خبر رجل من عصر الصحابة.. الشيخ القائد ياسر الجعبري

الساعة 10:37 ص|20 يناير 2015

فلسطين اليوم

لا تسعفنا الكلمات ونحن نتحدث عن الشهداء.. فكل الكلمات تصغر وتتقزم أمام سيرة هذا الرجل المجاهد.. الذي عاش في عصرنا بجسده لكنه عاش حياة الصحابة الأطهار (رضوان الله عليهم) .. كان الشيخ القائد ياسر الجعبري مثالاً للرجل المؤمن والمجاهد الخلوق المتسامح والقائد الشجاع الفذ الواعي.. في الذكرى السنوية الأولى لا بد أن نقف على طهر رحلته الجهادية والحياتية لتكون نموذجاً يحتذى به..

الزاهد العابد

الشيخ القائد (أبو محمود) تحدث لـ« الإعلام الحربي » عن شقيقه الشهيد ياسر الجعبري، حيث قال :« تحلى أخي الشهيد أبو حمد (رحمه الله) بالكثير من الصفات الحميدة والخلق الحسن الرفيع وأول هذه الأخلاق التواضع والبساطة والزهد في حياته، فعاش ياسر زاهداً في الحياة وكان محبوباً من الجميع ولا يفرق بين غني وفقير ولا متعلم ولا جاهل ولا كبير ولا صغير » .

وأضاف:« كان الشيخ ياسر صاحب عقل حكيم ورزين وأيضاً صاحب قلب كبير وكان جواداً جود الأكارم بالإضافة أنه خجول جداً إذا حدثته تحدث معك وإن لم تحدثه يصمت امتثالاً لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت« .

وأكمل أبو محمود: »الشيخ ياسر مثال للشباب المسلم المجاهد المعطاء كان معلماً في النهار ومجاهداً في الليل وفي كل وقت كان دائماً طامعاً في رضا الله وفي جنته لا يضيع صلاةً في المساجد وينشرح القلب لرؤيته ومجالسته تترك أثراً طيباً في القلوب وكان يخدم شعبه وأهله وأصدقاءه وجيرانه أكثر من نفسه« .

لقب الشيخ ياسر رحمه الله بلقب »أبي المساكين« لأنه كان يعطف عليهم ويساعدهم بكل ما يحتاجون وكان يتصدق على مجموعة من الفقراء المحتاجين غير أبناء حركة الجهاد والجيران والأقارب هذا ما علمناه بعد وفاته حيث أتى الكثير منهم إلى بيت العزاء يعزون به ويتحدثون عن المساعدات التي كان يقدمها لهم بدون علم أحد ويخفي هذه الصدقات على الجميع.

وتابع أبو محمود حديثه: »كانت علاقة الشيخ مع الجميع حسنة وخاصة مع أقاربه وجيرانه ولم يسيء يوماً لأحد وكان آية في الأخلاق ونال محبة واحترام كل الجيران والأصدقاء ، وكان يصل رحمه وعطوفاً عليهم وحنوناً ويحب الأطفال الصغار ويداعبهم ويلعبهم ويعطيهم ما يحتاجون من مصروف وغيره وأما اخوانه المجاهدين لم يبخل يوماً على أحد منهم وكان يلبي لهم كل ما يحتاجونه ويساعدهم سواء في فرح أو كره أو تعليم .

وأردف الشيخ أبو محمود قائلاً:« تمتع أبو أحمد (رحمه الله) بصفات القائد الناجح واستطاع أن يمزج بين رقة القلب وإنسانيته وبين إدارة كل أموره في توزيع المهام وتفويض الصلاحيات لمن يستحق فقليلون من يستطيعون أن يجمعوا الفضائل كلها ومن هؤلاء القلة كان ياسر (رحمه الله) بحيث يعطي كل شيء حقه وكان معلماً ناجحاً في المدرسة يغرس العلم والمعرفة بين طلابه وكان رقيق القلب ومحباً لأبنائه وزوجته ووالديه وإخوانه وأصدقاءه، في عمله داخل السرايا وجهاده ضد عدوه كانت تظهر قوته العسكرية وكان صلباً عنيداً في مواجهة هذا المحتل لأرضه ووطنه ودائماً كان يعد العدة مع إخوانه المجاهدين لتحقيق أكبر الخسائر في صفوف العدو الصهيوني الغاشم ».

