خبر المنظومة الاقتصادية الغزية هي الاسوء في عام 2014 منذ سنوات

الساعة 12:05 م|31 ديسمبر 2014

وكالات

أشار خبراء اقتصاديون إلى أن عام 2014 هو الأسوأ اقتصاديًا منذ سنوات الانقسام والحصار على غزة ، إن لم يكن الأسوأ على الإطلاق ، محذرين من الوضع الكارثي للاقتصاد الفلسطيني والأرقام القياسية التي سجلتها معدلات البطالة والفقر والتضخم .

ويرجع السبب وفقاً للخبراء بشكل أساسي لعدوان صيف 2014 على غزة والذي استمر لمدة 51 يوما تم من خلاله تدمير ما تبقي من المنظومة الزراعية والصناعية لقطاع غزة ، كما شهد هذا العام انعدام الأمن الوظيفي  الإداري والمالي لأكثر من 37 كانوا يتلقون رواتبهم من قبل حكومة غزة السابقة وهو ما ترجم فعلياً بعدم الصرف وتأخره لأشهر وتراكم ملايين الدولارات المستحقة للموظفين ومنتسبي قوي الأمن وعدم دفع  مليارات المساهمات المالية لهؤلاء الموظفين لهيئة التقاعد العامة طول سنوات الانقسام وهو ما ترجم بشكل سلبي  وتراكمي في العام 2014

أرقام كارثية

بدوره أكد الكاتب و المحلل المالي و الخبير الاقتصادي أمين أبو عيشة أن عام 2014 هو من أسوأ سنوات الانقسام والحصار اقتصاديًا ومالياً ، مؤكدًا أن الأرقام الاقتصادية والمالية المسجلة بعد العدوان لم تسجل قرينة لها من الناحية السلبية.

وفي حديثه لـ" فلسطين اليوم " عن أسباب تراجع وانحدار وتخلف الاقتصاد الغزي في العام 2014، قال أبو عيشة: "إن موظفي حكومة غزة السابقة والبالغ عددهم حوالي 37 ألف موظف لم يتلقوا رواتبهم ، إضافة لحوالي 13 ألف كانوا يعملون على بند برنامج التشغيل المؤقت " جدارة " وخطباء ووعاظ وما في الحكومة، فهم بحاجة لـ 150 مليون شيكل شهريا كنفقات جارية لدفع رواتبهم وأجورهم ، ولحوالي 3 مليون شيكل نفقات تشغليه لتسيير بعض الأمور ، وكذلك فإن العدوان الأخير كلّف الاقتصاد الغزّي خسائر مباشرة وغير مباشرة بقيمة 4.8 مليار دولار تضمنت كافة القطاعات الاقتصادية الإنشائية والزراعية والصناعية والتجارية والخدماتية وبشكل عام البني التحتية والفوقية للمكون الاقتصادي لقطاع غزة .

وأوضح أن الأسباب السابقة رفعت معدلات البطالة والتضخم إلى مستويات قياسية، لم يشهدها الاقتصاد الغزّي سابقا.

وبالمقارنة مع الأعوام السابقة ، أوضح أبو عيشة، أنه في العام 2013 كانت معدلات البطالة في قطاع غزة حوالي32.6%، بينما أضحت النسبة مع نهاية عام 2014 حوالي 45%،  وهي الأعلى بالنسبة للدول المجاورة  بل الأعلى عربياً ، في حين كانت في بداية الحصار عام 2007 لا تتجاوز 23% ، وفي 2008 لم تتجاوز 28%".

وأكد أن العام الحالي هو الأسوأ في سوق العمل من حيث انخفاض نسبة التشغيل ، مضيفًا: "لو تحدثنا عن متوسط دخل الفرد، فكان قبل عام 2007 أكثر من 2000 دولار، ومع بداية 2014 (قبل الحرب) كان متوسط الدخل 1300 دولار سنويًا ، والآن أقل".

وحذّر أبو عيشة من المستويات القياسية التي سجّلها الاقتصاد في معدلات التضخم والتي فاقت نسبة 3% مقارنة مع 2% عام 2007.

ولفت إلى أن المنظومة الاقتصادية  لقطاع غزة بعد الحرب هي من أسوأ المنظومات على مستوى الوطن العربي بأكمله ، وبين أن مساهمة قطاع غزة من إجمالي الناتج المحلي  الفلسطيني كانت قبل الحرب حوالي 22%  انخفضت هذه المساهمة لحوالي 10 % بعد الحرب ( إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني لعام 2014 حوالي 13.2 مليار دولار ، وهو ما يشكل حوالي 4.5% من إجمالي الناتج المحلي لدولة الكيان ) وعن توقعاته للعام المقبل ، بيّن أبو عيشة أن الاقتصاد الغزّي يقف أمام سيناريوهين: هما إعادة الأعمار، وفشله.

