قائمة الموقع

خبر شذا الرياحين من سيرة القائد العظيم « دانيال منصور »

2015-01-11T12:50:13+02:00
الشهيد القائد دانيال منصور
فلسطين اليوم

إن المعروفَ لا يُعرَّف أبداً، جسور بأسه شديد يفِلَّ الحديد، ما أروعه ذاكَ الذي يعمل بصمت ، يتخفي عن أنظار الشهرة والرِّياء ، يتزاحم والصادقين لحجز مقعد في الجنة ، يودع زوجه والصغار كل مساء، يعلم أنَّ رجلاً يحمل همَّ الوطن فوق كتفيه وروحه هو على موعد مع الشهادة في أي لحظة للقاء ربه ..

يرحل قدراً وكأن السَّماء تشتهى قربه وحين تخطو بنا الخطوات لنلقى أهله، تتلعثم الحكايا في وصفه كأنَّه قطعة من الجنة، فبأي روح نلتقي الشهداء حين نذكرهم فلا نُحسِنَ لهم من الوصفِ شيئاً .

 

بزوغ الفجر

ولد الشهيد القائد دانيال كامل محمد منصور كبقية مواليد فلسطين في فترة إمتزج فيها الألم بالأمل، وضجّت صرختهُ الأولى بين زقاق المخيَّم المثقوب والغارق بهم القضيَّة في الثالث عشر من يونيو حزيران1973م  لعائلة فلسطينية تعود أصولها لبلدة « القسطينة » قبل الهجرة واستقر بها الحال بمخيم الشابورة بمدينة رفح، حالها كحال العوائل المهجرة التي تجرعت معاناة الاحتلال وإجرامه، فأكمل دراسته الابتدائية والإعدادية بمدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وأكمل دراسته الثانوية فرع الصناعة بمجال الصيانة والكهرباء ، وتزوَّج عام 1994 وأنجب أربعة من الأبناء هم عبد الله وعلاء وأسامة وسارة.

 

الإنسان الخلوق

حين نصف البعض تغيب الكلمات، بهذا الكلمات استهلت « أم عبد الله » زوجة الشهيد القائد « دانيال منصور » حديثها لـ« الإعلام الحربي » موضحة أنها وجدت في زوجها صفات الإنسان الخلوق ذو الهمة العالية والروح المرحة، وتمتع بحب جميع من حوله ولم يبغضه أحد.

عرف عن « أبو عبد الله » بحنانه وعطفه على الجميع لاسيما صغاره وأطفال المخيم وأبناء أشقائه، بالإضافة إلى إخلاصه ووفائه لرفاقه وأصدقائه، وفي شاهد بسيط على وفائه وتقديراً من « أبو عبد الله » لظروف بعض أصدقائه الصحية ممن بترت أطرافهم بمشوارهم الجهادي، قام بتجهيز غرفة داخل منزله الجديد وتأثيثها بمقاعد ووسائل استضافة تتناسب مع أوضاعهم الصحية.

وأكملت « أم عبد الله » حديثها قائلة: « بأن زوجها اعتاد على تربية القطط فتجلَّى عطفه لهن، يأتينه كُلَّما شممنَ ريحه وأدركن حضوره في المنزل، وكان يُجهز لهُنَّ الطَّعام في وعاءٍ صغير وحين كان يُمازحني يقول لي بأنَّهُ إن لم يكتب الله له الشَّهادة فانَّ موتته ستكونُ من القطط، حيث كان لديه قطة محببة إليه وعقب استشهاده اختفت ولم تعد للبيت ».

 

درب الجهاد

نكشف اليوم عن سيرة جنرال صنديد يحمِلُ همَّ الأرض فوقَ روحِهِ وعُمره،  فالناظر إلى وداعته ولين جانبه يستبعد أنَّ يقف خلف هذا الوجه إعصار من العمل والجهاد للوطن حتى يُفجِّرهُ بعد عمرٍ من الاجتهادِ والجهاد والمثابرة .

