خبر تطورات في سوق النفط -نظرة عليا

الساعة 09:36 ص|10 فبراير 2015

بقلم: شموئيل إيفن

 (المضمون: الاسعار المنخفضة للنفط نابعة من تضارب المصالح بين مجموعتين من الدول المنتجة للنفط، الاولى على رأسها السعودية المعنية بخفض الاسعار لكي تستمر في انتاج كميات كبيرة، والثانية هي الدول التي تعاني من المصاعب الاقتصادية والمعنية بأسعار مرتفعة. وبشكل عام فان انخفاض سعر النفط للبرميل يفيد في زيادة النمو الاقتصادي العالمي - المصدر).

 

          منذ منتصف عام 2014 حدث انخفاض كبير في اسعار النفط في العالم. مثلا، سعر برميل النفط الامريكي من نوع دبليو.تي.آي وصل في نهاية كانون الثاني 2015 الى 44 دولار للبرميل، مقابل 105 دولارات للبرميل في نهاية حزيران 2014. في مستوى منخفض سابق سجل في منتصف شباط 2009، كان سعر البرميل 34 دولار مقارنة مع ذروة الـ 140 دولار للبرميل في نهاية 2008 وقاع الـ 18 دولار في منتصف تشرين الثاني 2001. في الايام الاخيرة بدأ انتعاش معين في السعر (حتى 3 شباط كان سعر برميل النفط 52 دولار). في كل الاحوال من الواضح أن سعر النفط متذبذب جدا ويصعب التنبؤ به.

 

          السبب المباشر لانخفاض اسعار النفط في منتصف السنة الماضية هو زيادة الطلب. في السنوات الخمسة الاخيرة، في الوقت الذي كانت فيه اوروبا تريد التخلص من الازمة الاقتصادية، وفي الصين تقلصت وتيرة النمو السريع (الجهات التي تنتظر طلب النفط في العالم)، ازداد انتاج النفط في العالم بدرجة أعلى من الاستهلاك. ويبرز هنا الارتفاع الحاد في انتاج النفط الامريكي بسبب انتاج النفط الصخري. الزيادة في انتاج النفط في العالم تغطي النقص في انتاج دول مثل ليبيا، التي وضعها الداخلي غير مستقر، وايران بعد العقوبات التي تم فرضها عليها من الدول الغربية.

 

          على سبيل المثال. حسب بيانات « اوبيك » منذ كانون الثاني 2015، التي تستند على مصادر مختلفة، وفي سنوات 2009 – 2014 انخفض انتاج النفط الخام لايران من 3 مليون و75 ألف برميل يوميا الى 2 مليون و76 ألف برميل يوميا. في حين أن انتاج العراق ازداد من 2.42 مليون الى 3.66 مليون برميل يوميا (رغم وضعه الداخلي الصعب). زيادة واضحة كانت ايضا في انتاج السعودية، الكويت واتحاد الامارات. في ليبيا انخفض الانتاج بمعدل حاد من 1.56 مليون الى 0.44 مليون برميل يوميا. كما أن تعزز سعر الدولار الامريكي في العالم ساعد بصورة مباشرة في هبوط سعر البرميل المتفق عليه بالدولار.

 

          هناك تأثير أساسي على وضع سوق النفط يتمثل بتضارب المصالح بين مجموعتين من الدول الكبرى المنتجة للنفط في العالم. المجموعة الاولى – العربية السعودية، الكويت والامارات – التي تملك احتياطي من النفط والعملة الاجنبية كبير جدا ووضعها بشكل عام جيد. لدى العربية السعودية 16 بالمئة ممن احتياطي النفط في العالم، تكفي على الاقل لفترة 63 عاما بمعدل الانتاج الحالي. توجد مصلحة لاعضاء هذه المجموعة في تضخيم مداخيلها من النفط للمدى البعيد، وهي معنية بأسعار نفط معتدلة من شأنها تطوير بدائل للنفط الذي تنتجه. وفي المقابل، يوجد للدول المنتجة للنفط التي تعاني مصاعب اقتصادية ومنها روسيا والعراق وايران وفنزويلا، مصلحة في مداخيل عالية بقدر الامكان في الوقت الحالي، الامر الذي يتطلب اسعار نفط عالية في السوق العالمية، وذلك ايضا بثمن تشجيع بدائل للنفط على المدى البعيد. قررا منظمة « اوبيك » في تشرين الثاني 2014 عدم تقليص انتاج النفط لاعضاء المنظمة يناسب مصالح العربية السعودية وحلفائها.

 

          الامير السعودي الوليد بن طلال برر في 11 تشرين الثاني 2014 قرار العربية السعودية عدم تقليص انتاج النفط بأنه جاء لاعتبارات اقتصادية ونقص الثقة بين الدول المنتجة للنفط. حسب اقواله، اذا قامت العربية السعودية بتقليص انتاج النفط من 1 حتى 2 مليون برميل في اليوم فان دول اخرى ستزيد انتاجها على حسابها. وأضاف أنه حتى اذا تم الاتفاق على تقليص الانتاج فان هناك دول ستكذب بشأن انتاجها. وقد قدر إبن طلال أننا لن نرى ثانية سعر الـ 100 دولار للبرميل. وتجدر الاشارة الى أن موت الملك السعودي عبد الله في 23 كانون الثاني 2015، لن يؤثر على سوق النفط العالمية.

 

          وكقاعدة عامة، يوجد لاسعار النفط المنخفضة تأثير ايجابي على النمو الاقتصادي العالمي، لأن اغلبية الدول مستوردة للطاقة. انخفاض الاسعار تفيد بشكل خاص اغلبية دول اوروبا واليابان، التي تمر بمصاعب اقتصادية، ودول مثل الصين التي يعتبر استمرار النمو السريع فيها هدف استراتيجي لها. مع ذلك فان مستوى اسعار منخفض يشجع الطلب على النفط ويبطيء تطوير الطاقة البديلة ويقلص الاستثمارات في استخراج النفط مرتفع الثمن (وهو توجه بدأ طريقه!)، وهكذا فان سعر النفط في المستقبل سيعود ويرتفع، لا سمح الله، الى أن يجدوا على المدى البعيد بدائل رخيصة للنفط.