خبر ترجمة: « إسرائيل » سلمت بسلطة حماس في غزة

الساعة 08:40 ص|04 فبراير 2015

فلسطين اليوم

في سيناء تدور معركة بين نظام حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي وتنظيم « داعش » الذي عرف سابقاً بـ « أنصار بيت المقدس »، يدور الحديث هنا عن حرب شاملة، يعلم السيسي انه إذا لم يفلح في التغلب على الإرهابيين المارقين الدمويين في سيناء فإن ذلك سيكون بداية لنهاية حكمه.

المصريون طلبوا وفقا لترجمة خاصة لمركز أطلس للدراسات، وسمح لهم من قبل اسرائيل باستخدام الأسلحة الثقيلة وإدخال الأدوات القتالية الممنوع عليهم إدخالها الى سيناء (وفق اتفاق السلام)، الارهابيون من جانبهم لا يترددون بقتل عشرات الجنود المصريين عبر عمليات إرهابية فظيعة، قرر السيسي مسح رفح المصرية لكي يخلق منطقة عازلة واقية بين غزة وسيناء، وأعلنت محكمة مصرية (31 يناير) عن الذراع العسكري لحماس تنظيماً إرهابياً، وعلى ما يبدو فإن ذلك كله سيتواصل ويشتد وطأة في الأسابيع والشهور القادمة.

الميزان الاستراتيجي في المنطقة بات كالتالي: إسرائيل في الشمال وغزة في الوسط ومصر في الجنوب، غزة مضيق عليها من كل الجهات، ولكنها تتسلح مرة أخرى بالصواريخ التي تهدد تل أبيب ومعظم مناطق إسرائيل، و« داعش » حالياً تستنزف الدم المصري في سيناء، ولا يبدو كمن يريد ان يتنازل، الكل ضد الكل، ولكن الغزيين فقط يقبعون في طنجرة ضغط تبعبع من الغلي تكبر انفجاراتها مع مر السنين.

 

« لم نستطع الفهم » قال مسئول إسرائيلي عسكري كبير « كيف يمكن للغزيين ألا يفيض بهم من سلطة حماس؟ لماذا هم مستعدون لمواصلة العيش في مثل هذا الواقع؟ »؛ هذا السؤال الذي ورد هنا على لسان رجل أمن اسرائيلي رفيع المستوى، المطلع على الشأن الفلسطيني عموماً والغزي خصوصاً، هو في الحقيقة سؤال مشترك بين الجهات الأمنية الاسرائيلية كلها، أثناء عملية « الجرف الصامد » (يوليو – أغسطس 2014) حيث اضطر حوالي نصف مليون غزي الى مغادرة بيوتهم وأصبحوا « لاجئين »، وعشرات آلاف الغزيين فقدوا منازلهم التي خربت أثناء القتال، في غزة قتل حوالي 2200 انسان في العملية، وأصيب حوالي 11000، من بينهم نساء وأطفال، وجزء كبير منهم لا يستطيعون السير على أقدامهم أو القيام بشئونه اعتماداً على قوة جسده أبدياً.

 

أضف الى ذلك كله؛ فإن سلطة حماس هي سلطة دكتاتورية، فالمعارضون لحماس يلقى بهم من الشواهق أو تطلق النار على ركبهم فيصابوا بالعاهات المستديمة، أثناء الحرب فرقت حماس بوحشية مظاهرات عفوية خرجت ضدها في غزة، وها هو الغبار قد انقشع وتوقف إطلاق النار والأعمال كالمعتاد، حماس تحكم في غزة، حكم من دون مصر ولا أحد يتكلم أو حتى يهمس في وجهها، كيف يمكن لذلك ان يحدث؟ يتساءلون في اسرائيل لماذا لم يمل الشعب من حكم حماس؟

 

« لقد قاتلوا من أجلنا » قال تاجر غزي غني لأحد المسؤولين الإسرائيليين في الأسابيع القليلة الماضية، « حتى من لا يؤيد حماس لا يمكنه الخروج ضدها، أنتم لا تفهمون حماس » أكد الغزي « إنهم لا يقاتلون ليبنوا لأنفسهم فيلات أو ليغتنوا، الشعب يشعر ان حماس تقاتل من أجله لكي تكسر الحصار وتجلب مواد البناء وتمكن الطلاب من السفر للتعلم وللعمال الخروج للعمل في اللحظة التي يعرف فيها الشعب بأن السلطة تقاتل من أجل أهداف تهمه فلا معنى للاعتراض ».

 

صحيح ان الأنظار متجهة الآن نحو التسخين الجاري على الجبهة الشمالية، وتبادل الضربات بين إسرائيل وحزب الله، وتواصل الحرب الاهلية في سوريا، وجهود كبح جماح « داعش » التي تواصل قطع الرؤوس وما الى ذلك؛ ولكن لا يجب أن ننسى القنبلة الموقوتة التي تتكتك في غزة، إسرائيل تراقبها بعيونها السبعة.

