خبر لم يعد جيش الشعب -هآرتس

الساعة 10:46 ص|29 ديسمبر 2014

لم يعد جيش الشعب -هآرتس

بقلم: أسرة التحرير

بدأ الجيش الاسرائيلي بهدوء يودع نموذج "جيش الشعب" وينتقل بالتدريج من التجنيد الالزامي الى الجيش المهني الذي يقوم على أساس المتطوعين الذين يتلقون الاجر. وافاد عاموس هرئيل أمس عن وثيقة لمركز العلوم السلوكية في الجيش الاسرائيلي درست سياقات الانتقال الى الجيش المهني في الدول الغربية، وبحثت في ندوات عقدتها شعبة القوى البشرية في هيئة الاركان. وحسب النبأ، فان الجيش الاسرائيلي لا يعتزم العمل على لانتقال الى جيش مهني، غير أن اهتمام كبار مسؤولية في ذلك واضح من تلقاء نفسه.

 

وكان صمم النموذج الحالي دافيد بن غوريون كأداة لتحقيق رؤياه الوطنية – وجود امننا. "علينا أن نحرص على أن يعرف كل رجل وامرأة في اسرائيل كيف يحمل السلاح ويقف في المعركة"، شرح رئيس الوزراء ووزير الدفاع الاول. وعند عرضه قانون الخدمة الامنية في الكنيست في 1949 قال بن غوريون: "ان الاغلبية الساحقة من شعبنا ليست بعد من ناحية يهودية الا رماد انسان. والجيش وحده يمكنه أن يشكل عامل تكتل في تصميم الصورة الجديدة للشعب".

 

اما اليوم فيعيش المجتمع الاسرائيلي مسيرة متسارعة من التغيير الديمغرافي، الذي يفرغ من محتواه شعار "جيش الشعب": فنصف تلاميذ الصف الاول هم اولاد عرب او اصوليين، سيكونون معفيين من التجنيد عند بلوغهم سن 18، اضافة الى الفتيات المتدينات؛ اما الفتيان المتدينون – الوطنيون في مدارس التسوية الدينية فيتمتعون بخدمة قصيرة؛ وفي العقد القادم ستكون فقط أقلية من ابناء الشبيبة ملزمة بالتجند للجيش. كما أن الجيش الاسرائيلي يستخدم في الخدمة الاحتياطية منذ زمن بعيد التجنيد الانتقائي، لاسباب تتعلق بالميزانيات، وقلة فقط هم "جنود في اجازة 11 شهر في السنة"، مثلما في عهد بن غوريون. ويثير التبذير المفزع في الجيش احتجاجا جماهيريا ومطالبة بتوجيه المقدرات من الامن الى الرفاه.

 

وحسب الاستعراض الذي عرض على كبار مسؤولي شعبة القوى البشرية، فان الانتقال من الخدمة الالزامية الى الجيش المهني تم في العديد من الدول بالتدريج، وتعيش اسرائيل اليوم سياقا مشابها – وعلى الجيش الاسرائيلي أن يستعد له. فمثلا، من خلال تطوير مسارات الخدمة المدنية، او التقليص الكبير للخدمة الالزامية وتوسيع الجيش الدائم. ويساهم الاحساس بالتهديد الامني، الذي يغذيه زعماء الدولة باستمرار في تعزيز الدوافع للتجند، ولكن نموذج الخدمة الحالية يضعفها.

 

محظور أن يدور النقاش في مستقبل الجيش الاسرائيلي فقط في المحافل العسكرية المغلقة. فمركزية الجيش في اسرائيل تستدعي جدالا جماهيريا على نموذج الخدمة وملاءمته مع التحديات الامنية، الاقتصادية والاجتماعية لعصرنا. لطيف التغني بالشعارات من عهد بن غوريون، ولكنها لا يمكنها أن تكون بديلا عن نهج حديث.