خبر تشريح لفشل مدوٍ- اسرائيل اليوم

الساعة 10:37 ص|12 فبراير 2015

فلسطين اليوم

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

          (المضمون: التنازلات الاخيرة لاوباما التي في أساسها إبقاء اجهزة الطرد المركزي في أيدي روحاني، تشهد على أنه مصمم على السعي نحو اتفاق حتى لو كان ثمنه بالنسبة لاسرائيل غير محتمل - المصدر).

          في ذروة النقاش حول السفر المخطط له لرئيس الحكومة نتنياهو الى واشنطن، دُفع الى الهامش أساس المسألة التي من اجلها وضع الموضوع على جدول الاعمال السياسي والجماهيري. مع أهمية الاعتبارات التكتيكية المتعلقة بالخطاب أمام مجلسي النواب، هناك أهمية كبرى لتركيز الضوء على البعد الاستراتيجي، المتعلق بتصرف الادارة الامريكية الذي يحمل في داخله الكارثة تجاه طهران.

          في هذا المجال ارتكب الرئيس خلال السنوات الست من ولايته في البيت الابيض كل الاخطاء التفكيرية والسياسية الممكنة، وحوّل عملية رسم السياسة الامريكية تجاه ايران الى عملية خرقاء ومتواصلة وغير مفهومة، حسب الكتاب الذي لا ينسى للمؤلفة بربارة توخمان.

في الحقيقة فان الفشل التفكيري المركزي لاوباما تم اكتشافه في بداية ولايته عندما كرر التعبير عن ايمانه بأن السبيل لمواجهة المشروع النووي الايراني بنجاح، يجب أن يكون سبيل التصالح القائم في اساسه على الاغراءات والمحفزات بدلا من التهديدات والعقوبات. هكذا لم يُخف اوباما سعيه لتجديد المفاوضات مع القيادة ومع الجمهور في ايران. في تموز 2012، قبل أن يتم انتخاب روحاني رئيسا بعد، قام بفتح القناة السرية للعلاقات بين شخصيات كبيرة امريكية وايرانية. هذه الحماسة للاشارة للقيادة الايرانية بأن طريقه هي طريق تصالحية واضحة، وجدت تعبيرها في حزيران 2009، عندما تخلى عمن بدأوا « الثورة الخضراء » ضد النظام الايراني المستبد برئاسة احمدي نجاد وتركهم لمصيرهم وامتنع عن اتخاذ أي خطوة حقيقية كان يمكنها اعطاء الالهام والدعم لقادة الاصلاح.

          في نفس الوقت ظهر حاجز ضد الخط المتصلب الذي قادته فرنسا في المحادثات مع ايران. كان هذا في 2010، وبعد ان رفضت طهران الاقتراح بعيد المدى الذي بلورته الدول الست العظمى (الذي تضمن نقل اليورانيوم المخصب من ايران الى روسيا). واشنطن أعطت موافقتها لفرض عقوبات اقتصادية شاملة على النظام السائد في ايران. من نافل القول إن الاتفاق المرحلي الذي تم توقيعه في تشرين الثاني 2013 كان استمرارا مباشرا لهذا التوجه من التنازلات بعيدة المدى، وبهذا فقد أعطى بالفعل الشرعية للمكانة الجديدة لايران كدولة على شفا الذرة.

          التنازلات الاخيرة من مصنع اوباما، التي في اساسها استعداده أن يبقي في أيدي روحاني – في الاتفاق النهائي – نصيب الاسد من اجهزة الطرد المركزي (على أمل أن يعمل التغيير في طريقة انتاجها على ابطاء قدرتها على الانتاج)، هذه التنازلات تشهد على أن الرئيس الحالي مصمم الاستمرار في الوصول الى الاتفاق، حتى لو كان ثمنه بالنسبة لاسرائيل سيكون غير محتمل.

          ازاء هذا الوضع المليء بالمخاطر فقد جاء الوقت المناسب بالنسبة لاسرائيل الذي يلزم بتبني خط متصلب. حسب رأيي ليس فيه تنازلات أمام الاستعداد الامريكي لأن يبقي من خلف ضيعتها (اسرائيل) في الشرق الاوسط ايران كدولة عظمى اقليمية المهيأة بسهولة وبسرعة أن تجتاز الحد الفاصل بينها وبين القنبلة. لهذا وبسبب أنه لا مناص من مواجهة جدية مع مقاربة البيت الابيض، فمن المشكوك فيه أن يكون خطابا علنيا في الكونغرس هو الساحة التي تناسب هذه الحاجة، ليس فقط لاسباب حزبية حيث ان مكان هذا المنبر يلزم رئيس الحكومة باتخاذ خط حذر نسبيا وغير صدامي قدر الامكان تجاه البيت الابيض.

          وبدل ذلك، بالتحديد بسبب الضرورة الاستراتيجية العليا للخروج في حرب سياسية غير تنازلية ومصممة، يمكن للقاءات مغلقة مع مشكلي الرأي العام ووسائل الاعلام الامريكية بكل انواعها، ومع رؤساء معاهد البحث الاساسية، والاكاديميين والمثقفين، زعماء ورؤساء المنظمات اليهودية والاشخاص المركزيين في الكونغرس، أن تكون اكثر تأثيرا في خلق جو جماهيري يصعب على اوباما الاستمرار في هرولته باتجاه الاتفاق. يجب تركيز الجهود على النخب والاشخاص المركزيين في واشنطن (أغلبيتهم يصعب تصنيفهم بصورة قطاعية أو حزبية ضيقة)، على أمل أن بلورة اجماع واسع يمتزج باعتبارات استراتيجية وليس سياسية، ستساعد على وضع القيود على الادارة التي حتى الآن على الاقل تستمر في الركض بعيون مغمضة باتجاه اتفاق كارثي.