خبر العاهل السعودي يستهل عهده بترتيب انتقال الحكم للجيل الثاني من الأسرة

الساعة 06:33 ص|24 يناير 2015

فلسطين اليوم

بدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عهده، بترتيب أمور مستقبل الحكم السعودي من أجل تجنب أي خلافات قد تحدث بين أبناء الجيل الثاني على السلطة، حيث عيّن الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ـ وهو من أمراء الجيل الثاني ـ وليا لولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز.

وأكد العاهل السعودي الجديد في أول كلمة له بعد مبايعته ملكا على المملكة العربية السعودية أنه سيستمر على النهج الذي اتبعه من سبقوه من ملوك الأسرة السعودية قائلا «سنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم، الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز- رحمه الله – وعلى أيدي أبنائه من بعده ـ رحمهم الله، ولن نحيد عنه أبدا، فدستورنا هو كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم».

ووعد الملك سلمان بأن تستمر بلاده التي تحتضن الحرمين الشريفين، أقدس المقدسات الإسلامية، بالعمل على وحدة العرب والمسلمين.

وقال «إن الأمة العربية والإسلامية أحوج ما تكون إلى وحدتها وتضامنها وسنواصل في هذه البلاد … مسيرتنا بالأخذ بكل ما من شأنه (ضمان) وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا».

وجاء تعيين العاهل السعودي الجديد للأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد ليشير إلى حرصه على ترتيب أمور انتقال الحكم في المملكة للجيل الثاني من أبناء الأسرة السعودية الحاكمة بالتمهيد للأمير محمد بن نايف لتولي الملك بعد ولي العهد الحالي الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي سيكون آخر ملك من أبناء مؤسس المملكة الملك عبد العزيز لأنه أصغر هؤلاء الأبناء.

وبقرار تعيين الأمير محمد وليا لولي العهد ونائبا ثانيا لرئيس الوزراء يضع العاهل السعودي الجديد حدا للكلام الذي كان يثار قبل وفاة الملك عبد الله بأن الأمير متعب بن عبدالله سيتولى منصب ولي ولي العهد الجديد. ويضع حدا لأي خلافات قد تنشأ بين أمراء الجيل الثاني حول ولاية العهد وتولي الملك بعد ذلك.

ولا شك أن الملك سلمان حصل على موافقة ولي عهده وعدد من كبار الأمراء على قراره بشأن الأمير محمد بن نايف، المعروف بجهوده ونجاحاته بمكافحة الإرهاب وتأمين الأمن والاستقرار في المملكة.

واعتبر غير أمير ومسؤول سعودي قرار تعيين وزير الداخلية السعودي بأنه قرار مناسب ويعني أن الملف الأمني ستكون له الأولوية في اهتمامات العهد الملكي الجديد، لأن وزير الداخلية الذي سيصبح الرجل الثالث في مؤسسة الحكم السعودي سيتمتع بمزيد من الصلاحيات، لاسيما أنه أصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حيث أن الملك هو رئيس المجلس وولي عهده النائب الأول للرئيس.

ويشير تأكيد الملك سلمان على تعيين الأمير مقرن وليا للعهد وأخذ البيعة له من الأمراء أولا ومن المواطنين بعد ذلك إلى احترام الملك لقرار العاهل الراحل بتعيين الأمير مقرن وليا للعهد بعد وفاته.

ومعروف عن الملك سلمان تمسكه الشديد بوحدة وتماسك الأسرة السعودية الحاكمة، ويرى ان تماسكها هو العامل الرئيس إن لم يكن الوحيد لاستمرار الدولة السعودية الثالثة التي اسسها الملك الراحل عبد العزيز.

ويرى مراقبون أن قرار تعيين وزير الداخلية وليا لولي العهد دون الرجوع لهيئة البيعة ـ رغم الحصول على موافقة معظم الأمراء الكبار ـ يعني وقف العمل بنظام هيئة البيعة الذي وضعه الملك الراحل، الذي ايضا كان أول من أوجد منصب ولي ولي العهد.

