خبر مع أي ضد أنت- هآرتس

الساعة 08:52 ص|20 ديسمبر 2014

مع أي ضد أنت- هآرتس

بقلم: أبراهام بورغ

رئيس الكنيست الاسبق

 (المضمون: هذه الحملة الانتخابية تسودها نزعة السلبية. كل شخص يعرف هو ضد من ولكنه لا يعرف من هو وماذا يريد - المصدر).

لا توجد انتخابات بلا مشاعر، دم فاسد، تشهيرات، تحالفات ومصالحات غريبة. هذه طبيعة هذا الكائن السياسي. في الانتخابات بصفتها هذه توجد الكثير من التفاصيل، الدقائق، الثرثرات والشائعات، ولكن كل شيء يدخل في نهاية المطاف في اطار محدد. لكل حملة انتخابية توجد ميزة تصمم عمليا كل مضامينها؛ السلام أم الامن، المناطق، التسوية السياسية، السياسة الحزبية، الاقتصاد أم السياسة الجديدة. ما هو إذن الاطار الذي يرتسم لهذه الانتخابات الغريبة التي اعلنت هنا فجأة؟

 

          سطحيا يوجد هنا صراع جبابرة حول تعريف الصراع – شخصي أم جوهري، سياسي أم اجتماعي، اقتصادي أم قومي. وفي هذه الاثناء، وحسب التعليلات الشخصية للخطاب السياسي فان هذه انتخابات حول طبيعة المرشحين. كثيرون في الساحات السياسية والعامة يعانون من متلازمة "تعب نتنياهو"، آخرون يسخرون من عدم خبرة يئير لبيد او من تحالف "الرقيقين" هرتسوغ – لفني. ولما كنا اعتدنا في كثير من مجالات حياتنا على واقع يكثر فيه العارفون الا انه من الطبيعي ان تصبح السياسة ايضا صراع طين يخوضه المشهورون،

 

          ولعل هذا صراع ايديولوجي؟ ولكن بين من ومن؟ كتلة اليمين ضد كتلة اليسار؟ إذن اين مكان افيغدور ليبرمان؟ واذا لم يكن هنا بعد اليوم يسار ويمين حقيقيين إذن الى أي علبة سندخل النائب الكفؤ والباعث على التحدث موشيه فايغلين؟ اليميني المتشدد، المحرر الاسرائيلي الاكبر؟ ذاك الذي يريد في نفس الوقت والمنطق الشرعية لمخدر الكمبيس والهيكل؟ وكم من رجال ميرتس ممن ايدو – على طريقتهم – في بعض الحروب الاخيرة في غزة؟ ومرة اخرى ليبرمان الذي يريد حل وسط اقليمي، ولكن حسب خطوط اخرى – فلاين ينتمي كل هؤلاء؟ ولعله يدور الحديث عن صراع حقيقي في علاقة الدين والدولة؟ إذن ماذا يفعل كل معتمري القبعات الدينية اولئك في الحركة، في الليكود وفي يوجد مستقبل؟ من في واقع الامر يمثل ماذا، وما هي مكانة العلمانية اياها من البيت اليهودي او حفيد الحاخام الرئيس السابق الذي يترأس حزب العمل؟ ومن انت ايلي يشاي، الاصولي الاشكنازي – الشرقي الذي يغازل اوري اريئيل الاصولي – القومي؟

 

          يبدو أنه مثلما تنهار حدود الدول الواحدة تلو الاخرى في الشرق الاوسط المتجدد هكذا تسقط ايضا الاسوار والحواجز بين الحركات التاريخية والاحزاب الجذرية في اسرائيل. فالقارات السياسية تتحرك وكتل جديدة تنشأ في العالم. وعليه، فما هو مع ذلك الاطار الرئيس لهذه الانتخابات؟ لاسفي ليس عندي جواب ايجابي، كون الرفض بحد ذاته هو الاطار. هذه الانتخابات، التي أمسكت بالجميع غير مستعدين، كشفت الحقيقة العارية: صورة المضامين الاسرائيلية بائسة جدا. ليس لاسرائيل مركز ثقل، جاذبية، جوهر ومضمون. الاسرائيلية تفككت الى عدة عناصر اساسية دون قاسم مشترك يربط اجمالي كل اجزائها. كل واحد من الحطام يدعي انه الممثل المخلص للكمال وآخرون هم ببساطة "لا". ومن هنا دوافع نزع الشرعية للاخر، الاقصاء، التماثل على طريق الرفض واحساس التفكك العام الذي لم يكن موجودا ابدا مثلما هو موجود هذه الايام.

 

          هذه الانتخابات هي اذن على "الهوية الاسرائيلية السلبية". القائم المشترك لكل المحادثات السياسية هو "لا". ليس مهما من هو مرشح "نا" او ما هو موقفنا. اهم بكثير من ليس هو المرشح. وما نحن لا نفكر فيه. والنماذج لا تنقصنا: من اليمين ومن اليسار تتبلور حركة "فقط ليس بيبي". ومن الجهة الاخرى، نتنياهو، الليكود وآخرون يتحمسون للقول: "ليكود كبير ضد كل اليسار". لا توجد ذرة اهمية لما يمثلون. المهم أنهم ضد "اليسار". وبينهم – لبيد قدس منذ زمن بعيد السلبية وقسم لا بأس به من وجوده يعتمد على "فقط ليس الاصوليين". ومؤخرا انضم الى معسكر النفي الاسرائيلي ايضا هرتسوغ ولفني. شعار الانتخابات "المعسكر الصهيوني" هو الذي أطرهما. وهذه هي خلاصة نظرية السلب الطبيعية لديهما. فليس هناك تفسير آخر لـ "المعسكر الصهيوني" غير "لا للعرب".

 

وبمفاهيم كثيرة جدا اختفى تماما التعريف الايجابي للاسرائيلي لذاته او حتى ربما الاسرائيلية بأسرها. فنحن نتحرك بالتعريفات السلبية وفي الخلفية يصدح قول جان بول سارتر: "اليهودي هو كل شخص يرى فيه اللاسامي يهوديا". وبالتعبير الاسرائيلي: "الهوية الاسرائيلية خاصتي هي كل ما ليس الاخر هو". لا غرو إذن ان الاسرائيلي الذي يُسأل عن هويته يجيب في الغالب: "انا لست... لا ديني، لا اصولي، لا يسروي، لا عربي، لا متطرف، لا اشكنازي، لا ...".

 

في 17 اذار سيتعين على كل اسرائيلي ان يحسم مع أي ضد هو.