خبر « من المسافة صفر ».. كتاب أدبي يُحاكي بطولات المقاومة (تقرير)

الساعة 12:11 م|10 فبراير 2015

فلسطين اليوم

#رسائل_تحت_الحرب، هاشتاق جمعهما سوياً خلال « 51 » يوماً من العدوان « الإسرائيلي » على قطاع غزة، كان بمثابة النواة الأولى التي انطلقت منها الشاعرة « آلاء القطراوي » والكاتبة « رنا العلي » نحو العالم توثقا جرائم الاحتلال لحظة بلحظة، إلى أن تطورت فكرة الهاشتاق وأصبحت كتاب يُحاكي أدب المقاومة حمل اسم « من المسافة صفر ».

« من المسافة صفر » هذا الاسم الأكثر قوة وارتباطاً ببطولات رجال المقاومة في غزّة، كان السر وراء تسمية هذا الكتاب، تقول القطراوي في إحدى رسائلها: « حين أصبحت فوهة البندقية ملاصقة لرأس جنود الاحتلال، فسقطت المسافة وبقي »الصفر« شاهداً حتمياً على الانتصار، فالصفر في وطني علامة نصر ».

وتقول القطراوي إن الهدف من الكتاب أن تصبح قصاصات الأوراق « رسائل عالمية »، فالكتابة تحت صواريخ الf16، هي أشبه بنمو وردة تحت القنابل، والعثور على صورةٍ لجميع أفراد العائلة مبتسمين تحت ركام المنزل.

من ناحيتها، أرادت العلي من خلال رسائلها أن تقول للناس هذه الحرب لكن بشكل أكثر قرباً، وتفصيلاً، ودقة، وتتابع: « إنه وثيقة الزمان التي نتركها للناس عن 51 يومٍ كـ 51 عام!

أدب مقاومة/ حروب

»من المسافة صفر« كتاب يندرج مضموناً تحت ما يسمى بأدب الحروب أو أدب المقاومة، في هذا الإطار ترى »العلي« أن المقاومة وجه الحرب الجميل، وإن كانت الحرب هي الوحيدة التي لا تمتلك وجهين، لذلك يعد مصطلح أدب الحروب هو الأشمل من أدب المقاومة الذي يعتبر الحرب فعلاً مقاوماً له أدواته وينحصر الحديث فيه عن عدوٍ ومقاتل، محتل وشهيد.

وتضيف: »حين يبدو الموتُ خياراً منطقياً وسط الحرب، تُصبح الحياة مصطلحاً يختلف تماماً عن الذي يرويه الشعراء، والكتّاب؛ لذلك وحدها الحرب من تجعل للأشياء مسمّياتٍ أخرى« .

لم يكن هذا الكتاب هو التجربة الأولى للشاعرة القطراوي في هذا المضمون، فاللون المقاوم كان نصيبه وافراً لدى كتاباتها، كما أن أول جائزة حصلت عليها في المرحلة الابتدائية كانت قصتها حول »قصف أطفال عائدين من المدرسة مع أمهم« ، على حدّ قولها.

وثيقة تاريخية

لم يكن إنتاج  الكتاب على محض الصدفة، كان تجربة هادفة وصادقة تقول »العلي« : »كل كتاب له تجربة خاصة، وهذا الكتاب مختلف، إنه الوثيقة التاريخية التي حاولت أن تقول في الحرب ما لم تلتقطه عدسة الإعلام.

وتوضح القطراوي أنه مع بداية العدوان على غزة في منتصف ليلة السابع من يوليو كتبت لرفيقتها العلي: « دعينا نكتب رسائلنا الأخيرة! »، وتكمل حديثها: « لم يكن الأمر عبثياً أن تُمسك ورقة وقلم وتكتب رسائلك التي ربما ستكون الأخيرة، في نهاية كل رسالة كنتُ أخبر رنا: سنهزأ من الموت ليبتسم لنا أكثر، وابتسامة الموت حياة ».

بدورها، تقول العلي: « لم أكن أعرفُ هل سنحيا حتى هذه اللحظة، لكني حينَ كتبتُ رسالتي الأولى إلى آلاء ختمتها: سنسخر من الموتُ معاً يا رفيقة، سنحيا رغماً عن بني إسرائيل، لأننا لم نعبد العجل، ولم نحيا على أنقاض تاريخ ».

