خبر مقاربة تركية وتعهدات قطرية لتطبيع العلاقات مع مصر

الساعة 07:15 ص|23 ديسمبر 2014

وكالات

اختارت تركيا توقيتا ذا أهمية لتلمح إلى ضرورة تطبيع علاقاتها مع مصر، ما اعتبر استدراكا لأنقرة على متغير علاقة الحليف القطري مع القاهرة، التي بدت وكأنما تفرض شروطها "لعودة المياه إلى مجاريها" بدعم وإسناد سعودي سيكون ضامنا في آن لتنفيذ جميع الوعود التي قطعتها الدوحة لإتمام المصالحة مع مصر.

ومع تسارع ملف المصالحة المصرية القطرية، التي ستكلل بلقاء قمة يجمع بعد غد الخميس الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الرياض مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، "إذا استمرت الدوحة في الالتزام بتعهداتها بشكل كامل"، سارعت تركيا إلى التصريح بلسان نائب رئيس الوزراء، بولند أرينج، عن "ضرورة إزالة التوتر القائم مع مصر".

أرينج الذي تحدث للجزيرة التركية كان مواربا في تصريحه حين اعتبر أنه: "قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولا"، ليخلص الى النتيجة بقوله "لكن علينا تحقيق ذلك".

الخطاب التركي بدا مغايرا لنبرته السابقة حيال مصر، اذ أفاد أرينج أن أنقرة شعرت ببرود في العلاقات بين قادة بعض البلدان (الخليجية) والحكومة التركية "بسبب بعض القضايا في الآونة الأخيرة منها الأحداث في سورية ومصر، وفلسطين وغزة، أو فيما يتعلق بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مضيفًا: "هذا وضع غير عادي، ويجب إزالته حتمًا".

المنحى التصالحي لخطاب المسؤول التركي ذهب الى حد اعتبار أن رد فعل انقرة إزاء عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي "قد يكون مختلفًا من الناحية الديمقراطية". وبدا لافتا كذلك ما قاله ارينج ، بأن مصر شهدت مرحلة انتقالية عقب ذلك، وأن بلاده تعتبرها "غير صحية"، اذ يحجم ارينج هنا عن وصف ما جرى في القاهرة بصفته انقلابا، وهو ما ينسحب على تغير خطاب قطر عبر شبكة الجزيرة التي اعلنت أمس وقف بث "الجزيرة مباشر مصر" التي كانت رأس حربة الدعاية ضد حكم الرئيس المصري.

 واعتبر محللون أن أرينج تحدث "بحميمية عالية" عن العلاقة مع دول الخليج العربي، خصوصا بعد فتور شهدته أكد أنه "سيزول وستتغير العلاقات بسرعة، لانها علاقات عريقة وعميقة وتاريخية، ومن غير الممكن أبدًا أن نكون بعيدين عن بعضنا، وأن نتصرف ببرود إزاء بعضنا البعض".

وأضاف أرينج "أن هناك وضعا قائما، والعالم بأسره تقبله، فالسيسي اليوم يمكنه زيارة أميركا والبلدان الغربية، وفي هذا الخصوص، علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة، قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك".

إلحاح تركيا على بعث الدفء في اوصال علاقاتها مع مصر ودول الخليج العربي، عبر عنه المسؤول التركي بقوله " تركيا بحاجة، على صعيد السياسة الخارجية، إلى علاقات صداقة طيبة تستند إلى التفاهم المتبادل، على الأخص مع مصر ودول الخليج والكويت وجميع البلدان في الشرق الأوسط".

وحول موقف تركيا من حركة الإخوان المسلمين، أكد أرينج على ضرورة وضع التنظيمات غير الإرهابية، التي لا تنتهج العنف والسلاح من جهة تأسيسها وهيكلها وأهدافها، خارج إطار التنظيمات الإرهابية، موضحًا أنه، حسب ما يعرفه فإن قياديي جماعة الإخوان المسلمين لم يفضلوا اللجوء للعنف لا في أربعينيات ولا خمسينيات ولا ستينيات القرن الماضي. واستطرد قائلًا: "لكن فيما بعد إذا كان هناك من قام بعمل إرهابي وفضل العمل المسلح وإذا كان هناك من شارك بعمليات قتل، على أنه من الإخوان، فإننا ننظر لهؤلاء كما يُنظر إلى التنظيمات الإرهابية".