وفي ذات السياق أجرى الإعلام الحربي لقاءً مطولاً مع « أبو محمد » رفيق درب الشهيد القائد « دانيال منصور » والذي رافقه منذ اللحظة الأولى لعمله في دوائر حركة الجهاد الإسلامي، موضحاً بأن  الشهيد القائد دانيال كامل منصور انتمى في بداية التسعينات لحركة الجهاد الإسلامي، إنطلاقاً من أزقة المخيم الفقير برفح مخيم « الشابورة »، حيث التزم مع بعض الأخوة في مسجد العودة, والذي استطاع من خلالهم أن يتعرف على أفكار ومبادئ ومرتكزات الحركة، واقتنع بها وراح ينظر لها بين صفوف أصدقائه ومحبيه.

واضب « أبو عبد الله » رحمه الله على حضور الندوات الدينية والفكرية التي كانت تعقد في مسجد العودة، وكان محباً للعمل الإعلامي، وبناء على ذلك تم تكليفه من قبل الأخوة في اللجان الإعلامية بمهمة توزيع المنشورات والكتابة على الجدران والإعلان عن العمليات وغيرها من هذه الأعمال.

وعرف « أبو عبد الله » بإلتزامه الديني والوطني والجهادي، وقد جعل من بيته منذ بداية عمله الجهادي كمقر ونقطة التقاء للعمل التنظيمي والانطلاق من داخله، بالرغم من الوضع الأمني المتردي نظراً للوجود الصهيوني المكثف بقطاع غزة آنذاك, فكان بيته عبارة عن النواة الحقيقية الذي يلتقي فيه الجميع للتخطيط والعمل.

برز « أبو عبد الله » بدوره الكبير في قيادة الإخوة بـ مسجد العودة، وعمل بجد على إعداد الكوادر الشابة بالإضافة إلى تنظيره المستمر لحركة الجهاد الإسلامي، وكان الناظر إلى « أبو عبد الله » في حياته يجده إنسان أشبه بـ « المحرك » لا يكل ولا يمل، يعمل في كل الظروف ولا يأبه بالمعوقات.. هذه المسئوليات لم تنهي حياته الخاصة ولم تمنعه من العمل طلباً للرزق، فعمل بالعديد من المهن كالبناء والسباكة وكان له محله الخاص في بيع أدوات السباكة، ولم يلحظ أن عمله في كلا الاتجاهين قد تعارضا للحظة من اللحظات، وظل مستمراً بنفس الفاعلية والنشاط.

 

عنفوان قائد

تزوج الشهيد القائد دانيال منصور وأنجبت زوجته 4 أبناء، ولم يمنعه ذلك من مواصلة مشواره الجهادي بل شعر الجميع من حوله بأنه أقحم في العمل والمسئولية بشكل أكبر وأعمق، واستمر في ممارسة دوره الجهادي حينها في قيادة المسيرات وتنظيم بيوت عزاء الشهداء، وأشرف على تنظيم مسيرات الأكفان والمقنعين وفعاليات حرق الأعلام الصهيونية والأمريكية، إلى جانب اهتمامه الشديد بزيارة أهالي الشهداء وعوائلهم والذي كان مواضباً على زيارتهم من حين لآخر.

بقيّ « أبو عبد الله » متأثراً بحادثة اغتيال الشهيد القائد هاني عابد صاحب القلم الموسوم والكلمة الصادقة، لدرجة أن عيونه كانت تسخى بالدموع كلما تذكره أو ورد ذكر اسمه على لسان أحد، ولا ينسى أبناء الجهاد الإسلامي مشهد « أبو عبد الله » أثناء مشاركته الثائرة في مسيرة تشييع  الشهيد هاني عابد وحفل تأبينه الذي أشرف عليه بنفسه.

وعلى الرغم من عدم إكمال « أبو عبد الله » لمشواره الدراسي إلا أنه كان يشارك في أغلب نشاطات « الجماعة الإسلامية » الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي آنذاك، وكان يشارك في الدعاية الانتخابية لانتخابات مجلس الطبلة في جامعتي الإسلامية والأزهر.

