العجز الإجمالي عند السلطة سيصل لحوالي أكثر من 50% من حجم الموازنة العامة

خبر ازمة بالرواتب والتقشف المالي على الابواب.. آثار تجميد 'المقاصة' على السلطة

الساعة 03:47 م|06 يناير 2015

غزة

يعد التمويل الأجنبي من قبل الدول المانحة ومجتمع المانحين، بالإضافة لأموال المقاصة التي تجبيها« إسرائيل » لصالح الخزينة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية من أهم مصادر وبنود  الموازنة العامة التي تتضمن (الإيرادات المستقبلية  للسلطة الفلسطينية لسنة قادمة في شقها الأول وهي ذات صفة الدائن).

اما الشق والمكون الثاني من الموازنة يشمل النفقات المستقبلية في أجزئها على 3 بنود ذات طابع مدين هي الإنفاق الجاري والتشغيلي والتطويري.

ومنذ أكثر من عشرون عاماً من عمر أوسلو السياسية واتفاقية باريس الاقتصادية ظلت الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية تواجه وتعاني من عجز في هذه المكونات« النفقات'' بسبب السياسات الإسرائيلية وهو ما جعل السلطة الوطنية الفلسطينية تعتمد بشكل كبير ودائم على التمويل الأجنبي من الدول المانحة ومجتمع المانحين وبنسب عالية؛  بل وتعتبره جزءاً أساسياً من موازنتها العامة.

وكانت »اسرائيل« قررت مؤخراً في ردها على توقيع عباس على ميثاق روما تجميد أموال الضرائب »المقاصة« كعقوبة على الانضمام للجنائية الدولة، فيما اعتبرت السلطة الفلسطينية القرار بمثابة »جريمة حرب« .

فيما أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن الخطوة الفلسطينية بطلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ستكون لها تبعات مالية، فيما تبحث إسرائيل عن سبل لمقاضاة قادة فلسطينيين رداً على تحركاتهم الأخيرة.

وحول التأثيرات والارتدادات المالية والسياسية على السلطة الفلسطينية بعد الإجراء الإسرائيلي – الأمريكي والمتمثل في فرض العقوبات المالية، تحدثت فلسطين اليوم إلى المختص بالشأن الاقتصادي أمين أبو عيشة الذي أكد أن جملة من الآثار السلبية سترتد على السلطة الفلسطينية.

يقول أبو عيشة : »عالم السياسة والاقتصاد لا يوجد تمويل أجنبي نظيف، حيث تكمن هنا إشكاليات هذا التمويل في مستويات الخفاء العالية التي تحيط به وتكتنفه، فهو مشروط بتنازلات، وهو احد ثمار اتفاقية أوسلو في العام 1993 وبرتوكول باريس الاقتصادي الموقع في العام 1994، فلقد تعهد حينها مجتمع المانحين وفقاً لأوسلو السياسية بدعم السلطة الوطنية بملايين الدولارات من اجل تعزيزها كجهة ولدت من رحم العجز العربي واعتبرها مجتمع المانحين احد أبنائها المطيعون لها« .

وأوضح أبو عيشة أن  مجتمع المانحين طوال أكثر من عشرون عاما -منذ توقيع اتفاقية أوسلو- أكثر من 27 مليار دولار لأركان وروافد وأذرع هذه السلطة ومؤسساتها، وبذلك الأمر تكون السلطة هي أكبر متلقي الدعم المالي من المجتمع الدولي.

ووفقاً لأخر الإحصاءات فإن السلطة الفلسطينية  بالمتوسط السنوي تلقت حوالي 1 مليار دولار كتمويل من المجتمع الدولي حقيقة ودون ريبة يتذبذب هذا المبلغ حسب الإذعان والطاعة السياسية للمجتمع الدولي ومجتمع المانحين لما تريده »إسرائيل« .

تلقت السلطة الوطنية الفلسطينية في العام المنصرم 2014 فقط 1.4 مليار دولار من مجتمع المانحين، منها حوالي 1 مليار دولار سنوياً من الاتحاد الأوروبي الممول الأول للسلطة الفلسطينية؛ وتأتي بعده الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 400 مليون دولار

 

وبشكل أكبر تلقت السلطة الوطنية الفلسطينية في العام المنصرم 2014 فقط 1.4 مليار دولار من مجتمع المانحين، منها حوالي 1 مليار دولار سنوياً من الاتحاد الأوروبي الممول الأول للسلطة الفلسطينية؛ وتأتي بعده الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 400 مليون دولار؛ وذلك حسب الإحصاءات المالية للربع الرابع من العام 2014 ؛ وبالتالي تتلقي السلطة الفلسطينية حوالي 25% - 30% من حجم التمويل الدولي من أمريكا وهو ثلث المبلغ الإجمالي تقريبا.

