خبر ثرثرة عدم التأكد- هآرتس

الساعة 09:41 ص|24 يناير 2015

بقلم: آري شبيط

إن عملية الطعن في تل ابيب والتوتر في الشمال تؤكد ثانية حقيقة أن سنة 2015 هي سنة المخاطر العالية. يوجد لحزب الله قدرة كبيرة بامكانها اصابة اسرائيل بجراح شديدة. يوجد لحماس قدرة متجددة، بامكانها تشويش حياة ليس فقط غلاف غزة ولكن ايضا مركز البلاد. الهدوء في يهودا والسامرة هو هدوء هش. التطرف الاسلامي يجلب قوات مجنونة الى الحدود الشمالية والجنوبية. في الماضي كانت اسرائيل محاطة بدول عدوة لكنها منظمة، لكن اليوم هي محاطة بديناميت متملص وغير ثابت من الفوضى العربية.

 

          مراقب أجنبي مُجرب وذكي عرض الفكرة التالية: الربيع العربي في السنوات الاربعة الاولى له لم يصل الى داخل الدول الكبرى غير العربية في الشرق الاوسط (ايران، تركيا واسرائيل). ولكن الآن الصورة مختلفة. إن الاضطرابات بدأت تجذب الى داخلها دول الانظمة غير العربية، التي وقفت حتى الآن مثل قلعة جبل طارق في العاصفة الاقليمية. إن حقيقة أن الفضاء العربي عن شرق اوسط مضطرب ليس فيه قاض ولا قضاء، جعلت الدول الاقليمية تتنافس فيما بينها وتحتك الواحدة بالاخرى بصورة خطيرة. وفي نفس الوقت فان القبلية والتعصب التي اندلعت في العراق وسوريا وليبيا واليمن تزيد من التوجهات القبلية والتعصبية حتى عند غير العرب، إن الفترة التي كان يمكن فيها عزل اسرائيل أمام ما يحدث في العالم العربي وصلت الى نهايتها. لقد إنتهى وهم  أن الشرق الاوسط ليس هنا.

 

          لا يجب أن تكون كلمنس مترنيخ أو هنري كيسنجر من أجل أن تفهم أن الوضع التاريخي الجديد يقتضي استراتيجية جديدة. إن محاولة السعي وراء السلام بنفس الطريقة التي سعينا اليها عندما كانت الفيزياء الاقليمية مختلفة – غير مجدية. في الظروف الجديدة لا يوجد لأي زعيم عربي معتدل ما يكفي من الشرعية من اجل أن يوقع اتفاق مصالحة رسمي مع دولة اليهود. ولكن ايضا محاولة الامتناع عن عمل أي شيء، هي محاولة حمقاء. إن الرغبة في التحصن في الملجأ والأمل بألا تدخل القوة الفاقدة للسيطرة الموجودة في الخارج اليه، هي من قبيل الغباء. إن الطريق الوحيدة للتعامل مع اختلال الاستقرار في الشرق الاوسط، في العالم العربي وفي فلسطين، هي أن ننشيء بناءً اقليميا جديدا وثابتا، يقلص مخاطر (الحرب)، ويزيد من احتمالات (عدم الحرب). إن امكانية انشاء مبنى كهذا كبيرة وذلك بسبب أن معتدلين سعوديين، مصريين، اردنيين، فلسطينيين واسرائيليين يخشون جدا مما يجري. من اجل استثمار هذا الجمع من التهديدات الجديدة والفرص الجديدة، ومن اجل أن نستخرج الحلو من المُر، مطلوب قيادة، رؤيا وشجاعة سياسية.

 

          هل يوجد كهذه فيما هو موجود؟ الجواب « لا » مدوية. لقد شجعت الولايات المتحدة في العقد الاخير تطورات تزعزع الاستقرار (العراق ومصر)، بدون أن تفهم التداعيات بعيدة المدى لاعمالها. اوروبا لم تتدخل (ليبيا)، واستمرت في الفحص في سياسات اعلانية منقطعة عن الواقع. اسرائيل نتنياهو قامت بما تحب أن تقوم به: الاستيطان والاستيطان. المجتمع الدولي والدولة الاسرائيلية لم تخطر ببالهم فكرة أصيلة، ولم يبادروا الى مبادرة واقعية طوال السنوات التي انهارت فيها سايكس بيكو وتفتتت فيها الدول القومية العربية. وازاء التطورات التاريخية التي لم يسبق لها مثيل لم يقم أي سياسي لعمل أي شيء. هذا الاهمال غير المفهوم أدى الى أن العالم وقف في الجانب المضاد في الوقت الذي إنتصب فيه الشرق الاوسط وأصيب بالدوار وغرق في الهاوية.

 

          نحن الآن محاطين بالديناميت. في سوريا، لبنان وغزة – لا نعرف ماذا سيلد اليوم. في يهودا والسامرة – كل شيء ممكن. ليست الدول هي التي تسيطر على الأحداث، ولكن الأحداث هي التي تسيطر على الدول. ليس المحافظين هم الذين يهدئون المتزمتين، ولكن المتزمتين هم الذين يدمرون المحافظين. بدون قيادة مناسبة وبدون استراتيجية جيدة، فان اللغو أو الثرثرة السوداء تزيد جدا هذه الايام.