وتابع « أبو محمد » قائلاً: « لم يستفق الشهيد دانيال من صدمة استشهاد الشهيد القائد هاني عابد حتى إنفتق جرحه من جديد بنبأ استشهاد الدكتور المؤسس فتحي الشقاقي أمين عام حركة الجهاد الإسلامي بحادثة اغتيال جبانة على أيدي الموساد في مالطا، كان وقع نبأ استشهاد الدكتور عظيم على قلوب محبيه بشكل عام وعلى قلب الشهيد »أبو عبد الله« بشكل خاص، فمكث لمدة ثلاثة أيام في بيت عزاء الشهيد الشقاقي، وفي اليوم الثالث صنع مجسماً لرئيس وزراء العدو آنذاك » اسحاق رابين « وقام بتعليقه على عمود للكهرباء أمام منزل الشهيد فتحي الشقاقي، وأمام كاميرات التلفاز قام بضرب المجسم بالسكين عدة ضربات، كرسالة عبّر فيها عن حالة الغضب التي كانت تعتري قلوب أبناء الجهاد الإسلامي جراء حادثة الاغتيال الجبانة بحق الدكتور »الشقاقي رحمه الله.

 

القائد المخلص

وأوضح بأن الشهيد القائد « أبو عبد الله » عمل في إحدى الفترات كمرافق شخصي للشيخ المجاهد « نافذ عزام » أبو رشاد لفترة من الوقت، وقد كان مثالاً للجندي المسلم والمرافق الحريص على أمن الشيخ أبو رشاد وأسراره، كان يعمل بصمت في الوقت الذي تخلف فيه الكثير من الأشخاص عن دورهم خوفاً من بطش السلطة وقبضتها الحديدية، ولم يمضي الوقت الطويل حتى بدأت إستدعاءات الاعتقال تتهافت بالجملة على منزل الشهيد « أبو عبد الله » وبدأت السلطة بملاحقة الأخوة المجاهدين وقمع تجمعاتهم واستدعائهم إلى مقراتها , وقد اعتقل الشهيد « أبو عبد الله » لدى اجهزة امن السلطة عدة مرات، ذاق فيها ألوان العذاب ومرارة السجن والظلم.

وأشار « أبو محمد » إلى نقطة كي يخلدها التاريخ للشهيد القائد « أبو عبد الله » فعلى الرغم من كثرة اعتقاله وسجنه وتعذيبه من قبل أجهزة أمن السلطة، إلا أنه لم ترد إلى عقله فكرة الانتقام والثأر، بل ظل محافظاً على علاقة مميزة بالكثير من أبناء الأجهزة الأمنية المبنية على فكرة الشراكة في الدفاع عن هذا الوطن مهما اختلفت الأفكار والرؤى السياسية، الأمر الذي ترك أثراً كبيراً في نفوسهم فيما بعد، ودفع الكثير منهم للإلتحاق بصفوف الجهاد الإسلامي وانخراطهم في العمل الجهادي ضمن الدوائر العسكرية لسرايا القدس.

وأضاف قائلاً: « لا أنسى وصية والدة الشهيد دانيال منصور لي وهي تحتضر قبيل وفاتها بلحظات مرددة عبارة »دير بالك على دانيال« .. كانت هذه آخر الكلمات التي نطقت بها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وتصعد روحها إلى بارئها.

ومع بدايات اندلاع »انتفاضة الأقصى« بدت علامات الفرح تظهر على محيّا »أبو عبد الله « بفعل هذه الانتفاضة الوليدة، وقام من جديد بإعادة تنظيم الشباب، حيث برز دوره في قيادة العمل بمدينة رفح، ولم ينحصر دوره في تجنيد الشباب وتأطيرهم الحركي، بل حمل سلاحه البسيط وكان يذهب مع مجموعة من الشباب للإشتباك مع جنود الاحتلال وآلياته عند بوابة صلاح الدين الحدودية، ما أدى إلى إصابته في أحد الاشتباكات بإصابة خطيرة في الكبد كادت أن تقتله، لكن بفضل الله ومنته تعافى من هذه الإصابة، وعاد من جديد ليباشر عمله.

تفرّغ الشهيد »أبو عبد الله « بشكل كامل للعمل الحركي في هذه المرحلة، وكان يقوم بالإشراف على العمل الإعلامي من نشاطات وملصقات تخص حركة الجهاد الإسلامي في بيوت عزاء الشهداء وبيانات تبنيهم من قبل الحركة، وكانت لا تخلو مسيرة تشييع لشهيد إلا ويكون الشهيد دانيال على رأسها.

