بالصور الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد

الساعة 06:30 م|26 ديسمبر 2014

الاعلام الحربي

أيها الشهداء أنتم الأحياء.. أنتم الحياة كلها.. بل أنتم الذين تصنعون من الموت أناشيد الحياة.. أنتم النصر كل النصر.. لأن النصر شجرة لا تروى إلا بالدماء.. فلا نامت أعين الجبناء.

سنذكركم أيها أبطال.. سنذكركم وفي القلب اشتياق لكم.. سنذكركم في الصباح والمساء.. سنذكركم في الليل والنهار.. سنذكركم في كل وقت وحين.. ونحن نقول "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".

إلى أسد تقدم.. نكتب .. إلى راحل غاب عن العيون لكنه تخلد في القلوب انه الشهيد الصائم الرائع عزت سلامة ضهير.

ميلاد البطل

من بين أشجار الزيتون والليمون التي تعلن أن هذه الأرض هي أرض الرباط إلى يوم الدين، سُمع صراخ طفل في المهد، سيكبر يوما ويحمل السلاح ويقارع الاحتلال, إنه الشهيد المجاهد عزت سلامة محمود ضهير الذي أضاء سماء فلسطين بقدومه في العاشر من يوليو للعام الحادي والتسعين بعد التسعمائة وألف للميلاد.

في كنف بيت متواضع نشأ عزت لأسرة فلسطينية تعيش على البساطة ليكون ترتيبه بين اخوته الأخير ويكون الطفل المدلل لعائلته المكونة من والديه وستة أشقاء وأربعة شقيقات .

تلقى شهيدنا المجاهد عزت ظهير تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس الحكومة ليحصد الدرجات العليا، وينتقل إلى مدرسة شهداء رفح الثانوية ليكمل مشواره التعليمي، ويتخرج بعد اثنى عشر عاماً من الدراسة بتحصيل عام "جيد جداً" ليلتحق بجامعة الأٌقصى ويدرس بكلية الصحافة والإعلام ليحمل على عاتقه أداء رسالة الحقيقة وكشف جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبه.

علاقة شهيدنا بوالديه

اتصف شهيدنا بالعديد من الصفات الحميدة التي جعلته محبوباً بين الجميع، وكان "عزت" شاباً خلوقاً دائم الابتسامة في وجه إخوانه، ذو علاقة طيبة جداً مع والديه، ويتمتع بعلاقات اجتماعية واسعة مع الجميع.

ربطت "عزت"  علاقة قوية بوالديه الذي كان يكن لهم كل الاحترام والتقدير, فكان الابن البار الذي يقدم ما يملك لنيل رضى والدته بعد وفاة أبيه, طالباً منها الرضا والدعوات الجميلة التي تصعد إلى الله وكلها أمنيات بالتوفيق والسداد في كل خطوة يخطوها نحو التميز والارتقاء.

كانت علاقة "عزت" مميزة مع جميع إخوانه، لا يفرق بين أحد منهم فجميعهم قريبون إلى قلبه, يشاركهم في أفراحهم وأحزانهم, مع انه الأصغر سناً بينهم إلا أنه كان دائماً يستمر بإعطاء النصيحة لهم وخاصة بالأوقات العصيبة, وكان يداعب أبنائهم الصغار ويمازحهم, لا يغضب أحداً منهم، وكان بمثابة أخ لهؤلاء الأطفال لأنه القريب إلى قلوبهم.

عرف "عزت" بين أهل حيه بحسن أدبه وعلو أخلاقه وجمال صفاته وسماته، وتميز بعلاقاته الممتازة مع جميع أهل الحي الذين كانوا يكنون له الكثير من الحب والود والاحترام، فكان يقدم يد المساعدة والعون لكل من يحتاج لها دون أن يطلب منه، وكان يشاركهم في مناسباتهم السعيدة ويقف بجوارهم في أحزانهم وأتراحهم ويواسيهم ويخفف عنهم، وكان يسير بين أهل الحي بكل حب وخير وصلاح، ينهاهم عن فعل المنكر، ويرشدهم إلي الصواب, فالجميع يشهد لهذا الشهيد الفذ بحسن الأخلاق والعطاء.

في أحضان المساجد

حرص "عزت" أن ينطبق عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "شاب نشأ في عبادة الله" , "ورجل قلبه تعلق بالمساجد"  فكان نعم الشاب الصائم القائم المرشد في المساجد .

