رغم قلة الإمكانيات..

خبر 'الإعلام المقاوم' أثبت جدارته و'الحكومي الرسمي' فـاشل

الساعة 11:05 ص|23 ديسمبر 2014

غزة

 استطاعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والأزمات التي عانت منها إلى جانب الضفة المحتلة ان تبين للعامة والمواطنين قبل الخبراء والمختصين قوة "الإعلام المقاوم" في التصدي للروايات الإسرائيلية وزيفها، ومعالجة الأزمات والعمل على حلها، كما أنها بينت ضعف "الإعلام الرسمي" لحكومة التوافق الوطني خاصة في رام الله، بل ومشاركتها في أحيان كثيرة عبر الصمت الإعلامي المُسَيس، في تفحلِ أزمات المواطنين.

 فعلى الرغم من الميزانيات الضخمة والكوادر المتكدسة التي يتمتع بها جاهز الإعلام الرسمي مقارنة بالإعلام المقاوم الذي يمتلك أرقام متواضعة والملاحق "إسرائيلياَ"؛ إلا أن الأخير أثبت وجوده مقابل الإعلام الرسمي، الذي همشَ قضايا المواطنين ومعاناتهم في الضفة وغزة، وإن كانت للأخيرة نصيب الأسد من التهميش.

 ففي غضون الحرب الإسرائيلية على غزة لم يلمس المواطنون أي خطاب إعلامي أو ردود فعل تُعبِر عن الموقف الرسمي المندد للعدوان الشرس على غزة، على الرغم من بشاعة المجازر التي اقترفت في حق المدنيين، كما أشتكى الصحفيون من قلة تعاطي ورد الإعلام الحكومي وناطقيه معه في أتون معمعة الحرب وحاجة الصحفي الفلسطيني لصوت رسمي آنذاك وفي ازمات عدة.

 إعلاميون فلسطينيون أنتقدوا الطريقة التي يتعامل معها الإعلام الحكومي في رام الله مع قطاع غزة وصحفيه، وتهميشه لقضايا المواطنين، ووجود هوة بين الصحفي الفلسطيني والإعلام الرسمي الحكومي، معتبرين ذلك ثغرة تعزز حالة الجمود في العلاقات الفلسطينية الداخلية على حساب الوحدة الفلسطينية.

 وأكد الإعلاميون أن ضعف الإعلام الرسمي في حكومة التوافق في ظل قوة الإعلام الرسمي الإسرائيلي الرسمي وشبه الرسمي الموجه للرأي العام العالمي، يضُرُ بالقضية الفلسطينية، ويخدم الأهداف الصهيونية العالمية، التي تستخدم الإعلام الرسمي في إقناع العالم بأهدافها.

 

غياب الرسمي وقوة المقاوم

صالح المصري رئيس تحرير وكالة "فلسطين اليوم" الاخبارية أكد ان إعلام المقاومة تفوق على الإعلام الحكومي، مؤكداً ان الأخير كان غائباً عن القضايا الكُبرى ومنشغلا بقضايا هامشية وغير حاضر للدفاع عن القضايا الرئيسية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.

 وبين المصري أن إعلام المقاومة تفوق بامتياز خلال العام 2014 من خلال حضوره الدائم وتطور أساليب خطابه الإعلامية ولاحظنا أن الرسالة الإعلامية للمقاومة كانت حاضرة في كل المحطات السياسية سواء قبل الحرب أو أثنائها أو بعدها، موضحاً انه في لحظة من اللحظات أصبح إعلام المقاومة مصدرا للإعلام الإسرائيلي الذي يخضع للرقابة العسكرية المشددة ويسير في فلك المؤسسة الامنية الإسرائيلية .

 في المقابل يشير رئيس تحرير وكالة فلسطين اليوم الإخبارية ان الإعلام الحكومي حصر نفسه في قضايا هامشية ولم يتابع قضايا الوطن خاصة بعد تولي حكومة التوافق مؤكدا ان الإعلام الحكومي تراجع بشكل كبير في ظل غياب الرواية الرسمية الفلسطينية عن المشهد .

 واكد ان غزة غابت عن المشهد الحكومي واصبح الإعلام يتعلق بجلسات الحكومة فقط دون ان يكون توضيح لكثير من المواقف التي تحتاجها القضية الفلسطينية على عكس إعلام العدو الذي يجند كل طاقته من أجل تزوير الحقائق والرد على كل ما يتعلق بالشأن الفلسطينية .

 ودعا المصري الحكومة الفلسطينية بتوفير ناطقين باسم الحكومة يكونوا على قدر المسؤولية ولا يكونوا أداة للانقسام من خلال تجزئة الوطن والدفاع عن جزء منها فقط .

 

المقاوم رسالي والرسمي وظيفي

الإعلامي مدير مكتب قناة القدس في غزة عماد الإفرنجي يقول :"ان الإعلام الفلسطيني المقاوم رغم قلة الإمكانيات المادية واللوجستية بفعل الاستهداف الصهيوني المتواصل أثبت جدارته مقارنة بالإعلام الرسمي الحكومي في رام الله والذي يتبع حكومة التوافق الوطني".