وتكلف الشهيد »أبو عبد الله« من قبل الدائرة العسكرية بإدارة ملف الإعلام الحربي لسرايا القدس سابقاً، حيث أحدث الشهيد نقلة نوعية في مجال الإعلام المقاوم، وعمل على تطوير العمل الإعلامي من خلال إصدار الكثير من الكتب والنشرات والدوريات وكذلك إنتاج الأفلام والكليبات العسكرية التي تخص الشهداء وسيرهم الذاتية، وتوثيق العمليات العسكرية لسرايا القدس, وكان عمله مميزاً جداً وذا بصمة خاصة استحق إعجاب الكثيرين،  نظراً لأن الجمهور المقاوم كان متعطشاً جداً إلى المادة الإعلامية التي من شأنها تعزز روح المقاومة في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني البطلٍ.

 

روح العطاء

ونظراً لتميز الشهيد القائد دانيال منصور وتحليه بروح المسئولية العالية، وتحمله لهموم العمل كلها على كاهله، فقد تم تكليفه من قيادة سرايا القدس بالمسئولية عن قيادة ملف المعلومات والاستخبارات في قطاع غزة،  وقد أخذ الشهيد منذ اللحظة الأولى بتطوير هذا الملف وتنظيم العديد من الأخوة المميزين في هذا المجال، وعمل بجد ونشاط برفقة الكادر الذي أشرف على تعيينه بنفسه كخلية النحل ، وتلقى الشهيد » أبو عبد الله« عدة دورات خاصة وعليا في هذا المجال، مما جعله يتقدم بشكل ملحوظ في هذا الأمن والمعلومات، وفي الفترة التي سبقت الحرب الأخيرة على غزة معركة »البنيان المرصوص« ، وكلف الشهيد بمسئولية قيادة سرايا القدس في لواء الشمال، والتي شعر الجميع حينها بعظم المسئولية الموكلة إليه.

كان الشهيد »أبو عبد الله« يتنقل بين المناطق في قطاع غزة ويشرف بنفسه على إنجاز العديد من النقاط التي تخص العمل، ويقوم بالوقت ذاته بدور الأخ والقائد المصلح والمربي، والكل يصغى إليه وكان يشعر بمدى مسئولية هذا القائد الفذّ وبمدى إحساسه بالعمل وإخلاصه وتفانيه في السير على خطى الشهداء وخطى المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي.

عمل شهيدنا القائد دانيال منصور على إعداد جيش من المجاهدين في لواء الشمال، إلى أن داهمت الحرب قطاع غزة، حيث قتل البشر، وأقتلع الشجر والحجر ودمرت البيوت على رؤوس ساكنيها وسلبت البسمة عن وجوه الآمنين، ورملت النساء ويتم الأطفال، حينها كان الشهيد القائد »أبو عبد الله« يلبس بزته العسكرية ويتقدم الصفوف متنقلاً من ميدان إلى ميدان ومن جبهة إلى أخرى يوجه اخوانه المجاهدين وترقب عيونه الثغور، ويعطي الأوامر إلى اخوانه المجاهدين لصد التوغلات ونصب الكمائن وإطلاق الصواريخ.

وفي الأيام الأخيرة التي سبقت لحظات استشهاده كان » أبو عبد الله « يستحضر ذكرياته مع الأخوة الذين رافقوه على امتداد فترة عمله في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، وكان كثيراً ما يردد أسماءهم ويسأل عنهم وعن أحوالهم وكأنه يودع الدنيا.. لم يمضِ عليه كثيراً من الوقت حتى فارقه أعز الناس إلى قلبه وعلى رأسهم الشهيد القائد صلاح الدين أبو حسنين والشهيد القائد شعبان الدحدوح والشهيد القائد حافظ حمد والشهيد القائد محمود زيادة وكثيرون ممن تأثر كثيراً  لفراقهم خلال معركة »البنيان المرصوص« .

ومع اشتداد المعركة واستمرار العدو في غيّه وطغيانه من قصف للبيوت واستهداف للمناطق المأهولة بالسكان والعائلات والأبراج، أقدم العدو الصهيوني في الرابع من شهر أغسطس آب 2014م على استهداف  أحد البيوت التي تعود ملكيته لعائلة »نجم« في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، والذي كان الشهيد » أبو عبد الله « متواجداً بداخله هو ومجموعة من اخوانه المجاهدين، إلى جانب مرافقه الشخصي عبد الناصر العجوري، الأمر أدى إلى ارتقاء الشهيد القائد »أبو عبد الله« والشهيد » عبد الناصر العجوري« وأغلب سكان العائلة المجاهدة التي ما بخلت بتقديم دمائها وأرواحها في سبيل الله وفي سبيل حماية المجاهدين.