تميز المضمون والإخراج

ما الشيء الذي ميّز « من المسافة صفر » الكتاب الذي أُنتِج تحت ضربات الاحتلال الموجعة؟، تجيب العلي قائلة: « تنوع الرسائل بحسب تسلسل الحرب الزمني لم يجعل للكتاب طابعاً من لونٍ واحد، وهو ما يخرج بالكتاب إلى مشهد متكامل عن الحرب لمن قرأه ولم يُعاصرها أو يسمع بها ».

أمّا « القطراوي » فكان ردّها: « إن غزّة بوجعها الناضج ومقابرها المتوردة وجدرانها التي امتلأت بصور شهدائها وشعارات المتألمين والصابرين هي مَنْ تميز الكتاب، تميز غزة رسائلنا لا تميزه  ولا أسماؤنا، ونحن ممتنين لها ».

وتتابع: « الرسائل تحاكي وقائع الحرب على مدى 51 يوماً ، الحياة اليومية ، التفاصيل الصغيرة ، أسماء الشهداء ، قصص الجرحى ، دموع الأمهات ، الجنازات الناقصة من المحبين ، والكثير من الوجع ، كما الكثير من الإيمان ».

« الإخراج الفني كان مهمّة شاقة، جمعاً وترتيباً لقصاصات الورق المتناثرة والرسائل التي احتفظنا بها في دفاترنا التي رافقتنا في كل مكان » وتضيف العلي حول أكثر ما ميّز الكتاب من الناحية الإخراجية، فتقول :« بصمة الغلاف بريشة الرسّامة السورية سالي الذهبي، وتصميم رسام الكاريكاتير الشهير د.علاء اللقطة هما ما ميّز الكتاب شكلاً.

وصدر الكتاب في السادس من الشهر الحالي عن دار القمري للنشر والتوزيع في مصر، ويعد من القطع المتوسط، ويقع في 164 صفحة، ويتواجد في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

منصة النشر الأولى

انقطاع الكهرباء لأيام متواصلة خلال فترة العدوان إحدى المعيقات التي حاولت القطراوي والعلي التغلب عليها لنقل المشهد للعالم أولاً بأول، تقول القطراوي : » سوء خطوط الهاتف والجوال، وصعوبة اقتناص فرصة هدوء لدخول الإنترنت، كل ذلك كان يُشكّل صعوبات كثيرة« .

وتابعت: »كنتُ أحتفظ ببعض الرسائل على ورقة دفتري لعدة أيام قبل أن أتمكن من نشرها، ومكتبي كان مليئاً بقصاصات الورق التي دوّنت فيها أبيات شعرية كثيرة« .

أما العلي فتقول: »كانت مواقع التواصل الاجتماعي « الفيسبوك وتويتر »، منّصتيْ النشر لرسائلنا، ونافذتنا الوحيدة لأن نُخاطب العالم« . وتتابع: » حاولنا خلال الحرب أن نكتب ما استطعنا من الرسائل لكي تكون شاهداً على كل شيء« .

وسيشارك الكتاب في معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب، وكذلك معرض تونس الدولي للكتاب، إضافة إلى أن أول ظهور له في الخليج في معرض مسقط الدولي للكتاب، يتلوه معرض الرياض الدولي للكتاب، وبانتهاء معرض القاهرة سيكون الكتاب مُتاحاً في قطاع غزة، الضفة الغربية، القدس، فلسطين المحتلة عام 48.

فرحة الإنجاز

ما حجم الفرحة التي انتابتكما لحظة أن رأى الكتاب »النور« ، تجيب العلي: »فكرة إصدار كتاب أثناء الحرب، بحد ذاتها فكرة جنونية، تكلمنا في أدق التفاصيل وأودعنا ذلك الحلم على فوهة مدفعٍ لم يُطلق قذيفته بعد، انتهت الحرب وخرج الكتاب من صدورنا قبل أقلامنا، يزفه الفرح والحزن معاً، هذا الكتاب مُهدى إلى الذين نسيت الصحف أسماءهم، ولم ننساهم.

في حين أن القطراوي لم تتخيل لحظة أن الرسائل ستصبح « كتاباً » يرى النور، وتضيف :« حين أخبرتني رنا عن ذلك، كانت الحرب في أشدّ لحظاتها، وكنتُ أتحمل عبء الكلمات التي تهوي بقلبي بعيداً حين أخبرتني أن الكتاب أمانة في رقبتي إن خَطَفتْها يدُ الحرب، ومنذ ذلك الوقت وأنا أنتظر هذا المولود بفارغ الصبر ».