 وأضاف:"المفاضلة بين الإعلام المقاوم والحكومي تكمن في المبدأ والهدف، الإعلام الحكومي يؤدي دوري وظيفي مطلوب منه، ومجرد أداة من أدوات السلطة الحاكمة ومتحدث بلسانها، لكن الإعلام المقاوم صاحب دور رسالي سامي تحرري يتحدث بضمير الموطن الفلسطيني".

 وأكد ان الإعلام المقاوم استطاع أن يكون حجر زاويا في المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث مثَل في المعركة الأخيرة لسان للعمل العسكري على الأرض، واستطاع مواجهة زيف الدعاية الصهيونية، ورفع الروح المعنوية لدى المواطن والمقاتل الفلسطيني، ولفت أنظار العالم على الجريمة الصهيونية الظاهرة والمبطنة".

 وأوضح ان الإعلام المقاوم كان له دور فعال وإيجابي في جميع القضايا الفلسطينية التي تطرح في الشارع الفلسطيني، وكان له دور كبير في تحقيق الإنجاز الكبير في الساحة الفلسطينية خلال المعركة الأخيرة.

 وبين ان الإعلام الحكومي "إعلام روتيني" يفتقر لفكرة الإبداعية، وظيفته أداة لتسويق سياسيات معينة تطلب منه، مشدداً أن "الذي كان ينتظره المواطن في غزة هو مساندة الإعلام الحكومي في رام الله له في حربه مع العدو الإسرائيلي"، موضحاً أن الإعلام الحكومي "حكومة التوافق" ركزَ على قضايا هامشية أضرت بالمصلحة الفلسطينية وقتئذ.

 وشدد ان المطلوب من الإعلام الحكومي الانحياز إلى هموم الشارع الفلسطيني، وضرورة بلورة رؤية وطنية إعلامية إستراتيجية جامعة يتفق عليها الكل الفلسطيني، موضحاً أنه في حال وجدت الرؤية الإعلامية فمن السهل صناعة برنامج هادف، وصورة ملتزمة، ومقال مؤثر.

 ودعا الناطقين باسم حكومة التوافق برام الله والوزراء والمسؤولين إلى ضرورة التعاون مع الصحفي في غزة، والاهتمام بالرد عليه، لأنه نافذتهم للعالم، وعدم إحداث قطيعة بينهم وبينه، مشيراً أن الضرر الأكبر يقع على كاهل المسؤول.

 

مرتبط بسياسات محددة

فريد أبو ضهير أستاذ الإعلام الفلسطيني بجامعة النجاح اتفق مع سابقيه المصري والإفرنجي في أن الإعلام الرسمي الحكومي كان مقصر في القضايا التي تتعلق بالمواطنين في قطاع غزة والضفة الغربية، وينظر الى القضايا العالقة من منظور فئوي ناتج عن سياسات رسمت له مسبقاً.

 وقال أبو ضهير:"إعلام حكومة التوافق مُقصِر والسبب في ذلك يرجع إلى انه مقيد بسياسات عدة مرتبطة مع السلطة الفلسطينية المرتبطة بسياسات خاصة مع الاحتلال الإسرائيلي وبعض الجهات الإقليمية، فلا يستطيع مناهضة الاحتلال على طريقة إعلام المقاومة".

 وأضاف :"إعلام الحكومة تحكمه اعتبارات عدة، وإعلام المقاومة تحكمه مصلحة وطن، تقصير الإعلام الحكومي في حق غزة ناتج عن العقلية التي تحكم المؤسسة الإعلامية والتي لها دور سياسي وظيفي محدد".

 وأوضح أن الإعلام المقاوم جزء من الحركات المقاومة، ويتفاعل مع الأحداث من منظور مبادئ الحركات والتي في أغلبها سامية، وتتفاعل مع نبض المواطن الفلسطيني دون تمييز يذكر لمنطقة عن أخرى ولخبر دون آخر، كما أن إعلام المقاومة ليس لديه خيار غير الاصطفاف إلى جانب هموم المواطن الفلسطيني.

 وأكد ان ابرز الثغرات التي يعاني منها الإعلام الرسمي في رام الله هو التواصل مع الإعلاميين في غزة، مشيراً ان إهمال قطاع غزة يؤثر على الوحدة، ويخلق حالة من الجمود بين غزة والضفة والفصائل الفلسطينية، لافتاً أن غزة جزء أصيل من الوطن الفلسطيني وعلى المؤسسة الإعلامية الحكومية الاهتمام بها وعدم إهمالها.

 وفي رؤيته لحل معضلة ضعف الإعلام الحكومي، بين ان سبل الحل متعثرة وأنها بحاجة إلى حل سياسي يقوم على رؤية وطنية إستراتجية جامعة، ونشر الحريات في وسائل الإعلام، والابتعاد على النظام السلطوي، الذي يزعزع معاني الحرية في وسائل الإعلام الحكومية.