خبر الأحزاب الإسرائيلية: نجوم وتكنوقراط وتشابه الخطاب.. مركز اطلس

الساعة 07:46 ص|19 يناير 2015

أطلس للدراسات

تكاد تنهي جميع الأحزاب الاسرائيلية من تشكيل قوائمها الانتخابية للكنيست العشرين، سواء عبر الانتخابات التمهيدية كما حدث في « الليكود » و« العمل » و« البيت اليهودي » وسيحدث لاحقاً في حزب « ميرتس » والأحزاب العربية بلد والجبهة، أو عبر اختيار أعضاء القائمة من قبل رئيس الحزب بالاستئناس باللجنة القيادية، التوازنات الداخلية، واستطلاعات الرأي في بقية الأحزاب الأخرى الصهيونية والعربية الدينية والعلمانية، وهم مضطرون للانتهاء من ذلك لاقتراب الموعد النهائي لتقديم قوائمهم النهائية للجنة الانتخابات في التاسع والعشرين من يناير الجاري، وللبدء بحملاتهم الانتخابية.

بات من الواضح، وعلى خلفية نسبة الحسم المرتفعة 3.25% ان عدد القوائم التي ستخوض الانتخابات سيتراجع الى نصف ما كان علية عددها تقريباً في الانتخابات الكنيست التاسعة عشر، حيث تجاوزت الثلاثين قائمة، بينما في الانتخابات الحالية لن تتجاوز السبعة عشرة قائمة؛ الأمر الذي سيعني أصواتاً محروقة ومشتتة أقل بكثير مما سيزيد المعادل الرقمي لنسبة الحسم ويشكل خطراً أكبر على الأحزاب الصغيرة.

وقراءة لمشهد الأحزاب الاسرائيلية بعد انتهائها من إعداد قوائمها؛ نجد أنها تنطوي الى حد كبير على نفس سماتها السابقة من الدورات الانتخابية السابقة، وقد باتت هذه السمات أشبه بثابت مشترك لكل الأحزاب تقريباً، ثابت البحث عن النجوم والتكنوقراط في ظل تشابه الخطاب، فالأحزاب التي تصر على التهرب من تتهرب من تقديم إجابات حقيقية عميقة وواضحة على الأسئلة الصعبة المتعلقة بالتحديات والتهديدات السياسية والأمنية، وأيضاً الاقتصادية، وتفضل بدلاً من ذلك التسلح ببعض الإجابات المكررة والسهلة، والتي لا يمكن ان يبنى عليها مواقف حقيقية تميزها عن غيرها من الأحزاب خوفاً من مزاج الناخب، وتفضيلها السباحة مع التيار، أو خشية بأن توصف باليسارية أو اليمينية المتطرفة يجعلها تبحث عن وسائل وطرق بهلوانية أو شخصيات ذات شهرة نجومية، حتى لو لم يكن لها علاقة بالعمل السياسي أو بهوية الحزب، وذلك لخلق تأثير قوي وسريع على الناخب.

فهي – أي الأحزاب – تدرك ان الناخب الاسرائيلي سيقف حائراً عند اختياره لمن سيدلي بصوته، فهو لن يرى أية فروق حقيقية بينها في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، حيث جميعهم رأسماليون يوظفون الاجندة الاقتصادية الاجتماعية لكسب ثقة الطبقات الفقيرة، والانتخابات الحالية لم تعد أجندتها كما الانتخابات السابقة « الصراع ضد الأصوليين » بعد ان أعلن زعيم هذه الاجندة، والذي ركب موجتها واستثمرها جيداً في السابق، انه لا يمانع الانضمام لحكومة تضم الأحزاب الأصولية.

وجميعهم يتشاركون نفس العبارات العمومية المبهمة فيما يتعلق بما يسمى المسيرة السياسية، من حيث تحميل القيادة الفلسطينية مسؤولية توقف المفاوضات والدعوة للتصدي « للإرهاب الفلسطيني في قطاع غزة »، والموافقة (لأجل العلاقات العامة) على قيام دولة فلسطينية بدون القدس وبدون الأغوار وبدون سيادة وحدود آمنة وقابلة للدفاع لإسرائيل وضم المستوطنات الكبرى، وتوفر كل الشروط التي تحقق الشعور بالأمن للإسرائيليين، علاوة على شرط الاعتراف بيهودية الدولة، وهم عملياً جميعهم يقدسون استمرار الوضع القائم بما في ذلك استمرار التهويد والاستيطان، والفروق هي فقط في مفردات الخطاب وليس في مضمونه، وذلك ينطبق على جميع الأحزاب الصهيونية باستثناء « البيت اليهودي » و« ميرتس ».

الأحزاب الإسرائيلية تدرك جدية التحديات السياسية والأمنية، لكنها تفضل التهرب من مواجهتها وتدفن رأسها في الرمال، وتتبنى سلوكاً انتخابياً يشبه كثيراً سلوك الأحزاب في الدول الغربية؛ تلك الدول التي لا تعاني تهديدات مصيرية وليس لديها صراعات اقليمية ووجودية وديمغرافية كبرى كالتي تواجهها إسرائيل.

سلوك الأحزاب الإسرائيلية في التهرب من مواجهة التحديات له علاقة بحالة الأريحية اللحظية على جبهتي الضفة والجولان، فاهتمامات الأحزاب تعكس الشعور المجتمعي العام، فكلما لم يشعر الناخب الاسرائيلي ولم يتأثر بثمن وكلفة الاحتلال فسيواصل الاستمتاع بالعيش داخل الفقاعة دون ان يرى لا الاحتلال ولا الفلسطيني؛ الأمر الذي يعكس نفسه مباشرة على مستوى اهتمامات الأحزاب بالقضايا التي تستقطب اهتمام الناخب ولا تستفزه أو تغضبه، فضلاً عن ان له علاقة أيضاً بغياب الزعامات الكاريزماتية التي تقود الجمهور وتؤثر فيه ولا تنقاد له وتبني توجهاتها بناءً على أهوائه ومزاجه، دائمة الالتفات الى فحص استطلاعات الرأي لتستقيم مع نتائجها.

ولاستقطاب اهتمام الناخب الحائر في من ينتخب؛ لا بد من تبني نظريات السوق في تسويق السلع والخدمات وترويجها للفت نظر المستهلك ثم استقطابه ونيل ثقته، بدءاً من الدعاية والاعلان والتغليف واختيار الألوان، وعليه فلا بد لها لاستقطاب الناخب من القيام بعمليات تجميل تشمل شد الوجه لتبدو أكثر حيوية ولمعاناً، وهوية الحزب هنا أو من يعبر عنها ليست ذات أهمية، فالأهمية للنجوم وللمهنيين حتى لو انتموا للحزب فقط قبل أيام، ومعلوم أنهم قد يتركونه بعد أيام من فشلهم في الانتخاب أو إذا لم يتم تكليفهم بحقيبة وزارية.

الترشح لعضوية الكنيست قبل سنوات كانت نتاج سنوات طويلة من العمل الحزبي الشاق، لكنها اليوم لا تتطلب سوى ان تكون إعلامياً أو مهنياً أو ناشطاً مشهوراً أو جنرالاً لتغازلك معظم الأحزاب، حيث بات من الضروري لكل حزب ان يبرز من بين صفوفه الأمامية اقتصادياً وجنرالاً أمنياً وناشطاً اجتماعياً وسياسياً واعلامياً وامرأة وشرقياً وغربياً ليظهر انه مقدم السيرك الأفضل والأشمل في المدينة.