ويذكر أن أمراء مثل الأمير طلال بن عبد العزيز اعترضوا على تجاوز العمل بنظام هيئة البيعه (التي ينص نظامها على أنها هي التي توافق على تعيين ولي العهد) حين عين الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز وليا للعهد خلفا للأمير سلطان بن عبد العزيز عام 2011 واستقال الأمير طلال من هيئة البيعة.

وقد عين الملك سلمان بن عبد العزيز نجله الأمير محمد بن سلمان رئيسا للديوان الملكي خلفا لرئيسه السابق خالد التويجري، وهذا أمر كان متوقعا لأن الأمير محمد كان الأقرب اليه وعينه مستشارا خاصا ورئيسا لمكتبه الخاص ووزير دولة عضو مجلس الوزراء.

وتعيين الأمير محمد رئيسا للديوان يعني أنه سيكون المسؤول المباشر عن جميع الملفات والأوراق وحتى القرارات التي ستعرض على الملك.

والشيء الملفت للنظر أن العاهل السعودي الجديد عين نجله الأمير محمد أيضا وزيرا للدفاع، بالإضافة إلى منصبه كرئيس للديوان، الأمر الذي سيعني أن الملك سلمان، الذي كان وزيرا للدفاع بالإضافة لولاية العهد، يريد استمرار إشرافه الشخصي والمباشر على المؤسسة العسكرية.

ولا يعتقد أن السياسة السعودية خلال الشهور الأولى من العهد الملكي الجديد ستشهد تغييرات دراماتيكية، رغم أن الملك الجديد أكثر محافظة في سياساته وأكثر تشددا مع معارضي السياسات السعودية.

ويواجه عهد الملك سلمان تحديات سياسية خارجية صعبة حيث القلاقل والاضطرابات تعم في دول الجوار السعودي، في العراق واليمن الذي استولى عليه الحوثيون، وحيث الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» وتهديدات تنظيم القاعدة الذي يحاول النيل من أمن السعودية.

ولكن العاهل السعودي الجديد سيكون قادرا على مواجهة هذه التحديات بسياسة أكثر حزما وتشددا في التعامل مع هذه التحديات التي تهدد وضع المملكة ودورها في المنطقة، وخصوصا أنه يتمتع بشبكة واسعة من العلاقات العربية والدولية وكان يعامل كرجل دولة في الخارج وكان أيضا من أصحاب القرار في المملكة.

ومن أجل ذلك لا يتوقع أن تشهد العلاقا ت السعودية مع إيران تحسنا في العهد الملكي الجديد، بل قد تشهد تصعيدا خصوصا اذا ما استلم ولي العهد السعودي الجديد الأمير مقرن بن عبد العزيز هذا الملف، حيث للأمير مقرن تجربة واسعة مع الملف الإيراني والباكستاني والأفغاني حين كان رئيسا للاستخبارات قبل نحو عشر سنين.

وأيضا لا يتوقع ان يتغير موقف السعودية الداعم لقوى المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه.

وعلى صعيد ترتيبات أمور إدارته للمملكة أعفى الملك سلمان بن عبد العزيز رئيس الديوان الملكي خالد التويجري من منصبه كرئيس للديوان الملكي ورئيس للحرس الملكي.

ولم يكن مفاجئا أن يكون هذ القرار من أوائل القرارات التي يتخذها العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز، لأن التويجري، لم يكن على علاقة جيده بالملك سلمان وبمعظم أمراء الأسرة السعودية الحاكمة الذين كانوا يرون أن خالد التويجري يقف حائلا بينهم وبين الملك الراحل.

وكان التويجري ايضا مستشارا خاصا للملك عبد الله أقرب الاشخاص عنده وكان عقله المدبر ومساعده الذي يتولى إصدار القرارات التي يأمر بها الملك، وكثيرا ما حصلت بينه وبين الأمراء خلافات كان الملك ينهيها لصالحه، ومن الخلافات خلافه مع وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز .

وعرف عن خالد التويجري أنه كان يعمل على إبراز دور نجل الملك الراحل الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني، وكان يتردد في الرياض أن التويجري كان يعمل من أجل أن يصبح الأمير متعب وليا لولي العهد.