بالصور الشهيد المجاهد عز الدين بلبل: حافظ كتاب الرحمن وكروان سلاح الإشارة

الساعة 12:13 م|16 ديسمبر 2014

الاعلام الحربي

ليس غريبا أن يترجل الفرسان، ليس غريباً أن يمتزج تراب الأرض بطهر دمهم الزكي ، ليس غريبا أن يختلط حولهم عبق الأزهار مع المسك المنبعث من جروحهم، فهم من تقدموا الصفوف في كل الميادين ، وجعلوا لهم موطئ قدم في كل ساحة ونزال ، هؤلاء هم الجنود الميامين، أبناء السرايا المظفرين..

أمام سيل الدم النازف من عروق الطاهرين، استوقفتنا سيرة عطرة من عبق المحمديين العاشقين، سيرة يملؤها الحب والعمل لبطل عزّ عليه أن يرى وطنه مكبلاً بالأصفاد والأغلال، فطاف الأرض حتى يكون في جمع المحررين .. إنه الشهيد الهمام عز الدين نعيم بلبل بطل من أبطال سرايا القدس وفارس من فرسان سلاح الإشارة ..

ميــلاد القمر

أشرقت نور شمس شهيدنا المجاهد عز الدين نعيم بلبل  في25يناير/كانون الثاني من عام 1987م بمدينة رفح التي عشقها وأحبها وأحبه كل من فيها، ولكن هذا العشق لم ينسه بلدته الأصلية يافا  التي هاجر منها أجداده، تعلم عز الدين بين أزقة مدينة رفح الفقيرة دروس الأمل وعدم اليأس، والرجولة وحب الجهاد في سبيل الله.

تربى شهيدنا المجاهد عز الدين بلبل في أسرة ملتزمة ومحافظة، تشرّب منها حب المساجد والارتياد عليها، فكان منذ الصغر مرافقاً لأبيه إلى المسجد، الأمر الذي زرع في قلبه الخير والطاعة والحب والاحترام حتى أكرمه الله تعالى بحفظ القرآن الكريم كاملاً.

ودرس شهيدنا المغوار  في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وكان جيداً في تحصيله العلمي خصوصاً في المرحلة الإعدادية، حيث بدأ نشاطه الفعلي في تلك المرحلة والتي تميزت بالظهور والنشاط ومن ثم أكمل الثانوية في مدرسة بئر السبع وحصوله على معدل جيد أهله لإتمام دراسته الجامعية في تخصص الدراسات الإسلامية بتقدير امتياز، وتمتع شهيدنا بصفات الرجل المتدين الغيور على دينه، الخلوق المهذب بين أهله وجيرانه.

علاقة شهيدنا بوالديه

كانت علاقة شهيدنا المغوار بوالديه علاقة شباب الإسلام وشباب القران بأهلهم ، فكان رءوفاً رحيماً عليهما مطيعاً لهم لأبعد الحدود، وكان دائماً يطلب الدعاء من والدته حتى يوفقه الله في عمله وجهاده، وعرف عنه المحافظة على صلة رحمه ولم يتأخر يوماً على خدمتهم .

الأستاذ نعيم بلبل والد الشهيد وفي حديثه للإعلام الحربي، أكد أن رحيل نجله خلف فراغاً كبيراً في قلوب أهله ورفاقه ومحبيه. مشيراً إلى أن عز الدين كان شعلة من النشاط والحيوية، وأمضى معظم أوقاته في الإعداد والجهاد، لدرجة أن عائلته كانت تفتقده أيام متواصلة دون أي تواصل معها نظراً لانشغاله الدائم في مهماته داخل العمل الجهادي.

وأوضح أن عز الدين قد أعطى المقاومة كل شيء، وغمره الفخر بأن يكون جنديًا من جنودها، حمل طوال عمره همين، أولهما : تحرير الأرض من دنس الاحتلال، ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ثانيًا، وسعى لذلك بكل ما أوتي من قوة وعزيمة، إلى أن جاءت لحظة الارتقاء ليلتقي بأحبته من الشهداء والصديقين.

وقال أن ثقته بالله ويقينه عليه أعانه على إجتياز مرحلة صعبة لا يحتمل قسوتها إلا المؤمنون الصادقين الذين يمحصهم الله ويبتليهم بأعز الأعزاء ويصطفيهم شهداء، فكان استشهاد عز الدين بالنسبة له فخر واعتزاز وشموخ واباء.

وأفاد الأستاذ نعيم في حديثه لـ"الاعلام الحربي" ونقلاً عن لسان إحدى قريباته رؤية خير عندما رأت في منامها الشهيد عز الدين بلبل مستشهداً خلال المعركة وقد أحضر للصلاة عليه بامامة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في جمع غفير من الناس، حيث كانت هذه الرؤية بمثابة البشرى التي أثلجت صدور أهل وأصدقاء ومحبين الشهيد.