 ويضيف أبو عيشة :هذه الأموال والمبالغ تدفع للسلطة الوطنية الفلسطينية كنوع من الرشوة  أو على الأقل كنوع من الابتزاز السياسي  للقرار الفلسطيني الذي يهدف لإسكات المقاومة، فالتمويل هنا هو مقاومة المقاومة وليس فقط معيق للتنمية بل هو عدو لها وكما يقول المثل من يدفع للزمار هو نفسه الذي يحدد له النغمة »، والقول لأبو عيشة.

ويشير أنه بالمجمل العام فإن السلطة تعتمد بحوالي ما نسبته 62% من فاتورة موازنتها العامة وتحديداً نفقاتها الجارية « الرواتب والأجور على التمويل الدولي وحوالي 33%  من إجمالي موازنتها العامة تعتمد على المال الدولي، وتدفع من خلال هذه الأموال رواتب  لأكثر من 90 ألف موظف مدني وعسكري بالضفة الغربية وحوالي 77  ألف كذلك في قطاع غزة ، وتصرف لهم شهرياً حوالي 2.2 مليار دولار كرواتب وأجور، وذلك من أصل 4.2 مليار دولار أمريكي هي حجم الموازنة العامة للسلطة  الوطنية الفلسطينية للعام 2014، وبعجز جاري في الرواتب والأجور قدرة 1.2 مليار دولار يغطي جله من التمويل الدولي وإجمالي العجز الكلي ( الجاري والتشغيلي والتطويري ) هو 1.6 مليار دولار  يدفع منها 1.4 مليار ويبقي 200 مليون يكون دين عام على السلطة الفلسطينية حيث يقدر حالياً هذا الدين بحوالي 2.6 مليار دولار ، كما تبلغ أموال المقاصة المحولة من الجانب الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية من 120-  150 مليون دولار نهاية كل شهر وذلك بعد خصم 3% مصاريف جباية تحصلها »إسرائيل« .

وحسب اتفاقية باريس الاقتصادية فإن هذه المبالغ تسمى بالرسوم الجمركية وتشمل رسوم  تفرض على البضائع والتبغ  والسيارات وغيرها من المنتجات، كما أن السلطة  تحصل حوالي 886 مليون دولار هي الإيرادات المحلية بنوعيها ضريبية وغير ضريبية وبالتالي فإن صافي إجمالي الإيرادات التي تحصلها للسلطة هو 2.586 مليار دولار.

 وتاريخياً نجد أن تمويل المانحين أوقف أكثر من مرة ليس فقط من قبل الولايات المتحدة بل من قبل الاتحاد الأوربي نفسه في العام 2006؛ وذلك في عهد الحكومة العاشرة بعد رفض حركة حماس الاعتراف بإسرائيل آنذاك.

 في حال توقف أموال المقاصة المقدرة بحوالي 1.7-2 مليار دولار أو المساعدات الأمريكية المقدرة بحوالي 400 مليون دولار ستواجه السلطة عجزا إجماليا سيصل لحوالي أكثر من 50% في حجم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية وسيوقعها في طور الأزمة المالية وسيدخلها عملياً مرحلة شد الأحزمة » التقشف المالي «

ولفت ابو عيشة أنه في حال توقف أموال المقاصة المقدرة بحوالي 1.7-2 مليار دولار أو المساعدات الأمريكية المقدرة بحوالي 400 مليون دولار ستواجه السلطة عجزا إجماليا سيصل لحوالي أكثر من 50% في حجم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية وسيوقعها في طور الأزمة المالية وسيدخلها عملياً مرحلة شد الأحزمة »التقشف المالي « وسيجعلها غير قادرة ماليا وبنسبة 50% على صرف النفقات الجارية » الرواتب والأجور « كما سيدخلها في مرحلة التقنين المالي للنفقات التشغيلية وسيمس ذلك غالباً قطاعات أساسية كالتعليم والعلاج بالخارج ومستلزمات العلاج والتطوير وغيرها من أساسيات البناء، وعن إمكانية مجابهة هذا الأمر طالب أبو عيشة السلطة بما يلي من إجراءات:

