خبر أعطوا اليمين ليحكم -هآرتس

الساعة 10:15 ص|24 ديسمبر 2014

أعطوا اليمين ليحكم -هآرتس

بقلم: أوري بار يوسف

(المضمون: انضمام معسكر الوسط الى ائتلاف اليمين سيمنع أي تقدم باتجاه تطبيق الحلم الصهيوني العاقل - المصدر).

 

المقولة "كلما كان اسوأ كلما كان أفضل" تُنسب لليمين الذي فهم أنه كلما ازداد وضع البروليتاريا سوءً كلما زادت فرص اندلاع الثورة التي ستحسن من وضعه. لهذا التفكير الاستراتيجي الذي يعتبر الكارثة فرصة لتحسين الوضع يوجد تعبير في كتبنا: "كلما عذبونا كلما ازددنا وانطلقنا".

 

على خلفية الاستطلاعات المختلفة، يبدو أنه من الجدير تبني هذه الطريقة في التفكير، من اجل بلورة استراتيجية سياسية واقعية للسنوات القادمة. تفكير كهذا ينطلق من الفرضية أن الانتخابات القريبة لا تنبيء ببشائر جيدة لمعسكر السلام. حسب جميع الاستطلاعات فان فرص معسكر الوسط – يسار لاقامة الحكومة ضعيفة. حتى واذا حدثت معجزة انتخابية كهذه فمن الصعب أن نتصور أن هرتسوغ أو يئير لبيد ينجحان في تقديم حل سياسي حقيقي، حيث يقف أمامهما معسكر يميني قوي ومصمم. شباب اليسار يعرفون وضع لايكات من اجل حيوانات أو جودة البيئة، لكن السياسة لا تهمهم كثيرا. أما اليمين فهو قادر على اخراج الآلاف الى الشوارع، ومع كل الاحترام للتصميم، للخبرة والسلطة التي يظهرها هرتسوغ ولبيد فانه من المشكوك فيه أن يصمدا في وجه ضغط مئات آلاف المتظاهرين من اليمين الذين تخرج النار من عيونهم وترتفع لافتات التهديد في أيديهم.

 

يمكن اذا افتراض سيناريوهين محتملين بعد الانتخابات: اقامة حكومة يمين – وسط فيها لبيد و/ أو هرتسوغ مثل ورقة التين لغياب العملية السياسية واستمرار دعم المستوطنات، أو صعود حكومة يمين تحاول تطبيق البرنامج السياسي الذي تؤيده.

 

في الحالة الاولى وبسبب الخوف من تدهور مكانة اسرائيل الدولية واستمرار المس بالديمقراطية، ويكون بينيت وزير الدفاع واييلت شكيد وزيرة العدل، فان المسؤولية ستدفع احزاب الوسط للمشاركة في الائتلاف مع اليمين. ولكن شبكة الامان هذه التي سيقدمونها للديمقراطية الاسرائيلية ولصورة اسرائيل الدولية ستخلد الوضع القائم، وستمنع أي تقدم لتطبيق الحلم الصهيوني الطبيعي، الذي يحمل الحل المقبول على معظم سكان الدولة – دولتين لشعبين.

 

من اجل دفع عملية كهذه يجب اعطاء اليمين أن يسيطر وحده لفترة معينة ويطبق ما يبشر به. ويمكن كما يدعي رجاله أن يكون كل شيء جيدا. أن يُسلم الفلسطينيون والعالم بالاحتلال ويقبلونه بابتسامة. ولكن اذا كان للتاريخ قانونه ومنطقه – فان هذا لن يحدث. ولا حاجة الى جنوب افريقيا في الثمانينيات أو الى روسيا بوتين اليوم من اجل اثبات ذلك. إن أية نظرة للصراع الاسرائيلي العربي تشير الى أن اسرائيل لن تغير مواقفها إلا اذا اكتشفت ثمن استمرار الصراع.

 

حرب الاستنزاف وصور الجنود القتلى في الصحف هي التي دفعت غولدا مئير الى الموافقة على اتفاق وقف اطلاق النار في آب 1970، وفي هذا الاطار ايضا الدخول الى مفاوضات سياسية كانت رفضتها في عام 1969 بذريعة أنها كارثية لاسرائيل. وحتى حرب الغفران كان واضحا للقيادة الاسرائيلية أن شرم الشيخ أفضل بدون سلام من سلام بدون شرم الشيخ. وقد أحضرت الحرب في أعقابها الحاجة الى دفع ثمن السلام – أي التنازل عن سيناء حتى الشبر الاخير.

 

قبل الانتفاضة الاولى كان واضحا أنه لا يمكن الحديث مع منظمة القتلة المسماة م.ت.ف. وأثبتت الانتفاضة أنه لا يمكن وجود احتلال متواصل بدون اندلاع العنف، وهذه الحقيقة أدت الى الحوار. وقبل الانتفاضة الثانية ظنت اغلبية الجمهور أن اقتراحات اهود باراك في كامب ديفيد لاقامة دولة فلسطينية على 90 بالمئة من اراضي الضفة مبالغ فيها. وبعد الانتفاضة تبين أنه بدون دولة فلسطينية في حدود 1967 مع تبادل الاراضي فلن يكون هناك حل للصراع. وكانت تكفي بضع عمليات دموية لسكان القدس الشرقية في الاشهر الاخيرة من اجل أن تطرح فكرة تقسيم المدينة من جديد بعد أن تم توحيدها.

 

اقامة حكومة تستند الى ائتلاف بنيامين نتنياهو وبينيت ستلزم اليمين الاسرائيلي الاختيار بين شعارات قد يكون ثمن تطبيقها باهظا، والجمهور الاسرائيلي غير مستعد لدفعه، وبين تقبل أعراف وقيم دولية للعالم الذي لم يعد يحتمل الاحتلال الاسرائيلي. قد يكون الثمن – اضافة الى انتفاضة شعبية في الضفة – ازمة اقتصادية نتيجة لالغاء اتفاق التعاون مع الاتحاد الاوروبي مثلا، عقوبات وعزلة دولية بعد رفع الفيتو الامريكي في مجلس الامن، والأخطر من ذلك بالنسبة لبعضنا هو المقاطعة الرياضية التي قد تمنع مشاركة الفرق الاسرائيلية في أحداث رياضية دولية.

 

يمكن الافتراض أنه تحت ضغط كهذا، فان اليمين يثبت مرة اخرى أنه قادر على تقديم تنازلات مؤلمة، وعندها مثل حصل في عملية السلام مع مصر، أو الانفصال عن قطاع غزة، فان اليمين سيحظى بغطاء جماهيري واسع الامر الذي يُحيد المحتجين من اليمين. إن احتمالية أن يقوم

 

اليمين برئاسة نتنياهو وبينيت بتقديم تنازلات مؤلمة بدون ضغط دولي هي صفر. واحتمالية أن يتحول الضغط الدولي الى ضغط كبير اذا كان هرتسوغ أو تسيبي لفني وزراءً للخارجية ليست كبيرة. لذلك يجب اعطاء اليمين الفرصة لأن يحكم. لأنه فقط اذا كان الوضع سيئا فستكون الفرصة أكبر لانقاذ الحلم الصهيوني العاقل.