خبر باحث تركي: أردوغان دعا الإخوان إلى « حل الجماعة » في بداية الربيع العربي

الساعة 06:42 ص|15 ديسمبر 2014

وكالات

كشف باحث تركي، مقرب من حزب العدالة والتنمية، أنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان قد دعا قادة الإخوان المسلمين في مصر إلى "حل الجماعة"، غداة نجاح ثورة 25 يناير في مصر، حينما كان هو رئيساً للوزراء.
وأضاف د.محمد زاهد غول، المتخصص في السياسات التركية والحركات الإسلامية، أنّ هنالك تسطيحاً وسذاجة من قبل المحللين والمراقبين في منطقة الشرق الأوسط في قراءة الموقف التركي وربطه بالإسلام السياسي، فحزب العدالة والتنمية الحاكم يؤمن، حقاً، بالدولة العلمانية، ويتجاوز مقولات الإسلام السياسي التقليدية في المنطقة، وعندما طلب أردوغان من الإخوان حلّ التنظيم، للتأكيد على أخذ "النظام العلماني الديمقراطي بكامل أجزائه وفلسفته، وعدم الوقوع في الازدواجية التي أرهقت الحركة الإسلامية في تركيا، قبل أن يقرر حزب العدالة والتنمية أن يقطع مع تلك المرحلة ويتحول إلى حزب علماني محافظ، متجاوزاً أطر الإسلام السياسي بصورة كاملة".
 ولفت الباحث التركي في محاضرته "تركيا والمعضلة السورية"، في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية يوم الأربعاء الماضي، إلى أنّ أردوغان شدّد في حواره مع قيادات الإخوان على ضرورة الالتزام بما أسماها "شروط الميدان"، والعمل ضمن قواعد اللعبة، وهذا يعني التمسك بمبادئ الديمقراطية، وعدم الإغراق في محاولة بناء معادلة للتوفيق بينها وبين الإسلام، كالقول بأنّ المطلوب إنتاج نظام ديمقراطي- إسلامي، فالمطلوب، وفقاً لغول، هو نظام ديمقراطي مكتمل، وهو ما لم تصل إليه بعد الحركات الإسلامية في المشرق العربي عموماً.
 طوّف المحاضر على مختلف المحاور الإقليمية مع تخصيص الجزء الرئيس للشأن السوري، وعن تطوّر مواقف أردوغان وحزب العدالة والتنمية من سورية، إذ أشار إلى أنّ العلاقة امتازت بين حكومة العدالة والتنمية ونظام بشار الأسد بالإيجابية والتنسيق والتطوّر في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، خلال الأعوام السابقة، وعمل الأتراك على إقناع بشار الأسد بالإصلاح السياسي، وكان رهان أردوغان على الأسد، أكثر من المعارضة السورية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين.
 وأشار غول إلى أنّ الرهان التركي لم يتغير خلال الأشهر السبعة الأولى من الاحتجاجات السورية، وبقيت القنوات مفتوحة مع الأسد، وحاول أردوغان إقناعه بإمكانية الإصلاح، عبر هندسة قوانين تضمن استمراره في الحكم، مع انفتاح ديمقراطي يلبي تطلعات الشارع، وحرصت تركيا على منع نشاطات المعارضة السورية، خلال تلك الفترة، إلاّ أن اقتنعت الحكومة التركية بعدم وجود نية حقيقية للتغيير والإصلاح لدى الأسد، وأنّه مصرّ على الحلول الأمنية والعسكرية، فانقطعت المحاولات التركية بعد ذلك.
 واستغرب الباحث التركي محاولات الإعلام العربي والغربي إلحاق تهمة دعم الحركات الإسلامية بالسلاح وفتح الحدود بالحكومة التركية، إذ قال بأنّ "قرار تسليح المعارضة السورية لم يكن قراراً تركياً، بل دولياً وإقليمياً، لإحداث الحدّ الأدنى من توازن القوى في مواجهة النظام السوري في الداخل".
 وكشف بأنّ الحكومة التركية حرصت على ألا تتدخل في تشكيل المعارضة السورية وبنيتها ونشاطاتها، وأحال ذلك إلى وجود "عقدة" من محاولات الأتراك السابقة تشكيل مظلة داعمة للمعارضة السنية في العراق، عبر دعم القائمة العراقية، لم تنجح بسبب تدهور العملية السياسية هناك وانفراد المالكي في الحكم حينها، ثم دفعت تركيا الثمن كاملاً عبر عداء المالكي لها، مع عدم وجود مرجعية عميقة للمعارضة العراقية، وهو ما لم يرد الأتراك تكراره مع الحالة السورية، إذ اكتفوا بالدعم الخارجي للمعارضة مع عدم التدخل في شؤونها، وهو ما اتضح، وفقاً لغول، بأنّه كان قراراً خاطئاً، إذ لو كان هنالك تأثير تركي ربما ساعد ذلك المعارضة السورية بترتيب أوراقها بصورة أفضل.
 أما عن موقف الحكومة التركية من داعش، فأكّد الباحث التركي على أنّ "معركة الحكومة التركية ليست مع داعش، فهذا التنظيم هو نتاج عقم العملية السياسية في العراق والسياسات الطائفية هناك، وإعادة تشكيل النظام السياسي والجيش العراقي على أسس معادية للسنة، فحل مشكلة داعش يتمثل بحل تلك الأزمات السياسية والمجتمعية ومواجهة أسبابها لا التعامل مع المخرجات والنتائج فقط"!
 وأضاف غول بأنّ أغلب مقاتلي داعش اليوم من العراقيين في العراق، وقريباً سيصبح الأمر شبيهاً لذل كفي سورية، فمن دون إزالة أسباب التهميش والقمع والإقصاء، فإنّ القضاء على هذا التنظيم ليس حلًّ مجدياً، فإذا كان هنالك عملية سياسية ناجعة في العراق وسورية فستكون هي السلاح الناجع في مواجهة هذا التنظيم.
 خلص المحاضر إلى أنّ تركيا وإن كانت بنت مقاربتها الصحيحة على دعم التغيير الديمقراطي في المنطقة، وهي عموماً وجهة صحيحة وصحيّة، إلاّ أنّها ارتكبت أخطاءً تكتيكية وجزئية عديدة، هنا وهناك، وتسرّعت في كثير من الأحيان في تبني مقاربات معينة، وهي اليوم في مرحلة الترقب والرصد لما يحدث في المنطقة وتعمل على إعادة "تموضعها" والمفاضلة بين الخيارات والسيناريوهات المطروحة.
 ضمن هذه القراءة، فإنّ تركيا تفضل، وفقاً لغول، بأن تتعامل مع أنظمة عربية مستقرة ذات سيادة، وعدم تغيير الخارطة السياسية في المنطقة، لكن إذا كان التقسيم الجغرافي سيكون أمراً واقعاً في المرحلة المقبلة، ضمن المعطيات الراهنة، فإنّ تركيا ستحدد موقعها ضمن هذه المتغيرات وأولوياتها الأمنية ومصالحها بصورة دقيقة في التعامل مع الكيانات الجديدة والتحالفات المتحولة إقليمياً.