وأشار إلى أن إعادة الأعمار سيقلل من عدد العاطلين عن العمل من 170 ألف عاطل  من أصل حوالي 366 ألف هم إجمالي القوي العاملة لقطاع غزة ، إلى 70 ألف وهو ما سينهض بالاقتصاد الغزي من أتون الكساد والتخلف للانتعاش ، محذرًا مع الفشل في اعمار قطاع غزة في 2015 مما سيضفي مزيدًا من التدهور والسلبية ، وارتفاع معدلات التضخم من 7% إلى 12% تقريبا. ( التضخم هو ارتفاع عام في مستويات الأسعار بشكل دائم ومستمر خصوصاً نتيجة لارتفاع قيمة الواردات التي يستهلكها القطاع أو المواد الخام نتيجة للارتفاعات المستمرة في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الشيكل ) وهو ما سيزيد الطين بله حسب أبو عيشة .

ولفت أبو عيشة إلى أن العام المقبل سيتم العمل ضمن ثلاث مراحل : أولها خطة الإيواء ويجري العمل بها ، في حين أن الثانية هو بناء جميع البيوت المدمرة في الحرب وهو الإعمار الفعلي الذي لم يبدأ حتى الآن ، ومن ثم الشروع في خطة التنمية كخطوة أخيرة في حال توافر دعم مالي لها ( المطلوب تنموياً حوالي 3.2 مليار دولار أمريكي لإعادة تنمية وتأهيل المنظومة الغزية وذلك حسب الخطة المعلنة من المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والأعمار – بكدار ) وهي مرحلة لاحقة على إعادة الأعمار.

وأكد أنه في حال انجاز المراحل الثلاث الماضية خلال الخمسة أعوام القادمة فسنشهد انتعاش اقتصادي.

كما  أكد أبو عيشة على ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع لمستويات 60% في قطاع غزة وأعيقت التنمية والنمو من خلال الاعتماد الدائم والمتواصل على  الغير من خلال الصدقات والهبات من الغير سواء للحكومة السابقة بغزة أو حتى لحكومة الضفة الغربية السابقة التي ما زال الاقتصاد الفلسطيني يتصف بأنه اقتصاد ظل وينعت بأنه اقتصاد أزمات ( ما زال موظفي قطاع غزة يعتمدون في صرف رواتبهم على التمويل الأجنبي وهو بشكل عام مسيس وكذلك تعتمد السلطة الوطنية في نفقاتها الجارية على التمويل الأجنبي بنسبة 62% من الموازنة الجارية للرواتب والأجور حوالي 1.4 مليار عام 2014 تلقتها من دول ومجتمع المانحين ) وهو بكل الحالات تمويل غير نظيف .

كما ما زالت ( إسرائيل ) تمارس نوعاً من القرصنة الجديدة وما بعد الجديدة من خلال تحكمها في فتح وإغلاق معابر قطاع غزة  وولوجها لآليات جديدة في التعامل بالرقابة على صرف الاسمنت للمتضررين " آلية وخطة سيري للأعمار "  ورقابتها حتى على صرف سلف رواتب موظفي غزة وهي بذلك تضيف واقعا اسودا للارتباط العضوي للاقتصاد الغزي مع الكيان الصهيوني وبنكهة أممية وهي بذلك تشكل معيقا أمام تحرر وتحرير الاقتصاد الغزي بل ترجعه لمسافات ودهور من الزمن وتعيق بهذا الفعل التنمية التي هي بالأصل اعتماد على الذات وقبل كل شيء انعتاق من الاحتلال وبالمجمل فإن ( إسرائيل ) بذلك الأمر تنتهك الحق الإنساني المتمثل بضرورة توفير احتياجات قطاع غزة وبشكل دائم ومستمر وبما يضمن انسيابية النشاط الاقتصادي للقطاع .

كما ما زال قطاع غزة يعاني وبشكل متواصل من إشكالية ومعضلة تراكم الأزمات المتمثلة في ( استمرارية انقطاع التيار الكهربي والعمل بنظام وصل 6 ساعات وقطع 12 ساعة – ونقص المستهلكات الطبية وغياب الكثير منها وأزمة النظافة والمياه وأزمة غاز الطهي والنظافة وغيرها من الأزمات .

وفي النهاية تمني أبو عيشة أن يكون العام القادم عام يسر وحل لهذه الأزمات وإعادة اعمار وعمار وتنمية لقطاع غزة ، وأن يخرج الاقتصاد الغزي من عنق الزجاجة وألا يبقي أسيرا وطريدا لاقتصاد الكيان الصهيوني وألا يبقي يدور في فلك الانقسام وتسييس المواقف والسلوكيات لان النهوض بواقع قطاع غزة وعذابات أهله كان في الماضي حاجة لكنه أصبح اليوم دون ريبة ضرورة لأهل غزة بعد سنوات عجاف من انتهاكات الانقسام والحصار والدمار وتمني ألا يستمر وجع الآلام لأهالي غزة  وان تقدم المصلحة العامة على المصالح الفئوية الضيقة وألا تترك جراحات شعبنا تتعفن.