وأن تجهز عتاده بيدها لتنال به رضا الله.

« الإعلام الحربي » في هذه القصة الجهادية يسلط الضوء على امرأة لم تتكرر، أمٌ استثنائية قلّ مثيلها منذ الزمن الأول أسوة بالخنساء الصابرة وسمية أم عمار والعقيلة زينب.

وجهت لـ« الإعلام الحربي » دعوة من أحد المجاهدين يكنّى « أبو إسلام » في رسالة عاجلة لاطلاعنا على فصول قصة شيقة الأحداث، لبينا الدعوة وتوجهنا على الفور إلى بيت المجاهد الذي كان في استقبالنا برفقة والدته المسنّة « أم خالد » لمعرفة تفاصيل القصة..

ثأر فلذة الكبد

الحاجة « أم خالد » في معرض حديثها لـ« الإعلام الحربي » أوضحت وقلبها يعتصر من مرارة الألم الذي تجرعته في حياتها، بأنها عاصرت كل مراحل الصراع الفلسطيني من قدوم الاحتلال إلى تأسيس كيانه الغاصب وصولاً إلى حالة التشريد واللجوء التي وصل إليها الشعب الفلسطيني ولا زال يقاسي متاعبها إلى حد اللحظة.

وقالت الأم المجاهدة « منذ طفولتي وأنا أعيش العذاب بكل ألوانه، وأكبر عذاباتي فقدي لأبي عام 1957م، عندما داهمت منزلنا قوة صهيونية واقتادت أبي برفقة 3 من جيراننا وقامت بإعدامهم رمياً بالرصاص على جدران إحدى المدارس القريبة، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بدفنهم بجانب إحدى الطرقات ولم نستدل على مكان دفنهم إلا بعد مرور أشهر عندما جرفت مياه الأمطار جثامينهم من باطن الأرض وأخرجتها إلى السطح ».

وتابعت: « لم أنسى عيون أبي عندما ودعتنا بنظرات وقد حٌشرت بها الدموع، وكأنه كان على علم بأنها اللحظات الأخيرة التي سيغادرنا فيها إلى الأبد ».

وأضافت بأن طفولتها منعتها من الثأر والانتقام لأنها لا تقوى على حمل السلاح، لكن فكرة الثأر لم تغادرها إلى أن كبرت، ولم تجد أغلى من ابنها لتقدمه في سبيل الله، ليأخذ بثأرها من عدوها ومغتصب أرضها وقاتل أبناء شعبها ويطفئ نار قلبها المتقدة منذ سنين طفولتها.

سر النذر

وأكملت: « يعز علي فراق ولدي الذي غادرني شهيداً، وكلما يخطر ببالي مشهد الوداع اشعر وكأن روحي تنتزع من جسدي، لكن واجب الدفاع عن هذه الأرض المقدسة يحتم علينا بأن نضحي بأغلى ما نملك في سبيل دحر اليهود الغاصبين ورد الحقوق إلى أهلها ».

وعندما توجهنا للحاجة « أم خالد » عن سر نذرها الغريب أجابت: « سمعت حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهز غازياً فقد غزا فاستحببت أن أجهز جزء من عتاد ولدي بيــدي على قدر استطاعتي وأقدمه في سبيل الله وأكون مجاهدة وأم لمجاهد ».

وأوضحت أنها تشعر بالغبطة من أمهات الشهداء الذين قدمن فلذات أكبادهن في سبيل الله وفي مقدمتهن الحاجة « أم رضوان الشيخ خليل » التي قدمت خمسة من أبنائها والحاجة « أم جهاد الشيخ عيد » والتي قدمت خمسة من أبنائها دفعة واحدة بـ « معركة البنيان المرصوص » وغيرهن الكثير من خنساوات الوطن الحبيب.

وأشارت بأنها في خدمة المجاهدين، ولن يكون نذرها بتجهيز ابنها إلا خطوة من خطوات كثيرة تنوي تقديمها لمشروع الجهاد والمقاومة، مبينةً أنها لن تدخر جهداً في هذا الطريق ما دام فيها عرق ينبض.

الروح الثائرة

من جهته، عبّر المجاهد « أبو إسلام » عن سعادته بوالدته الذي يدفعه حديثها عن المقاومة في كل مرة إلى الاندفاع أكثر وأكثر نحو الهدف الأسمى لكل مجاهد وتحقيق رضى الله بشهادة أو انتصار في ميادين وساحات الجهاد.

وقال: « لم أعجب من هذه الروح الثائرة التي تعبر عنها أمي في الكثير من تصرفاتها، فمرارة الأيام التي تسبب بها العدو لها ولغيرها كانت سبباً في تخريج جيل مقاوم لا يقبل الضيم أبداً ».

وبين أن أمه نموذج للأم الفلسطينية المجاهدة التي لا تجزع من أن تكون أمٌ لشهيد أو لأسير أو لجريح، وذلك إنطلاقاً من عقيدة راسخة تستمد مدادها من القرآن الكريم والسنة المشرفة بأن ما وُهب لله فلن يضيعه الله.

وأنهى « أبو إسلام » حديثه لـ« الإعلام الحربي » بالقول: « فلسطين تستحق والأقصى يستحق ودماء شهدائنا وآهات المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني تستحق أن نبذل أرواحنا رخيصة في سبيل الله، فشهدائنا فارقونا وتركوا في أعناقنا أمانة لا تؤدى إلا بنزف الدم ».