 

* ضرورة الاعتماد على الذات وتقوية الإمكانات الذاتية لان التنمية وعمائد الدول هي اعتماد متزايد على الذات وليس اتكالاً على الآخرين، وهو خطأ السلطة والفصائل طوال سنوات مضت ، ولن يتم ذلك إلا بمراجعة شاملة وكاملة لاتفاقية باريس الاقتصادية لتعديلها ويفضل إلغائها بالتقادم الانتقالي، فعلي سبيل المثال ضريبة النفط » البلو « هي ضعف السعر الدولي النفط وتقدر المبالغ المنهوبة و »المشفوطة« من قبل »إسرائيل" سنويا بحوالي 2 مليار دولار هي مبالغ سيادية للفلسطينيين تكون بديلا عن هذا التمويل الزائف .

 خطأ السلطة والفصائل طوال سنوات مضت ، ولن يتم ذلك إلا بمراجعة شاملة وكاملة لاتفاقية باريس الاقتصادية لتعديلها ويفضل إلغائها بالتقادم الانتقالي

* ضرورة تربية المجتمع على مبدأ ثقافة مقاومة الخطر الخارجي أي كان شكله (دينياً، عسكرياً، سياسياً، اقتصادياً)  فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار فالحقوق الفلسطينية توجب القتال وبكل المجالات وهي كالفروض.

* عدم التسليم الجزئي للأجنبي ولو على حساب بعض المفاهيم (المقاومة، الإرهاب، حق العودة، إلا عودة) ، لان التسليم الجزئي يؤدي حتماً إلى قبول ما هو أسوء حتى يصل الأمر لأبعد من ذلك وهو الأمن القومي الفلسطيني ( تعليمي، سياسي، ديني، اقتصادي، عسكري، اجتماعي) وهو ما يحصل ألان فالتمويل لم ولن يكون إلا سرابا سرعان ما سيزول حال رفضه سياسيا.

*تعديل النظام الضريبي  الفلسطيني ففي حال الانعتاق من اتفاقية باريس الاقتصادية سيتم توفير 400 مليون دولار سنويا حجم التهرب الضريبي وسيعظم ذلك من بنود الجمع الضريبي لأكثر من 70 مليون دولار شهريا .

 تعديل النظام الضريبي  الفلسطيني ففي حال الانعتاق من اتفاقية باريس الاقتصادية خطوة هامة

 

* ضرورة وضع خطة طوارئ مشتركة بين السلطة والأحزاب والمنظمات على اختلاف انتماءاتها للنهوض بالمجتمع الفلسطيني ككل، والبحث عن مصادر تمويل عربية لا تتناقض مع السياسات الفلسطينية وأهداف الشعب بالحرية والاستقلال.

* البحث عن مصادر أكثر وطنية من الغرب وهنا لا بد من تفعيل شبكة الأمان الاقتصادية العربية وبصدق.

* البحث عن مصادر أكثر وطنية من الغرب وهنا لا بد من تفعيل شبكة الأمان الاقتصادية العربية وبصدق.

 

* القتال من مسافة صفر في كل المحطات والمناقب والمحافل الرسمية والغير رسمية وإيصال حقيقة عدالة القضية وأموال المقاصة للشعب الفلسطيني.

* إعادة تفعيل صندوق الاستثمار الفلسطيني وتوجيه نحو استثمارات ذات طابع اقتصادي يخدم مصالح ابناء الشعب الفلسطيني وليس مصالح شخصية.

*إعادة هيكلة سلم الرواتب وتحديدا رواتب منتسبي القوي الأمنية عالية الكلفة.

*يجب أن تفهم السلطة والجميع أن هذه الأمور لم تعد حاجة فقط الآن فهي ضرورة ومصلحة عامة للاستدامة المالية والاقتصادية للمواطن والسلطة، ولنتذكر دائماً أن قوة (إسرائيل) ليست في عبقريتها؛ إنما قوتها تكمن في غياب أو تغييب مشروع اقتصادي قومي أو إسلامي أو عربي أو حتى فلسطيني  يعيد لنا الهيبة للأمة ولفلسطين.

كلمات دلالية