وشكّل نبأ استشهاد القائد »أبو عبد الله « صدمة كبيرة على نفوس الكثيرين من أبناء سرايا القدس والقيادة العسكرية، وظن العدو واهماً في تلك اللحظة أن باغتياله القادة سيحسم المعركة لصالحه وسيجبر المجاهدين على رفع الراية البيضاء، إلا أن مجاهدي السرايا أثبتوا له العكس ، واستطاعوا مواصلة المعركة بكل قوة مع مراعاة ما تقتضيه المرحلة من تكتيك.

وختم »أبو محمد« حديثه للإعلام الحربي برؤية رآها في منامه بعد استشهاد الشهيد دانيال منصور بأيام قليلة قائلاً » رأيته في المنام وأنا أجلس في مسجد العودة، وهو المسجد الأول الذي يحظى بمكانة كبيرة في قلبي وقلب « أبو عبد الله »، فرأيته يدخل من باب المسجد القريب من المنبر مشمر اليدين ويتقاطر الماء عن يديه وكأنه متوضئ، وأقبل نحوي وأنا أجلس كجلوس التشهد، وسلّم عليّ وهو يضحك، وجلس بجانبي وربت على كتفي، طبعاً غمرتني الفرحة بهذه الرؤيا واستبشرت خيراً و سألت الله له الفردوس الأعلى « .

ودعا أبو محمد محبي الشهيد »أبو عبد الله« بأن يسيروا على خطاه وألا ينسوا أهله وعائلته وأن يستذكروا سيرته العطرة ويستمدوا منها دروس التضحية والفداء في سبيل الله وفي سبيل رفعة هذا الدين.

 

شهــــــــادة مؤجَّلة

في بداية انتفاضة الأقصى وتحديدا عام 2001 كان الليل والبندقية أنيسيه وكما العادة حمل سلاحه ليكون في الصفوف الأولى حتَّى أصيب على الحدود ليغرقَ بالشَّظايا في الكبد والحجاب الحاجز وظلَّل لفترةٍ طويلة يتلقَّى العلاج حتّى منعته الإصابة من عمله الاعتيادي في مهنة » السباكة« وتفرَّغ بالكامل  لعمله داخل صفوف سرايا القدس.

تقول زوجته الصابرة والمحتسبة: »لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه  في سنواتٍ محدودة إلا لأنه كان تقِيَّاً في عمله يواصل الليل بالنهار يتغيَّب عن بيته وأهله  ولكنه يدرك ومع كُلِّ غياب أن الوطن والقضيَّة الفلسطينية من الصَّعبِ أن تُدوَّل في المحافِل  دون التضحياتِ والدِّماء وتقدُّم القائد قبل الجندي في الميدان.

 

الجنرال يستشهد

لم يكن فجر الاثنين عادِيَّا على ذويه وتلاميذه ورفاق دربه. ففي الرابع من أغسطس آب لعام 2014م  أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن اغتيال مسئول وحدة  الاستخبارات الأمنيَّة وقائدها في شمال قطاع غزة « دانيال منصور »أبو عبد الله" حتى اشتعلت الحناجر الغاضبة وجعاً باسمه ليجوب عُرسه من الحد الشَّمالي حيث مقر استشهاده لأقصى جنوب القطاع بمسقط رأسه وكأنَّ رجُلاً  مثله لا يستوي له إلا الوصولَ للوطنِ كلَّ الوطن.

وعن كراماته فقد زار أحد أقرباءه في المنام وكان واقفاً في مكان الإمام وحين سأله أين تكون يا أبا عبدِ الله وقد كان مُبتسماً حيثُ رد عليه حينها بأنَّهُ قريبٌ منهم جدا وكأنه معهم وكأن هذه الكرامات لا تأتي إلا لهم لتخجل الروح أمام التضحيات ونرى عظم منزلتهم فالسلام على من امتشق بندقية بوصلتها فلسطين.

 

 

اخبار ذات صلة