واعتبر أن "حركة الإخوان المسلمين الأم تنظيمًا وحركة ومجموعة سياسية تلتزم، في إطار الديمقراطية، بحقوق الإنسان، وتعطي الأولوية لصناديق الاقتراع، وتحاول تمثيل الشعب بالقدر الذي يدعمها به".

واستطرد قائلًا: "لكن فيما بعد إذا كان هناك من قام بعمل إرهابي وفضل العمل المسلح وإذا كان هناك من شارك بعمليات قتل، على أنه من الإخوان، فإننا ننظر لهؤلاء كما يُنظر إلى التنظيمات الإرهابية".

أمّا على صعيد ملف المصالحة المصرية القطرية، فقد كشفت مصادر مصرية مطلعة أنّ اللواء عباس كامل، وهو مدير مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي، التقى الأسبوع الماضي في الرياض مسؤولين قطريين لاستكمال المصالحة التي ترجمت عملياً بتخفيف في لغة التصعيد من قناة "الجزيرة"، إضافة إلى التوقف القطري عن التدخل في الشأن المصري الداخلي، أكان بدعم قيادات الإخوان الموجودين على أراضيها أم بتوفير الأموال لهم، كما جرى الحديث عن ضرورة أن يكون الموقف القطري مشابهاً لباقي مواقف دول الخليج تجاه مصر.

وخلال اللقاء إيّاه، قالت المصادر أنه جرت المطالبة المصرية بتسريع التغيير في لغة الخطاب الإعلامي تجاه القاهرة، وخصوصا من "الجزيرة الدولية" التي اتهمتها القاهرة بالمسؤولية عن تشويه صورة مصر وتنفير السياح من زيارتها، ما زاد في تدهور الاقتصاد المحلي.

وأوضحت المصادر أن الحوار المصري القطري تناول الجوانب الاقتصادية، مركز على "التفاوض الودّي" لحل المشكلات العالقة بين الجانبين، على صعيد الشركات أو الوزارات، من دون اللجوء إلى التحكيم الدولي.

لكن الطرفين لم يتطرقا إلى مبلغ نصف مليار دولار للبنك المركزي القطري تبقّى من أصل 2.5 مليار دولار هو أصل الوديعة القطرية في زمن الرئيس المعزول محمد مرسي، على أن يكون سداد المبلغ الباقي في شباط المقبل، بعدما تسلمت الدوحة المليارين في الشهر الماضي.

وقالت المصادر إنه جرى الاتفاق على أن تكون العلاقات القطرية ـ التركية بعيدة عن الجانب المصري، "إذ على الدوحة الاهتمام بمصالحها فقط، لكن بشرط أن تساند قطر أي موقف مصري في المحافل الدولية بعيداً عن السياسة التركية المعادية للرئيس عبدالفتاح السيسي".

ومن النقاط التي بقيت عالقة في الحوار المصري القطري "طرد باقي قيادات الإخوان من قطر وتطبيق قانون تبادل المجرمين والمطلوبين للقضاء، وهي النقطة التي يستمر التفاوض فيها.

المساعد السابق لوزير الخارجية المصري للشؤون العربية هاني خلاف، اعتبر ان "ما تم إنجازه على صعيد التقارب المصري – القطري بداية المصالحة وليس مصالحة كاملة"، لافتاً إلى أن مصر سبق وأن أكدت أن الكرة في ملعب قطر وهي أيضاً لا تزال كذلك، إذ تنتظر القاهرة إبداء حسن النوايا من الحكومة القطرية.

وأضاف أن مصر ترحب بالاتفاق ولكنه مجرد تدفئة وبداية لحل المشكلة، لافتاً إلى أن هناك ترتيبات تفصيلية سيقوم بها البلدان خلال الفترة المقبلة من خلال تبادل الزيارات للقانونيين والأمنيين وكذلك مسؤولين في الاقتصاد.