ما أروعك يا ياسر وأنت تمزج بين القلم والبندقية بين الكتاب والطلقة ما أروعك وأنت تشق طريقك في الحياة بهدوء ودون ضجيج فقدت كل ما تملك من أجل أن تحيى الأمة من بعدك وتركتنا خلفك نعشق ابتسامتك التي لم تفارقك محياك وسنظل نقتفي أثرك الطيب ولك منا كل الحب والدعاء بالفردوس الأعلى بإذن لله مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

مشواره الجهادي والعسكري

أما قائد سرايا القدس في لواء غزة ورفيق دربه (أبو سليم) فقال :« تميز الشيخ ياسر بالخلق الرفيع وتدينه وحبه للمساجد ومحافظته على الصلوات في المساجد وكان صواماً قواماً ويقرأ القرآن ويعطف على المساكين والمحتاجين ويجب الجميع ويحبونه ومتواضعاً, وتميز أيضاً بحبه للجهاد والمجاهدين وعشقه للقدس وفلسطين وقد تأثر بفكر الدكتور فتحي الشقاقي ونهج القادة العظام مثل الشهيد هاني عابد ومحمود الخواجا و مقلد حميد والشهيد ماجد الحرازين والشهيد خالد الدحدوح وكلف بالعديد من المهمات الجهادية وكان ينجزها بإخلاص وإتقان مما أهله ليكون مسئولا للتشكيل في لواء غزة ».

وتابع القائد أبو سليم حديثه لـ« الإعلام الحربي » وهو يستذكر المهام العسكرية التي أشرف عليها الشيخ القائد ياسر الجعبري « قام الشهيد ياسر بالعديد من المهمات العسكرية على مدار عمله الجهادي ومنها المشاركة في صد الاجتياحات والتوغلات التي تعرضت لها غزة، وهناك مهام قيد الكتمان لأسباب امنية ».

وكذلك قاد تشكيل غرب غزة في معركة بشائر الانتصار ومعركة السماء الزرقاء التي أذاقت العدو الصهيوني الويلات وقد أشرف على العديد من العمليات النوعية في مهاجمة المواقع العسكرية الصهيونية من خلال الاستشهاديين ومن أبرز هذه العمليات عملية ايريز البطولية التي نفذها الشهيد حاتم أبو القمبز« .

أما على صعيد العلاقة العملية بيني وبين الشيخ ياسر رحمه الله تميزت العلاقة بالتواصل الدائم وقد كان من القادة الذين يتميزون بإتقان أعمالهم على أحسن وجه ملتزماً بالسمع والطاعة لقيادته كما علمنا رسولنا الأعظم محمد (صلي الله عليه وسلم) , بل وقد كانت العلاقة تتجاوز علاقة القائد بمسئوله فقد كانت ممتلئة بالمحبة والأخوة والصداقة.

وأكمل القائد (أبو سليم): »كان خبر استشهاد الشيخ ياسر الجعبري بمثابة الصدمة الكبيرة علينا فقد ترك فراغاً كبير في العمل كما افتقدته المساجد وصلاة الفجر، وقد افتقده الفقراء والمحتاجين الذين كان يتفقدهم وافتقدته غزة وفلسطين فكان أخ عزيز وصديق حميم وغالي على قلوبنا، ونسأله تعالى أن يجمعنا معه في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والصالحين« .

لقاء الله

قبل رحيله بيوم واحد شعر الشيخ ياسر بدنو أجله , فقام بزيارة وتفقد المجاهدين المرابطين على الثغور وكأنه يودعهم و يطمئن على حالهم قبل رحيله حيث سأله احد المقربين منه ما هو هدفك في هذه الحياة؟ فأجابه الشيخ ياسر بثبات قائلا: » لقد أنجزت أهدافي في هذه الدنيا من تعليم و زواج وبناء أسرة ووظيفة و ما بقي لي إلا أن ألقى الله تعالى وهو راض عني ".

وبالفعل ففي صباح يوم الاثنين الموافق 20/1/2014 نوى الشيخ ياسر الصيام كما كان معتادا وتوضأ و صلى الفجر جماعة بمسجد الخليل و استعد ليذهب إلى عمله كمدرس في المدرسة, ولكن قدر الله كان أسرع بكثير , فقد أحب الله لقاء الشيخ ياسر وهو على هذه الحالة بعدما أدى الفرض وصام تقرباً له عز و جل , فما هي سوى لحظات ليفارق الشيخ ياسر هذه الحياة و يفضي إلى لقاء ربه راضياً مرضياً , فختم الله حياته بالخير وما أحسنها من خاتمه, ليرتاح أبا أحمد وينعم بجنانٍ أعدها الله للصابرين والمجاهدين في سبيله .