وفي لفتة إنسانية هامة أفصح عنها الأستاذ نعيم على اعتزام عز الدين رحمه الله عقد قرانه على ابنة عمه والذي كان مقرراً يوم استشهاده بعد صلاة التراويح، إلا أن أمر الله حال بينه وبين ذلك.

التزامه في بيوت الله

كان للشهيد المجاهد عز الدين بلبل الدور الدعوي البارز في مسجد الإسراء، حيث كان شاباً عرف بالتزامه الديني والأخلاقي، وامتاز بإخلاصه في عمله لله عز وجل, ولم يعرف الرياء ولم يسعى إلى إرضاء الناس تقديماً على رضي الله عز وجل .

وحرص عز الدين على قراءة القرآن الكريم حتى أتم حفظه كاملاً، وانطلق من قلب سورة الإسراء كالشعلة المتقدة التي تلهب قلوب الغاصبين دون كلل أو ملل .

درب الجهاد والمقاومة

لم يكن لهذا الالتزام والأخلاق الرفيعة إلا أن تكشف عن شخصية قرآنية، ملتزمة بسنة الحبيب المصطفى، ومجتهدة في الدعوة لمنهج السماء وملتزمة في شريعة القرآن.

وعمل شهيدنا في كافة مجالات العمل الحركي وقام بعقد الكثير من الأنشطة والفعاليات والمسابقات والدوريات والأمسيات والزيارات الأخوية ضمن هذا العمل الحركي.

والتحق عز الدين في صفوف السرايا عام 2004م ليصبح مجاهداً من مجاهدي  قافلة الجهاد في سبيل الله. وكان يلبى نداء الجهاد في كل وقت وبهمة عالية وبروح تواقة للشهادة في سبيل الله عز وجل, مما حذا بإخوانه منحه ثقة عالية إلى أن عمل ضابطاً في وحدة سلاح الإشارة بلواء رفح .

هذه الثقة لم تزد شهيدنا سوى نشاطاً وعملاً للشهادة التي يتمناها بالليل والنهار، فخرج في العديد من المهمات الجهادية, وأبدع في كل الميادين واستحق لقب البطولة.

وفي شهادة أحد أصدقاء الشهيد عز الدين بالعمل الجهادي، أوضح المجاهد أبو محمد بأن الشهيد قد عمل ضابطاً على جهاز إرسال البرقيات العسكرية الموجهة من قيادة السرايا إلى المجاهدين والمرابطين في الميدان، وعمل في مجالات عدة منها الدعوية والإعلام والتدريبات اللاسلكية بشتى أنواعها.

وأضاف:" عز الدين تم تعينه كمسئول لقسم الهندسة والصيانة في وحدة سلاح الإشارة بلواء رفح ، حيث قام بعمل دءوب على تجهيز الأجهزة اللاسلكية وبرمجتها،بالإضافة إلى مشاركته بتنفيذ العديد من المهمات على مستوى قطاع غزة بمساعدة إخوانه في وحدات الإشارة.
وقال:" كان للشهيد عز الدين بلبل دور بارز في تطوير وإنجاح عمل وحدة سلاح الإشارة، خاصة خلال المعارك التي خاضتها سرايا القدس في الأعوام السابقة وصولاً إلى معركة "البنيان المرصوص".

وبين أبو محمد أن الشهيد رحمه الله حرص على مواصلة عمله بالليل والنهار رغم صعوبة الظرف الأمني، لتوفير اتصال آمن عبر الموجات اللاسلكية لإخوانه المجاهدين أثناء معركة "البنيان المرصوص" وعلاوة على ما سبق فقد تم إدراجه على قوائم الاستهدافات الصهيونية، ليرتقي شهيداً بعدها أثناء تأديته لإحدى المهام الموكلة إليه في المنطقة الشمالية لمدينة رفح إثر استهدافه يوم السبت الموافق 12/7/2014، بصاروخين من قبل طائرات الاستطلاع الغادرة بعد أن أصيب إصابة بالغة أدت لاستشهاده بعد ساعات.

رحيل القمر

لم يكن لهذه الحياة المثقلة بالعمل الدعوي والجهادي إلا أن تنتهي بشهادة زكية تشفع لصاحبها وتدخله الجنان من أوسع أبوابها بإذن الله ورحمته.

رحل عز الدين ليفتح صفحة جديدة من صفحات العز المشرقة التي خطتها دمائه الطاهرة لترسم بقدسيتها آيات الانتصار الإلهي الموعود على البغاة المجرمين.

رحمك الله يا أبا فراس وأسكنك فسيح جناته وإننا على العهد باقون، وستظل سيرتك العطرة تهب بنسمات المسك الندية لتحفر المحبة في القلب ولا ينمحي إلى الأبد.



الشهيد المجاهد عز الدين بلبل

الشهيد المجاهد عز الدين بلبل

الشهيد المجاهد عز الدين بلبل