وعرف "عزت" بالتزامه الحديدي بالمسجد، حيث كان يواظب على الصلاة وخاصة صلاة الفجر في مسجد عمار بن ياسر, وكان يحث الشباب على الاهتمام بالصلاة في المساجد وترك الجلسات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع مقابل تضييع صلاة الجماعة. 

حفظ شهيدنا عزت كتاب الله وهو لا يزال صغيراً في السن، وقد غمرته مشاعر الفرح عندما أتم حفظه، وفي هذه المناسبة توجه لوالدته بالقول "الآن أنا راض عن نفسي لأني سألبسك ووالدي تاج الوقار يوم القيامة"، وبعدها نصّب إماماً لمسجد "الأمين محمد " في خربة العدس وكان رغم صغر سنه يؤم بالمصليين بصوته العذب يتلذذ الجميع بسماعه.

عزت الصوام، كان يحافظ علي سنة الرسول محمد صل الله عليه وسلم بصومه النوافل, فكان يصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، والأيام البيض من الأشهر العربية.

عزت ضهير الصحفي

تخرج الفارس "عزت ضهير" من جامعة الأقصى من قسم الصحافة والإعلام لينتقل بعدها إلى المعترك الإعلامي بجهده وجهاده يرسم حلمه في مهنة الصحافة والإعلام.

والتحق فيما بعد بعدد من الدورات الإعلامية التخصصية دون كلل أو ملل، لحبه الشديد لمهنة الصحافة فعمل ضمن الطاقم الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بإقليم رفح وبرز دوره كمراسل وصحفي  في الأحداث الميدانية لبعض الإذاعات ليصدح بالحقيقة بصوته العذب إلى أن التحق بركب الشهداء بعد إرسال أخر رصد ميداني للأحداث التي تدو ر بمدينة رفح عبر إحدى الإذاعات الفلسطينية.

مشواره الجهادي

كيف لا يكون للصقور بصمة في المعارك, فصقرنا "عزت" انضم إلي حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس وهو شبلاً , وبدأ مشواره بالمشاركة في المهرجانات والزيارات التي تقيمها الحركة بين الفينة والأخرى , فكبر الصقر وازداد نشاطاً ليثبت نفسه بأنه قادر على تحمل أعباء الحياة ومرارة الظلم , وسرعان ما التحق بصفوف الجناح العسكري سرايا القدس سريعاً لشجاعته وجرأته وبديهته .

حرص "عزت" أن يكون من أولئك الرجال الذين يقارعون الاحتلال , فكان دائماً ما يشغل نفسه بطلعات الرباط , ليحافظ على ما تبقى من هذه الأرض.

لم ينتهي مشوار الصقر بعد, فعزت الشاب الملتزم  بالمساجد، أصر على أن يأخذ دوره في الجهاز الدعوي للحركة الجهادية, وكان يخرج مع  ثلة من الشيوخ لجميع مساجد رفح لإعطاء الندوات والدروس والمواعظ الدينية  للشباب الحريصين علي نيل الثواب وتحصيل الأجر من دروس وحلقات العلم.

كما تمكن شهيدنا "عزت" من أن يصدح بصوته للمجاهدين على إحدى الموجات اللاسلكية التابعة لسلاح الإشارة بلواء رفح، لإعطائهم بعض الإرشادات والأوامر من خلال الموجة، وظل على هذا الحال إلى آخر لحظات حياته.

ورحل البطل الهمام

في اليوم الثاني من أيام عيد الفطر المبارك كانت الفاجعة الكبيرة , تسعة عشر شهيداً كانوا جميعاً تحت أنقاض بيتهم الذي رسموا أحلامهم وعاشوا طفولتهم فيه, فطائرات الاحتلال لم ترحم أحداً عندما أطلقت في فجر يوم التاسع والعشرون من شهر أغسطس/آب، صواريخ موتها وحقدها على منزل الشهيد "عزت ضهير" وتحيله إلى ركام فوق رؤوس من فيه, ويكون "عزت" من بين الشهداء التسعة عشر الذين ارتقوا في هذه المجزرة البشعة، والتي لم تبقي من العائلة إلا ثلاث أخوة كانوا خارج البيت وطفلة صغيرة قذفها ضغط الانفجار إلى خارج المنزل ونجت بأعجوبة.

فيا ساكن الجنان حدثنا عن روعة اللقاء بالأبرار ,, رحمك الله يا أبا حفص وأسكنك الفردوس أنت وعائلتك .


 الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد
 الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد
 الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد
 الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد
 الشهيد عزت ضهير: مجاهد طائع زاهد وفارس إعلامي فريد