خبر أم كل المظاهرات- يديعوت

الساعة 10:37 ص|12 يناير 2015

أم كل المظاهرات- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: حتى لو لم تولد المسيرة، مثلما يأملون، حملة عالمية ضد الارهاب الجهادي، فقد اعادت على الاقل الثقة بالنفس للفرنسيين - المصدر).

 

باريس. « لم يسبق أن كان مثل هذا الحدث أبدا »، قال الفيلسوف الفرنسي اليهودي برنار أنري – ليفي. بالغ بالطبع. ومسموح للفرنسيين. ولكن « المسيرة الجمهورية » التي احتلت باريس أمس كانت حدثا استثنائيا، حتى بعدد الاشخاص، حتى بالرسائل التي صدرت عنها، حتى بالاجواء وحتى بالبعد الانساني.

 

في المسيرة في باريس وحدها شارك نحو مليوني شخص. في المظاهرات في المدن الاخرى مليون ونصف آخر. في اسرائيل نحن نعلن عن مليون متظاهر عندما تكون الباصات لا تزال على الطريق. اما هنا فالارقام حقيقية. بحر هائل من الناس، جاءوا ليتظاهروا لا لان احدا ما بعثهم، او لانهم ملوا حكومتهم، أو لانهم توقعوا الحصول على شيء ما، بل فقط لانهم سعوا لان يوضحوا للعالم سلم قيمهم. « انا شارلي »، الشعار الذي يرافق فرنسا في الايام الاخيرة هو « أنا أعتقد » خاصتهم. اليهود، الذين جاءوا الى المسيرة بجموعهم اضافوا: « انا يهودي ». والمفكرون الفرنسيون على قناعة بان حجوم المسيرة والاجواء فيها أخرجت الفرنسيين من الصدمة التي ألمت بهم بعد

 

المذبحة في اسرة تحرير المجلة. وحتى لو لم تولد المسيرة، مثلما يأملون، حملة عالمية ضد الارهاب الجهادي، فقد اعادت على الاقل الثقة بالنفس للفرنسيين.

 

اخترت أن اسير في المسيرة ضد تيار المتظاهرين، كي أشعر بحجومها. وقد كانت هذه حملة غير بسيطة. في كل اليافطات التي رأيتها، تلك التي كتبت باليد وتلك التي طبعت ونشرت بين الناس، لم تكن كلمة صريحة واحدة ضد الاسلام، ولا ضد الارهاب الذي يعمل باسمه. لم أرَ ذكرا واحدا لداعش او للقاعدة، ولكن كانت وفرة من اليافطات التي قدست الحرية، حرية التعبير، حس الدعابة، العلمانية. « اصنعوا الضحك، لا الحرب »، كتب احد ما على يافطته. « الابتسام انساني »، كتب آخر. « لا، الرب ليس سيدا »، اقتبست امرأة في يافطة كتبتها. « لا اؤمن – لا أخاف »، كتب آخر. وكان هناك من نقلوا مواد ذات صلة من ميثاق حقوق الانسان، الوثيقة المركزية في الثورة الفرنسية. وكان هناك من اكتفوا بكتابة اسماء الضحايا: رسمو الكاريكاتير في المجلة « شارلي ايبدو »، الشرطي الذي قتل في مدخل المبنى واليهود في سوبرماكت « هيبر كشير ». نار جدا أن ترى احتجاجا شعبيا ليس فيه كلمة واحدة سلبية ضد احد ما او شيء ما. سهل التقدير كم من السخرية كان سيصب محررو « شارلي ايبدو » على هذه الكياسة المبالغ فيها من المتظاهرين.

 

في الصباح دعا الرئيس اولند لاسانا بتيلي، العامل المسلم في السوبرماركت الحلال الذي تعرض للاعتداء، الى لقاء في القصر. فقد أنقذ بتيلي بعضا من زار المحل. وهو مسلم. وفي فعله الجريء أتاح لكل السياسيين، وعلى رأسهم الفرنسيون، الفصل بين الارهاب وبين الدين، بين الارهاب وبين الطائفة. حيث أنه يوجد ايضا مسلمون طيبون.

 

في الصباح وقف عشرات من رؤساء الدول في قصر الاليزيه، تمهيدا للمسيرة المشتركة. جاءوا بسياراتهم الى ساحة مدخل القصر. واستقبلهم الرئيس اولند على الدرج. من يحبهم (ابو مازن مثلا) قبّله؛ الآخرون تبادل معهم المصافحة. وأخذت وسائل الاعلام العالمية انطباعا كبيرا جدا من حجم الاجتماع. كان هناك من رأوا في ذلك اشارة بدء لسياسة جديدة، موحدة، من العالم باسره ضد الارهاب الجهادي. حبذا. ولكن عند النظر في القائمة نجد فيها الكثير من قادة الدول الافريقية التي كانت مستعمرات لفرنسا في الماضي ولا تزال ترتبط بها والكثير من قادة الدول الهامشية في الساحة الدولية. الولايات المتحدة تغيبت، الصين تغيبت، روسيا تغيبت. ومع كل الاحترام لامارة موناكو، فعليها يمكن بناء كازينو فقط.

استقبل الجمهور نتنياهو بحماسة كبيرة. هنا، في الجالية اليهودية في باريس كان سينتخب لولاية رابعة بلا صعوبة. وفي خطابه ناور بين المتناقضات. من جهة الثناء لفرنسا، من جهة اخرى مطالبة بالتأييد المطلق لسياسة اسرائيل والا فان فرنسا لن تعتبر دولة مكافحة حقا ضد الارهاب؛ من جهة تبني لحرية التعبير، حرية الاعتقاد، بل وحرية عدم الاعتقاد، ومن جهة اخرى الهرب من هذه القيم في الوطن. نتنياهو، كما ينبغي أن نذكر، رفض ادخال المساواة الى قانون القومية؛ من جهة استفزاز للاسلام، الامر الذي امتنع عنه الفرنسيون، ومن جهة اخرى التحفظ، إذ لا يدور الحديث الا عن الاسلام المتطرف. نتنياهو له وجوه عديدة، وكلها يقاطع الواحد الآخر.