خبر التعذيب والتطفيش وسياسات الابعاد الممنهجة- هآرتس

الساعة 11:09 ص|18 يناير 2015

التعذيب والتطفيش وسياسات الابعاد الممنهجة- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون:في الاغوار وفي معتقل حولوت تطبق اسرائيل سياسة ممنهجة ضد الفلسطيين والافارقة لاجبارهم على مغادرة الدولة ضمن اجراءت لا انسانية قاسية ، وعلى الرغم من انها تجري في اماكن نائية الا انها ترسم الملامح الحقيقية لدولة اسرائيل - المصدر).

حوالي 250 كم تفصل بين « حولوت » و « عين الحلوة » في شمال الاغوار. ولا يربط بينهما سوى خط واحد من الشر. وظاهرياً فان المكانيين مختلفان عن بعضهما البعض. كبعد النقب عن الاغوار.الاول عبارة عن مركز اعتقال للمتسللين من افريقيا، والثاني قرية فلسطينية لرعاة الاغنام. الاول تحت سيطرة مصلحة السجون العامة، والثاني تحت سيطرة الادارة المدنية ليهودا والسامرة. وفي المكانيين تسيطر منظمتين ليس بينهما ظاهرياً اية علاقة. ولكن انظروا الكابوس. نفس الدولة ونفس السياسات ونفس الوسائل ونفس الاهداف. الدلال ثم الدلال ثم الدلال! في كلا المكانيين يسيطر الشر، والتعلل بمن لا حول لهم ولا قوة، وفي كلا الموقعين يتم التعلل بالضحايا الى ينكسروا ويرغبوا في المغادرة، الافارقة يغادروا اسرائيل، والفلسطينيين يغادروا الاغوار.

معتقلي حولوت جمدتهم اسرائيل من البرد، فهي تعتقل هناك 2.300 انسان بدون ان تزودهم بوسائل التدفئة، بل بالبرد وبالكلاب. وكذلك الامر بالنسبة لمساكن الرعاة، في عين الحلوة ومساكن الرعاة الاخرين.فهي تهدمها وتبقيهم وبينهم النساء والاطفال والمسنين والعجزة، بين السماء والطارق، في البرد القارص.

في الاسابيع الاخيرة، قمت بزيارة المكانين، التي يوجد بها كل شيء ما عدا مقومات الحياة الانسانية. في حولوت رايت المعتقلين يرتدون كل ما لديهم من ملابس ليتقوا البرد القارص، وفي عين الحلوة رأيت الرعاة وعائلاتهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء، بين بقايا الخيام والكرفانات الصاج المهدمة، لكن هؤلاء لم يبق لديهم الملابس كما هي لدى الافارقة، فكل شيء من حولهم تم هدمه. وان تعامل اسرائيل مع هاتين المجموعتين الهامشيتين متشابه، على الرغم انه متماصل، الا انه ليس صدفة، بل نتيجة لسياسات منهجية وهادفة تمليها المراتب العليا.

اسرائيل مقتنعة بانها اذا ازعجت الافارقة بشكل كافي سيتوقفوا عن التسلل الى اسرائيل وسيغادرونها بارادتهم. ونفس الهدف موجود في الاغوار، فمنذ ان قررت اسرائيل ابقاء هذه المنطقة بيدها وضعت لنفسها سياسة تطهير هذه المنطقة من الفلسطينيين، رعاة الاغنام الذين هم الحلقة الاضعف، وضدهم توجه سياسات الترانسفير الهادئة .وهي على قناعة انها كلما امعنت في التضييق على الفلسطينيين في تلك المنطقة كلما فكروا في مغادرتها. فالمزيد من الهدم والمزيد من الهدم – باسم القانون دائماً، طبعاً قانون التمييز العنصري الذي يميز بين المستوطنات والرعاة. واذا عاد الرعاه لبناء خيامهم من جديد ستعود اسرائيل لهدمها.الى ان يملوا ويغادرو ا بارادتهم. مثلهم مثل الافارقة. ولكن، لتعلم هذه الحكومة ان هؤلاء لن يغادروا، لماذ ؟ لانه ليس لهم مكان للذهاب اليه. في الاسبوع الماضي قال لي فتحي زيدان من بلاد النوبه امام خيمته في حولوت:« انتم لا تحبوننا هنا. ونحن ليس لنا مكان لنذهب اليه ». وعرفت ان زوجته الاولى قتلت في السودان وزوجته الثانية وابنته مشردتان في مصر. وهو معتقل في اسرائيل منذ سنة.

ومن اجل تحقيق الانتصارات على هؤلاء الضعفاء فان اسرائيل لا تفتقر الى الوسائل. من اجل الامتناع عن المحاذير الانسانية يتم الاعلان عن الضحايا بانهم ليسوا من ابناء البشر. فالافارقة

لا يحتاجون الى التدفئة. والرعاة لا يحتاجو الى بيوت مسقوفة. وعما قريب ستبدأ حملة غسل الدماغ. فالافارقة دخلوا الى اسرائيل بشكل غير قانوني (كما لو انه توجد طرق لدخولهم بشكل قانوني) والرعاة بنوا بيوتهم بدون تراخيص (كما لو ان اسرائيل تمنحهم التراخيص ان ارادوا). هؤلاء وهؤلاء يعرضون امن الدولة الى الخطر ويخلخلون سلطة القانون، والان المهمة اصبحت سهلة للتمييز فالسجانين يجمدون السجناء وعمال الادارة المدنية يخربون بيوت الرعاة، ووسائل الاعلام تتجاهل، والجمهور يتثاءب، ولا احد يحتج وعلى اسرائيل السلام .

وعلى الرغم ان هذه الاعمال تجري في امكن نائية وبعيداً عن اعين الجمهور ووسائل الاعلام الا انها تخط الصورة الحقيقية لهذه الدولة.