خبر بين باريس وغزة- هآرتس

الساعة 11:08 ص|20 يناير 2015

بين باريس وغزة- هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: احداث العنف التي عاشتها فرنسا ودول اوروبا في الماضي سواء في عهد الاستعمار او بعدة انتجت فكرا تنويريا وفصلا للدين عن الدولة، بينما العنف في بلاد العرب انتج القاعدة وداعش التي لا تعرف الا « جنة عدن » والموت في سبيلها - المصدر).

 

التقرير عن الارهاب في الغرب هو احد اعراض الموضوع نفسه لم يكرس ايام بث للمذبحة في اسلام اباد ؟ بل للحظات باريس في ايدينا، نوع من غزة ، وفي الحقيقة ان يهوداً قتلوا هناك بسبب كونهم اقلية ، وان ظلم حرية التعبير الفرنسية كان من نصيبنا. الجميع مع حرية التعبير، ما دام الحديث لا يدور عن كلية سابير او نتاليى كوهين فاكسبرغ.

 

ماذا بقي من كل هذا؟ فرنسا على الهواء لدينا كراية كراهية للغرباء. كما لو انها تلقت المهاجرين كنوع من الشفقة. وليس كقوة عمل.وكان الانخفاض الحاد في ولادات البيض في غرب اوروبا لم تخلق مجتمعات رفاه ومشتريات. المهاجرين واحفادهم حلوا ايضاً مشكلة الاكتوارية ، وعملوا في كل شيء وملئوا صناديق التامين الوطني وتطلعوا الى القطار الي « شارل دي غول »: رجال اعمال، متنزهين وعاملات تنظيف افريقيات ممن لن يسافروا الى اي مكان.

 

هل مسموح اهانة الجميع في فرنسا؟ الامر معلق بمن سيهين ومن سيهان. ولكن الارهاب غريب. غريب على الجمهورية الفرنسية.مثلا: فشل تمرد 1968 لم يولد اي تيار يساري ارهابي، رغم قوة الماويين ممن أحبوا الارهاب و« العالم الثالث ».أما الجمهورية الفرنسية التي تطالب المسلمين بالتعود على علمانيتها فكانت اقوى بكثير.

 

وفي ايطاليا والمانيا مثلاً، وفي اليابان والولايات المتحدة ظهرت منظمات ارهابية من اليسار على اثر انهيار التمرد ، ومنذئذ كان واضحا انه توجد فاشية من كل الاصناف. في ايطاليا انتهى الارهاب الاحمر في عام 1978 بعد قتل الدو مورو، في المانيا عملت حتى سنوات ال 80 كتلة الجيش الاحمر. والولايات المتحدة صفت بطريقتها « ويذرمان » بينما في فرنسا تمت ترجمة الفشل في

 

1968 الى عمل مثقفين، مثلاً تم تاسيس ال « ليبراسيون » والاكثر من ذلك ظهرت اعمال فلسفية ومركزها: النقد الموجه للتنوير والانسانية. ومن الاسفل تدفقت انهار من الدم في حرب التحرير الجزائرية. حيث ذبح هناك باسم التنوير مليون شخص. وان البيوغرافيا للجيل صعبة جدا.

 

النظريات الفرنسية، ما بعد الاستعمار، تحولت لتصبح اكثر اكاديمة وحتى في الولايات المتحدة.فمن هناك كما هو الامر دائماً وصلت الينا ما سيعرف بدراسات « النوع الاجتماعي » على خلفية افكار فلسفية من سنوا ت ال 70 عن ديكارت وهيغل . النظرية، ولكن لا يوجد اي تحريض ارهابي.

 

وفي جميع الاحوال فان الانسان المهم هو الانسان الابيض، وغيرة لا شيء، لا يساوون شيئاً .وقد بلغ التعبير عن ذلك ذروته في كتاب الكاتب الاسود فرانز فانون . « نعذبو الارض ». في مقدمة سارتر: « لا شي اكثر منطقية لدينا من الانسانية العنصرية، فالاوروبي تحول الى انسان بفضل العبيد والعبودية التي صنعها ». وقد اصبح ذلك الكتاب من اهم كتب ما بعد الاستعمار. يبدأ بنشيد للعنف « بالنسبة للضحية، التفسير العملي للاخلاقية هو اسكات غرور المستوطن، وتحطيم عنفه الموجود في كل شيء وباختصار نفيه بشكل كلي من المجال الجماهيري العام ».

 

كيف تحول حلم التحرر الى كابوس؟ فالراسمالية لم تسمح لضحاياها بالتحرر، ومن جهة اخرى بامكان القول ان سارتر وفانون بمدحما للعنف الممارس من قبل الضحايا تحدثوا باسم التنوير والمتنورين، فالدين غير موجود بالنسبة لهما، واليسار الراديكالي افترض ان العنف سيوسع التنوير والعلمانية الى درجة تصبح معها فلسفة الجميع .« نهاية التاريخ » وانتصار الراسمالية ابقت الغرب واليسار يتقلص امام العدو الوحيد: دين الاخر وهناك على هامش الفاشية، داعش، القاعدة وبوكوحرام ليس لديهم اي انطباع عن التنوير والفصل بين الدين والدولة، بين الخلق والخليقة. فهم لا يؤمنون الا بجنة عدن، وهم سعداء بذلك.