خبر بعدي الطوفان- يديعوت

الساعة 10:01 ص|22 يناير 2015

بعدي الطوفان- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: عقدت هنا صفقة لم يكن لها مثيل: الحزب الجمهوري الامريكي يتدخل في الانتخابات هنا، وبالمقابل، يتدخل حزب اسرائيلي في السياسة هناك. وهم يساعدون نتنياهو على الانتصار على خصومه هنا، وهو يساعدهم على اهانة خصمهم هناك - المصدر).

في المباريات النهائية على كأس الدولة في كرة القدم في 1983 تبارى هبوعيل تل أبيب ضد مكابي تل أبيب. وكان هدف النصر في صالح هبوعيل سجله لاعبه غيلي لنداو. وكان هذا هدفا تاريخيا. ليس بسبب جماله، بل بسبب أن لنداو، الاعب اللامع، سجل الهدف بيده، من تحت أنف الحكم.

 

ليس نتنياهو غيلي لنداو. تماما لا. ولكن التقنية هي ذات التقنية: ما لا ينجح بالقدم ينجح باليد؛ ما لا ينجح في البلاد ينجح في واشنطن. والدعوة التي تلقاها نتنياهو من رئيس مجلس النواب الامريكي جون باينار لالقاء كلمة في جلسة مشتركة للمجلسين، هي مناورة انتخابية لامعة. وسيلقي نتنياهو الخطاب في 11 شباط، قبل خمسة اسابيع من موعد الانتخابات. وستكون القاعة مليئة من اقصاها الى اقصاها. و23 مرة سيقاطع الجمهور الخطاب بتصفيق عاصف، ومتحدثون بارزون سيشددون على أنه لم يكن عدد كهذا منذ أن القى الزعماء الأجانب الخطابات في الكونغرس. وسيغدق السناتورات الثناء والمديح على الرجل وعلى الخطاب وسيضربون عيونهم في اثناء الحديث نحو منصة الوجهاء للتأكد من أن الملياردير سيحرر الشيك.

هل الاسرائيليون الذين سيشاهدون العرض على التلفزيون، في بث حي ومباشر من واشنطن سيتأثرون؟ لا بد سيتأثرون. فنتنياهو يعرف كيف يؤثر. وكان احد قادة الليكود قال لي ذات مرة ان حتى في الفترات التي كان فيها نتنياهو في أسفل الدرك، من حيث الجمهور الغفير وحزبه، حين سمعوه يخطب بالامريكية النقية، تأثر الناس. فيا لها من انجليزية، قالوا، يا لها من انجليزية. تماما كالامريكي.

نتنياهو ليس رئيس الوزراء الاول الذي يستعين بالساحة السياسية الامريكية في الطريق الى صندوق الاقتراع. هذا ليس سليما ويضر بطهارة الاجراء الديمقراطي، ولكن هذا هو الواقع.  فالمصالح في الجانبين تلح، والاغراء كبير. ويمكن فقط أن نواسي أنفسنا في أن هذه المحاولات تفشل في معظم الحالات.

ولكن نتنياهو يأخذ هذا هذه المرة خطوة اضافية الى الامام. فقد عقدت هنا صفقة لم يكن لها مثيل: الحزب الجمهوري الامريكي يتدخل في الانتخابات هنا، وبالمقابل، يتدخل حزب اسرائيلي في السياسة هناك. وهم يساعدون نتنياهو على الانتصار على خصومه هنا، وهو يساعدهم على اهانة خصمهم هناك. هذا خطير. هذا سام. هذا لم يعد مسلٍ جدا.

ليس للادارة الامريكية اي شك بان الدعوة اعدت بمؤامرة مشتركة من الجمهوريين في الكونغرس، مكتب رئيس الوزراء واسياد الطرفين اليهود. وحسب قواعد السلوك الدارجة، فان قيادة الكونغرس كان ينبغي أن تبلغ البيت الابيض بالدعوة مسبقا. ولكنها لم تفعل ذلك. وكان ينبغي لنتنياهو أن يبشر وزارة الخارجية والبيت الابيض بها، بل وربما ان يسمع رأيهما في التوقيت. وهذا لم يتم.

لا يدور الحديث عن آداب المعاملة فقط. فحسب افضل مقربي نتنياهو فانه تحدث مؤخرا مع وزير الخارجية كيري أول أمس. واستجابة لطلب نتنياهو، بذلت ادارة اوباما في الايام الاخيرة جهودا كبرى لانقاذ اسرائيل من الدعوى التي رفعت ضدها في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وحسب طلب اسرائيل عملت في الايام الاخيرة على تهدئة روع ايران، في اعقاب اتهام اسرائيل بتصفية علنية لجنرال ايران في سوريا. كما أنها تعمل كي تقر مبالغ مالية اخرى للقبة الحديدية. وكان قرار نتنياهو اخفاء الدعوة التي تلقاها يعتبر في واشنطن ليس فقط فظاظة روح من الضيف بل ونكران للجميل من أكثر الانواع بشاعة.

وشديد على نحو خاص شعور وزير الخارجية كيري بالاهانة، وهو الذي استثمر الكثير في علاقاته مع نتنياهو ويعرض الان كأداة فارغة امام الرئيس وامام زملائه. وفي الطريق احيق ظلم ايضا بالسفير دان شبيرو، الذي انقذ نتنياهو من مواجهات سابقة.

وبالاساس، الدور الذي أخذه نتنياهو لنفسه في المنافسة بين الجمهوريين واوباما في موضوع ايران. فقد أوضح الرئيس في خطابه الى الامة هذا الاسبوع بانه سيستخدم الفيتو على كل قرار من الكونغرس لتشديد العقوبات على ايران. ويأتي خطاب نتنياهو، الذي سيركز على ذنب ايران ليوفر ذخيرة اضافية في الحرب السياسية التي يشنها الجمهوريون على الرئيس. ومن أجل هذا السبب يدعونه. اذ انه لن يعزز الكفاح ضد النووي الايراني. ومهما كان قرار الاغلبية في الكونغرس – فان الفيتو الرئاسي سيحبط القرار.

لقد انطلقت في الادارة الامريكية أمس اصوات لم اسمعها في الماضي. ويجب الايضاح لنتنياهو بان لمثل هذا السلوك ثمن، كما قالوا. يجب الايضاح للاسرائيليين بان رئيس وزرائهم يفقد صديقا حيويا بسبب مكسب سياسي قصير الامد. اوباما سيتولى منصبه لسنة ونصف اخريين في البيت الابيض وبعده، من يدري، قد ينتخب رئيس ديمقراطي. محظور على اسرائيل ان تفقد الديمقراطية.

في الماضي كان يخيل أن الهوس الايراني يفقد نتنياهو صوابه. لم يعد هذا قائما. لا ايران بل 17 اذار. منذ وقت غير بعيد كتبت عن تصريح بلفور خاصته: أنا سأبقى في منزل رئيس الوزراء في شارع بلفور، بكل ثمن. اذا كان محكوما على الدولة ان تدفع هذا الثمن، فهذا لا يحرك عندي ساكنا، فالدولة هي أنا، وأنا هي الدولة.