خبر حتى أنت يا عفريت؟ .. ياسر البنا

الساعة 08:27 ص|07 يناير 2015

رأيت، فيما يرى النائم، أنني عثرت على مصباح علاء الدين السحري، فوجدتها فرصة، لكي أحقق أمنياتي. فركته، فخرج لي العفريت المخيف صائحاً: أنا خادم مالك هذا المصباح، مُرني فأطيع.

كدت أسقط من الفرحة، وصرخت: أخيراً؟.. فعلاً من يصبر ينل.

في البداية، أردت أن أختبره، فقلت له: اعطني أمارة أنك فعلاً عفريت، فأجاب: أنا العفريت، بدليل أنك تكذب على القرّاء، فأنت تكتب من خيالك، ولم ترني في منام ولا مقام، فأسكتّه على الفور، مخافة أن يفضحني.

المهم، يا جماعة، أخذت أفكر في الأمنيات التي سأطلبها، وكنت، وقتها، أشعر ببرد شديد، بسبب العاصفة (هدى)، فالكهرباء التي تزورنا، الآن، في غزة، أربع ساعات في اليوم، مقطوعة، ولا أستطيع أن أشغّل المدفأة، فقلت في نفسي: سأطلب منه، أولاً، حل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة، لكي أستطيع التفكير بهدوء، قبل طرح الأمنيات.

فقلت: هيا بسرعة، عليك بأزمة الكهرباء، حلها، فنظر إلي باستهزاء. وقال بلهجتنا المحلية: بتحكي جدّ ولّا بتمزح؟. صُعقت من إجابته، ورددت: طبعاً أحكى جد، لو سمحت نفّذ. فقال بلهجة دبلوماسية: سأدرس هذا الأمر، بشكل معمّق. لكن، ليس الآن. فسألته: لماذا؟، فأجاب: سأخبرك في نهاية المقال.

قلت في نفسي: من أين خرج لي هذا العفريت (المقلعط).. ساق الله على عفاريت أيام زمان، كانوا ينفذون وهم ساكتون.

قررت ألا أقف كثيراً عند تمرد العفريت، وقلت: أشعر بالاختناق، أريد أن أسافر للسياحة. أجابني بنزق: انتظر حتى يفتح معبر رفح. قلت له: يا هذا ألم تقل إنك خادمي. رد علي بنظرة غرور استفزّتني، ولم ينطق، فقلت له: إذن، افتح المعبر. فقال: لا أستطيع، فهناك إرهاب في سيناء. فقلت له: إذن، اقض على الإرهاب، فغضب العفريت، وصرخ: لا أستطيع، وسأخبرك لماذا في نهاية المقال.

اللهم طوّلك يا روح، قلت في نفسي، وأكملت: لدي أخوة، وأبناء عم، وأبناء خال، وأبناء خالة، وأنسباء وأقرباء، وأحبة، وأصدقاء، وجيران، كلهم يعانون البطالة، أريد أن تأتيهم بفرص عمل. فأجاب: إن شاء الله. لكن، بعد أن ينفك الحصار عن غزة.

صرخت: يا إلهي، هل أنت عفريت أم سائق تاكسي؟، فلم يرد كعادته، ورمقني بنظرة اشمئزاز.

المهم، قلت له: ما علينا، أريدك، الآن، أن تساعد جيراننا الذين هدمت إسرائيل منزلهم في الحرب، ببناء بيت جديد، فهم يعيشون في الخيمة، وكما تعلم، هناك عاصفة شديدة، تهب هذه الأيام.

سكت العفريت قليلاً، ثم قال: في الحقيقة.. الواقع.. أنا.. طيب.. مم.. دعنا نؤجل هذا الطلب الآن، هات غيره.

كظمت غيظي مجدداً، وقلت له: بسيطة عزيزي، كما تعلم، فإن مشكلاتنا الشخصية مرتبطة بمشكلاتنا العامة، ولن أستطيع أن أتنعم بملذات الحياة التي ستحققها لي، من دون إصلاح الأوضاع العامة، فأرجو منك أن تساعد الإخوة في حركتي فتح وحماس على تحقيق المصالحة.

ضحك العفريت طويلا، ثم قال: في نهاية المقال.

قلت له: ماشي حبيبي، فهمت. لا عليك، أريدك، الآن، أن تمنع إسرائيل من الاعتداء علينا، وشن الحروب كل سنة وأخرى، فكما تعلم، شنت علينا ثلاث حروب في خمس سنوات، وقتلت الناس، ودمرت المنازل، وها هي تهددنا مجدداً.

حكّ العفريت رأسه بأظافر يده اليسرى بعنف، ثم أجاب: سأبحث الأمر بإيجابية، وأرد عليك لاحقاً.

قلت له بسخرية: شكرا معالي العفريت، والآن أريدك..، فقاطعني: عزيزي، معذرة، أنا مضطر للمغادرة، الآن، لدي اجتماع مهم.

صرخت: لكني سيدك، الآن، وأنت لم تحقق لي أي مطلب. فقال بهدوء ووقار: يا عزيزي، تحقيق مطالبك السابقة سيُغضب مني العفاريت الكبار الذين يعملون بالشراكة مع عفاريتكم الكبار من الإنس، وأنا (غلبان)، وعندي عفاريت صغار، أريد أن أربيها.. وداعاً. -