خبر قضية الجمعيات- يديعوت

الساعة 10:32 ص|03 فبراير 2015

من أين المال 

بقلم: يوعز هندل

 (المضمون: اذا كان حصل كما زعم بان المال انتقل من دولة الى جمعية وفي النهاية وصل الى حملة ضد الحكومة – فثمة هنا مشكلة خطيرة يجدر الا نتجاهلها. اما اذا كان هذا مالا خاصا، فان « القضية » تنتهي بمؤتمر صحفي يعقده اكونيس وريغف- المصدر).

 

          إحدى الظواهر الاكثر تشويقا في السياسة الاسرائيلية هي استيراد مستشارين أجانب في أيام الانتخابات. فأكبر الوطنيين يبحثون عن أكبر المستشارين الاجانب. ولكل رجل يوجد مستشار، ولكل مستشار يوجد مستطلع. والكل يتكلم الانجليزية ويفهمون اسرائيل بالضبط مثلما أفهم أنا المزاج في اسكتلندا.

 

          يعرفون كيف يميزون بين السياسي والاقتصادي، ولكنهم لن ينجحوا ابدا في أن يفهموا ما هو الفارق بين خريج المظليين وخريج صحيفة « بمحنيه »، بين اسرائيلي من رحافيا واسرائيلي يسكن في اللد. بين المتدين الصهيوني من افرات والمتدين الصهيوني من هار براخا. معرفتهم تتلخص بالارقام التي جمعت لهم، الشعارات القابلة للاستيعاب، وليس في الطبع الذي بدونه لا يمكن فهم أي شيء. في كل مرة تجدني أدهش من جديد عما يفكر به قادة الاحزاب؟ ماذا يوجد في عقول اللاعبين الذين يشترونهم ولا يوجد في العقل الاسرائيلي؟ فلئن كانت اسرائيل معقدة للاسرائيليين، فانها للناس من الخارج تكاد تكون غير قابلة للفهم.

 

          بعد المستشارين (وربما قبلهم) يأتي المال. فحص مصادر التمويل للاحزاب المختلفة يبين أن للسياسيين، من اليمين ومن اليسار، هناك متبرعون أجانب معنيون جدا من ينتخب في الانتخابات الاولية. جمعيات الصداقة التي توجد في نيويورك وتجمع المال. ومبعوثون عن أعضاء المعارضة، وزراء ورؤساء وزراء يغرقون في المتعة ويطورون علاقات وحصانة اقتصادية لسياستهم. اسرائيل هي ملعب لاصحاب الملايين من الخارج، دون فارق بين المعسكرات السياسية.

 

          ولكون الجميع متساوون امام المال السياسي، فان قصة الجمعيات التي ينشرها الليكود مثيرة للاهتمام في جانب واحد – دور الحكومات الاجنبية ومساهمتها في ما يجري في اسرائيل وفي الساحة الدولية. واذا كان حصل كما زعم بان المال انتقل من دولة الى جمعية وفي النهاية وصل الى حملة ضد الحكومة – فثمة هنا مشكلة خطيرة يجدر الا نتجاهلها. اما اذا كان هذا مالا خاصا، فان « القضية » تنتهي بمؤتمر صحفي يعقده اكونيس وريغف (بالمناسبة، لليكود هناك اعلاميون افضل) وبحالة من الاشمئزاز. وبشكل عام، يجدر الانتباه بان الجميع يسكنون في بيوت من زجاج – ولهذا فمرغوب فيه الامتناع عن رشق الحجارة الواحد على الاخر.

 

          في السنوات الاخيرة صعد وهبط مرة تلو الاخرى قانون الجمعيات، وكانت هذه فرصة ممتازة للبحث في مصادر تمويل المنظمات السياسية في اسرائيل. ولشدة الاسف والتجربة، فان فرصا من هذا النوع تختفي بتصريحات للصحافة وبجدالات عديمة النتائج.

 

          اسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي توجد فيها منظمات تتمتع بدعم مالي من السفارات والحكومات الاجنبية. ويدور الحديث عن تدخل مباشر بملايين الدولارات في السنة. تعنى بعض المنظمات بحقوق الانسان، وتعنى اخرى بالسياسة. وتتشارك جميعها بالانتقاد للسياسة الاسرائيلية.

 

          الدولة الديمقراطية – كل دولة – بحاجة الى انتقاد خارجي. كما أن الدولة الديمقراطية بحاجة الى منظمات حقوق الانسان. عندي انتقاد لاذع على منظمات مثل « نحطم الصمت » و « بتسيلم ». في نظري، فضلا عن خطاب التشهير الذي يديرونه في ارجاء العالم، فانهم يضرون بالهدف الذي من أجله قاموا، ومع ذلك فمن حقهم العمل، الانتقاد والعض كما يشاءون. عندي انتقاد شديد على منظمات مثل « عدالة »، ممن يدعون الى تحويل اسرائيل من دولة قومية الى دولة كل مواطنيها، ومع ذلك ففي الديمقراطية الحرة مثل اسرائيل يعملون، خلافا لارادتي، كما يشاءون.

 

 

          الاسئلة الجوهرية هي حول الدعم من الخارج، وللدقة ما هو مصدر المال. في اسرائيل تشجع التبرعات الخاصة أعمالا مناهضة للصهيونية وصهيونية بلا عراقيل. فالمال الخاص يشجع الاستيطان في يهودا والسامرة، كما يشجع الانسحاب من يهودا والسامرة. هناك أموال تصل الى السلام الان والى مجلس « يشع » للمستوطنين. كله سياسي، وللجميع توجد علاقات في الاحزاب، وكله معقول. فكاتب هذه السطور نشيط تطوعي في ثلاث منظمات تعنى بالصهيونية وتتمتع بتبرعات من يهود خاصين من خارج البلاد.

 

          المعقول يصبح غير معقول حين يدور الحديث عن حكومات تحاول التأثير على ما يجري هنا. في موقع الانترنت لمنظمة NGO" مونيتور تظهر قائمة لمنظمات اسرائيلية تتلقى تمويلا من حكومات في ارجاء العالم. بعضها يدعو الى المقاطعة ضد اسرائيل. هناك منظمات تساعد في الدعاوى ضد ضباط الجيش الاسرائيلي أو تدعو الى رفض الخدمة. كل هذه عملت بلا عراقيل في سنوات حكم نتنياهو.

 

          اذا كان هناك قضية جمعيات جدية، فهي تنبع من عدم قدرة اليسار واليمين على الاتفاق على قواعد لعب ديمقراطية واضحة. والفهم اين تمر حدود المال. كل ما تبقى هو حملة انتخابات لمستشارين أجانب ضد جمعيات اجنبية ويهود أجانب على مال أجنبي.