 

رويداً، وبهدوء، ومن تحت الرادار تغيرت في المنظومة الأمنية الإسرائيلية المفاهيم حول غزة في الأشهر الأخيرة؛ بدأ الأمر حتى قبل « الجرف الصامد » واندلاع الحرب شوش تقدمه، ولكن الآن وبعد ان هدأت الأمور قليلاً يمكن المواصلة، سياسة تضييق الخناق الإسرائيلية شرعت في ترك مكانها لصالح تحرير مراقب ومنطقي لطنجرة الضغط الغزية، انفجار آخر قد يصل قريباً إذا لم تتغير بشكل جوهري حياة الغزيين، ليس من الجيد لأي طرف، ليس لإسرائيل، وليس لمصر، ولا لغزة.

 

حالياً إسرائيل تحاول تخفيف الضغط عن غزة، والتخفيف على الغزيين من أجل إدارة اقتصادها وتطويرها، ولكن المعضلة ان حماس قد تربط هذا التحسن بانتصارها في عملية « الجرف الصامد »، يقولون في اسرائيل انه لا علاقة بين الأمرين؛ إذ ان سياسة اسرائيل بدأت قبل العملية حقيقة، ويقولون في اسرائيل « شرعنا في تغيير سياستنا تجاه التجار قبل التدهور الأمني الذي قاد الى العملية ».

 

سيكون من الصعب على الاسرائيليين إثبات ذلك، ولكن الآن الواقع على الأرض يختلف، عدد المغادرين والداخلين من غزة وإليها ازداد بشكل كبير، ولا سيما الطلاب والعمال الذين يخرجون للضفة الغربية، اسرائيل تسمح لغزة بإرسال الأسماك والمنتجات الزراعية، وخصوصاً الى الخليج ومناطق السلطة، مساحة الصيد زيدت، منظومة الإعمار الذي أسس من قبل مبعوث الامم المتحدة روبرت سيري وممثل السلطة رامي الحمد الله ومنسق الأعمال في المناطق الاسرائيلية يطبق لائحة مراقبة صارمة على المواد التي تدخل لأغراض الإعمار، ولكنه في النهاية يسمح بإدخالها؛ بكلمات أخرى فإن إسرائيل بدأت تسلم بوجود حماس كجهة سلطوية، وبحركة حماس كتنظيم ممثل أصلي حقيقي للشعب الفلسطيني.

 

لا يوجد أحد في إسرائيل معجب بهذا الرأي، فإن حماس كانت وما زالت تنظيماً إرهابياً يدعو ميثاقه الى إزالة إسرائيل، وليس لديه إمكانية شرعية أو دينية أو اخلاقية ليجري مفاوضات مع إسرائيل أو ان يعترف بها، من ناحية أخرى هذا ما يريده الفلسطينيون، إذا حاولت إسرائيل ان تكبل أقدام حماس في محاولة لمساعدة الفلسطينيين ان يفهموا بأن التنظيم يجلب لهم الكوارث؛ يبدو ان اسرائيل من الآن تنازلت عن محاولة تثقيف الشعب الفلسطيني، وهي الآن تفضل محاولة رفع الغطاء مراراً عن طنجرة الضغط خشية ان تنفجر في وجهها.

 

فرص نجاح هذه العملية ليست واضحة، يبقى الوضع في غزة صعباً جداً، في مؤتمر الدول المانحة لإعمار غزة (أكتوبر 2014) وُعد الغزيون بالمليارات، ولكن لم يصل شيء ما عدا قطر والسعودية، واللتان شرعتا قبل عدة أسابيع بنقل الأموال التي تعهدتا بإرسالها، أما بقية الدول فقد أبقت وعودها حبراً على ورق.

 

بسبب أزمة السولار فإن جزءاً كبيراً من الغزيين تصلهم الكهرباء لمدة 4 ساعات لليوم فقط، والأمل هو بلوغ جدول الـ 8 ساعات عما قريب، عشرات الآلاف ما زالوا لاجئين في المدارس العامة، مواد البناء تتدفق ببطء شديد؛ إذ لا مال لشرائها، والكميات الأولية تقدم كالعادة لبنى حماس التحتية (ويأخذون في اسرائيل بعين الاعتبار بناء الأنفاق)، وتحول الاسمنت الى المنتج الأعلى ثمناً في قطاع غزة، فقبل حوالي سنة أصبح موال الاسمنت النغمة الموسيقية الأشهر في غزة؛ مقابل كل ذلك فإن خطوات المساعدة الاسرائيلية السرية هي بمثابة قطرة من ماء البحر.

 

« وضع الأمور الحالي » يقول مسؤول رفيع في الأمن الاسرائيلي « من غير الواضح ما إذا كان من الممكن منع طنجرة الضغط من الانفجار مرة أخرى »، يحصل ذلك كله لأن معركة تدور الى الجنوب قليلاً من هناك تؤثر مباشرة على غزة، والى الشمال قليلاً من هناك تقبع إسرائيل، والمتورطة هي أيضاً في عدد من الساحات في الوقت الحالي، الكل يضيق على الكل، وجميعهم مخفوقون في طنجرة الضغط الغزية الكبرى التي تنتج الكثير من الانفجارات من مكانين في العام الواحد، والسؤال هو هل ومتى سنصل الى الانفجار الكبير.