خبر إزدواجية إعلامية غربية حين يكون المسلمون الضحية؟

الساعة 08:45 م|13 فبراير 2015

فلسطين اليوم

بعد مضي يوم كامل على جريمة قتل المسلمين الثلاثة بولاية نورث كارولاينا بدأ الإعلام الأمريكي بتناقل الخبر وأخفى بدايةً أن الضحايا مسلمون، مما ولد شعورا لدى المسلمين بالتمييز وبازدواجية معايير في التغطية الإعلامية الغربية.   

تساؤلات عديدة أثارتها حادثة مقتل المسلمين الثلاثة في مدينة شابيل هيل بولاية كارولاينا الشمالية الثلاثاء الماضي غير بعيد عن الحرم الجامعي علي يد جارهم الأمريكي الأبيض كريج ستيفن هيكس (46 عاما) في وضح النهار، وهم: ضياء بركات (23 عاما) الذي يدرس طب الأسنان، وزوجته يسر أبو صالحة (21 عاما)، وأختها رزان أبو صالحة (19 عاما). 

  فالشرطة ما زالت تحقق في دوافع الجريمة، وفيما شارك آلاف المشيعين في صلاة الجنازة على أرواح الضحايا الخميس (12 / 02 / 2015)، دعا محمد أبو صالحة -والد الضحيتين وهو طبيب نفسي- الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الإيعاز للشرطة الفيدرالية الأمريكية للتحقيق بالجريمة، مؤكدا أن ابنتيه وزوج ابنته استهدفوا لأنهم مسلمون.

ويقول المحققون أن النتائج الأولية تشير إلى أن خلافا على ركن السيارات قد يكون الدافع وراء قتلهم، وذلك بحسب أقوال زوجته كارين هيكس، التي أكدت أن « الدين لا علاقة له بالموضوع، والخلاف على موقف السيارات هو السبب »، إلا أن الشرطة تبحث فيما إذا كانت الكراهية بسبب الدين هي الدافع للقتل وما إذا كان هيكس قد حركته الكراهية تجاه الضحايا لأنهم مسلمون.   

وأفادت التحريات، بأن كراهية هيكس غير منحصرة بدين معين، فقد كتب على صفحته على فيس بوك إن « المسلمين والمسيحيين مسؤولون معا عن مشاكل الشرق الأوسط ».    وحملت صفحة هيكس عبارة « ملحدون من أجل المساواة » ونشر باستمرار اقتباسات تنتقد الدين. وفي يوم 20 يناير/ كانون الثاني 2015 وضع صورة مسدس من عيار 38 ملليمترا قال إنه محشو وخاص به.   

على عكس حادثة شارلي إيبدو بالنسبة للمجلس الأمريكي الإسلامي، فإن الأمور واضحة، ثلاثة من المسلمين تم قتلهم لأنهم مسلمون. كما أن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا له موقف مماثل، إذ يسأل رئيسها أيمن مزيك، كيف ستكون ردة الفعل لو كان منفذ هذه الجريمة مسلما؟ ويبدو واضحا رؤية المسلمين في أن المحرك للجريمة هو العداء للإسلام، إلا أن العديد من المسلمين في أمريكا لا يشعرون بالغضب من الجريمة فقط بل أيضا من بطء وسائل الإعلام في معالجة الخبر.

فالعديد من المحطات الإخبارية الأمريكية بدأت بتداول الخبر صباح يوم الأربعاء، أي في اليوم التالي للجريمة، كما أخفى الإعلام المحلي في البداية حقيقة أن الضحايا هم من المسلمين، مما ولد شعورا بالتمييز لدى المسلمين في أمريكا، وبأن هنالك نوعا من الازدواجية في المعايير فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية.   

ازدواجية معايير التغطية الإعلامية وعلى صفحات تويتر أطلق المسلمون الأمريكيون تغريدات تحت عنوان Muslim Lives Matter# (حياة المسلمين مهمة) و CallItTerrorism# (أطلقوا على ذلك لقب الإرهاب!)، وقارنوا بمرارة ردة الفعل الغربية على حادثة مقتل العاملين في صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية، وكيف أنها حصلت على تضامن كبير من ساسة العالم، ومحطات الإعلام المختلفة، وبين ردة الفعل الهزيلة التي يشاهدونها بعد حادثة مقتل المسلمين الثلاثة في أمريكا. 

  وبالرغم من أن مدعي منطقة ميدل ديستركت في كارولاينا الشمالية قد أكد للصحفيين أن حادثة قتل ثلاثة طلبة مسلمين بالرصاص « ليست جزءا من حملة استهداف للمسلمين بل إنها حادثة فردية »، فإن أبو صالحة -والد الفتاتين الضحيتين- عبر عن اعتقاده بأن هذه جريمة كراهية ارتكبها أحد الجيران، وقال: « كان أبناؤنا قد تحدثوا عنه.. لم يشعروا بالارتياح إزاءه، جاء إلى شقتهم أكثر من مرة، وتحدث إليهم بتعال وتهديد واحتقار، وووجه كلماته إليهم بأسلوب فوقي ».

   كما انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس الرئيس الأمريكي باراك أوباما لصمته، بعد قتل ثلاثة شبان مسلمين في كارولاينا الشمالية هذا الأسبوع. وقال أردوغان إن صمت أوباما ونائبه جو بايدن ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري ذو دلالات، وإن عليهم أن يتخذوا موقفا من هذه الأفعال، وأضاف: « إذا التزمتم الصمت حيال حادث كهذا ولم تتحدثوا فإن العالم سيلتزم الصمت تجاهكم ». أمنيتهم كانت الحياة ببساطة الضحايا الثلاثة كانوا مسلمين، يمارسون حياتهم، بعيدا عن التطرف، وشاركوا في الحياة العامة، وجمعت الزوجة نقودا لصالح اللاجئين السوريين في تركيا، واعتبرهم مارك كلاين شميت رئيس بلدية شابيل هيل بأنهم نموذجا طيبا للحياة المشتركة. 

  كما أن الصحفي إيثان غيزي قال في مقال له في صحيفة « هافينغتون بوست » إن أمنية الضحايا كانت كأمنية أغلب المسلمين في الولايات المتحدة، وهي أن يعيشوا حياة عادية داخل المجتمع".

   وتخوف غيزي من أن يأخذ بعض المسلمين الأمر بيدهم ومن ألا ينتظروا نتائج التحقيق والعدالة، كما تخوف من أن ينطوي المسلمين على أنفسهم، إلا أن الحزن والغضب لم يكونا حصرا على المسلمين لوحدهم في شابيل هيل، فأكثر من ألفي شخص تجمعوا مساء الأربعاء قبالة مكان الجريمة، قبل أن يخطب بهم أخ الشاب الضحية بأن يتمالكوا أنفسهم، فهو لا يريد معالجة النار بالنار.