خبر نسي اليسار كيف يتكلم لغة الصهيونية- هآرتس

الساعة 10:35 ص|12 فبراير 2015

فلسطين اليوم

نسي اليسار كيف يتكلم لغة الصهيونية- هآرتس

بقلم: رامي ليفني

          (المضمون: في حين يتمسك اليمين في القضايا الصهيونية الجوهرية (على طريقته) يبتعد المركز- يسار عنها بالتدريج- المصدر).

الاتهامات التي يلقيها بنيامين نتنياهو على قائمة المعسكر الصهيوين، كأنها « لا صهيونية »، هي وحشية لفظية، وايضا وقاحة حمقاء وثرثرة ساخرة دون اساس حول شرعية ووطنية خصومه السياسيين. وهو عمل منحط من الناحية الديمقراطية، والذي يصل درجة التحريض.ويتحول إلى وقاحة عندما يأتي من فم « صهيوني » مثل نتنياهو، والذي كرس حياته الفعلية لكبح الخطوة الاكثر اهمية في مصير الصهيونية: ارساء دولة اليهود القومية ضمن حدود ثابتة معترف بها.

ولكن، وخارج الدعاية الانتخابية، من الجيد ان الجدل حول الصهيونية احتل مكانا في الحملة الانتخابية الحالية. إذ لا مفر من ذلك. اسحق هرتسوغ وتسيبي ليبني بدءا مشوارهما بشكل صحيح، عندما اختارا اسم المعسكر الصهيوني للحزب الذي شكلاه. وهكذا أعلنا بأن المركز – يسار وضع حدا لاسلوب الدفاع عن العقائد وهو الأسلوب الذي اتبعاه خلال السنوات الاخيرة، وأن لديهما النية للوقوف مرة اخرى في وجه اليمين في حلبة المواجه السياسية المركزية، والتي رسمت حدود السياسة الاسرائيلية: الحرب على طبيعة الصهيونية.

هل الصهيونية حركة قومية عمياء، والتي تتلخص رؤياها في الاستيلاء على المناطق بثمن فقدان الاغلبية الديمقراطية والجوهر الاخلاقي، والتوجه الاثنوقراطي (العرقي) اتجاه الأقلية العربية داخل إسرائيل؟ أو ان الصهيونية هي تتطلع قومي ليبرالي، مسؤوليتها السيادية إزاء الشعب اليهودي تتمثل في ضمان مستقبل حافل بالسلام للدولة. ووضعها في عائلة الامم والمجتمع الدولي على قدم المساوة والمسؤولية؟ ما هي الصيغة التي تختارها اسرائيل؟ هذه مسالة أساس أصابها الابهام لأسباب عديدة أثناء الحملات الانتخابية الاخيرة. الآن، علينا أن نأمل بأن يدور حولها نضال ثاقب.ولكن، إذا تحدثنا بمصداقية، فإن حزب المركز – يسار ليس جاهزا لهذا التحدي. كما انه ليس هناك مبرر للافتراء على اليمين كما لو انه تحول إلى ما بعد صهيوني، من الواضح ان بعض المجموعات الهامشية في الطرف الاقصى المتطرف لليمين انسحبت عقائديا من المواقف الصهيونية الكلاسيكية. لكن وبالمقابل علينا الاشارة بأن  الحوار الصهيوني اليساري أصابه بعض التآكل. « المركز - يسار الصهيوني » الذي تحدث دائما « بطريقة صهيونية »، بمعنى رؤية اسرائيل باعتبارها مشروع قومي متواصل، فخور، له هدف ومكان في التاريخ، وينطلق من خلال هذه النظرة الشمولية لاختبار المسائل السياسية الحاسمة للدولة – لقد نسي قليلا هذه اللغة.

 ما زالوا في اليمين يتحدثون، ويفكرون، ويكتبون حول ذلك الكتب، على طريقتهم بالطبع. اما في اليسار فأقل وأقل. في بعض الاوساط التي لا يستهان بها تطور نوع من الانسحاب في مواجة الذرائع والمفاهيم القومية، وهو ما بدا كنقيض للحوار الشعبي – ديمقراطي، الحوار الذي يجب ان يلتزم به اليسار الجدير بحمل اسمه.

ضعف الخيار « الصهيوني – يساري » عبر عنه ابتعادهم عن المواضيع السامية التي اعتنى بها « المركز – يسار » على الدوام فيما مضى، وعلى رأسها موضوع تقسيم البلاد. هم يتجادلون حول ذلك أحيانا، ولكن دون الحماس المرافق لموضوع جوهري كامن في عمق الصهيونية. كما هُجرت أو تُركت لقوى سياسية أخرى أمور الاهتمام ب ومعالجة مواضيع مشتقة من الايديولجيا الصهيونية – الرسمية، مثل ضرورة تكامل الحراديم (المتدينين المتشددين) او الإصلاحات في انظمة علاقة الدين بالدولة بشكل عام. إضافة إلى اسئلة ثقافية بعيدة المدى اشغلت التفكير الصهيوني، مثل الحفاظ على العامل المشترك في المجتمع الاسرائيلي المتجزئ لفرق وقطاعات، وتطوير الارتباط مع العالم اليهودي – هذه لم تعد من الاهتمامات الاولية لليسار. عندما يتقدم اليمين بقانون القومية – تشن المعارضة هجومها لصده، لكنها لا توضح ما هي الدولة اليهودية من وجهة نظرها. عندما تعمل حكومة نتنياهو على الحفاظ على مواقع التراث، أو تستأثر لذاتها بذكرى الكارثة – يكتفي اليسار بالابتسام.

يمكن الادعاء بالطبع ان ما ذكر مجرد مواضيع عفا عليها الزمن، بأن الصهيونية باتت  من الماضي، ومن الافضل الان الكف عنها لصالح بناء سياسة شعبية تتركز في انماط اشتراكية وفي حقوق الافراد، لها لغة ما بعد القومية. لكن اليسار يدعي بان هذا ليس ما يفكر فيه، وأنه ما زال يؤكد، ابتداء من حزب العمل – هتنوعاه وحتى ميرتس، التصاقه بالصهيونية. إذا صح ذلك فالشعارات لا تكفي. لقد آن الاوان لعرض محتوى حقيقي، لتعميق وتجديد الذخيرة الصهيونية – اليسارية، والاستعانه بها للشروع في المواجهة السياسية.