خبر فرسان الجهاد من جديد .. بقلم :رامز الحلبي

الساعة 07:29 م|10 ديسمبر 2014

إذا سكن روح المبادرة والمبادئة في إنسان فإنه يصعب عليه أن يتخلى عنها لأنها تصبح جزءاً أصيلاً منه، وهذا ما لاحظناه في فرسان حركة الجهاد الإسلامي في سجون المحتل، حيث سجل لهم بأنهم أصحاب السبق في كثير من الخطوات النضالية ضد مصلحة السجون التي تحاول دوما الإلتفاف على حقوق الأسرى بسحب ما تم إنجازه من خلال الإضرابات المفتوحة عن الطعام .

 وخطوات السبق لفرسان الجهاد قديمة، فمن الهروب الكبير من سجن غزة المركزي عام 1987 بقيادة الشهيد القرآني مصباح الصوري، إلى إضراب الأخت المجاهدة عطاف عليان عام 1997 إلى قائد ومفجر الإضراب الفردي الشيخ خضر عدنان، واليوم نقف أمام الأسير القائد والمريض بالكلى نهار السعدي أحد أبطال عملية الشهيدة هبة ضراغمة رحمها الله، حيث عزم المجاهد نهار السعدي على نيل حقوقه، فدخل إضراباً مفتوحاً عن الطعام قبل 22 يوم ثم تبعه إخوانه من أسرى الجهاد الإسلامي يوم أمس بحالة من التضامن الرائع، حيث لم ولن يسمحوا لمصلحة السجون أن تستفرد بالأخ المجاهد نهار، فأعلنوها من جديد إضراباً مفتوحاً عن الطعام يتقدمهم أمير الهيئة الحركية العليا لأسرى الجهاد الإسلامي في السجون عمار زيود ، وهنا نسجل موقفا بطولياً جديداً، حيث يدخل أسرى الجهاد الإسلامي وحدهم اليوم في الإضراب المفتوح عن الطعام مع وعود من الفصائل الأخرى بالدخول في برنامج إسنادي ومآزر للخطوة التي أقدم عليها فرسان الجهاد .

وأمام هذا المشهد المشرف يأتي السؤال ما هو دور كل مركبات الشعب الفلسطيني الحكومي وغير الحكومي اتجاه الأسرى عموماً والمضربين عن الطعام خصوصاً، وهنا لن أتحدث إلا عن دورالأسرى المحررين الذين لن تجف ذاكرتهم بعد من صحبة إخوانهم الأسرى ومن عذابات السجن والسجان وبطيعة الحال أنا أحدهم .

 أقول بأن كل أصناف البشر تقريباً فيها الخاص والعام ففي الأنبياء خاصة هم أولو العزم، وعامة هم باقي الأنبياء، وفي العلماء خاصة وهم العالمون العاملون الذين يمنحون أرواحهم لأفكارهم لتكتب لها الحياة، وهناك في الجند خاصة وهم تلك الوحدات الاستشهادية والتي تتميز بأنها صاحبة الأغماد المكسورة حتى لا يعود إليها السيف كما فعل عكرمة بن أبي جهل – رضي الله عنه- فحديثي الآن عن خاصة الأسرى أولئك الذين نزفوا أفضل فترات أعمارهم في سجون العدو الصهيوني فأمضوا عشرة وخمسة عشر وعشرين عاماً في السجون ثم منّ الله عليهم بالحرية والفرج فبُعثوا للحياة من جديد بعد ممات السجن، فبنوا بيوتاً وأنشئوا ُأسراً وأقر الله عيونهم بذرية طيبة وساق الله إليهم ما ضمن لمعظمهم حياة كريمة فيها الدار الوسيعة والمرأة المطيعة والدابة السريعة والراتب ، والسؤال هنا هل بعد تلك السنوات التي نزفناها نحن المحررون توقف نضالنا ؟!  وهل أقنعنا الواقع الُمر بأنه لا يجوز أن نكرر جهادنا من جديد لأننا ناضلنا من أجله ما عاد موجوداً كما في الزمن الجميل ؟! وهل سمعنا لهتاف النفس الأمارة بالسوء بأنه يكفينا ما قدمنا وليتقدم غيرنا ؟! إخواني المحررين ينبغي أن نكون أكثر من يعيش مرارة الأسرى ولا يجوز أن نهنأ بطعام وشراب وحياة ونحن نرى من أمضينا معهم عشرات السنين ما زالوا يأنّون تحت وطأة السجان، وينبغي كذلك أن نكون وعلى مدار الوقت سمعهم وبصرهم وصوتهم وهمهم المتحرك في كل مكان، وإن نسيهم من نسي فلا يجوز أن ننساهم نحن، لأننا وببساطة أمام أمرين مهمين أولهما أننا الوحيدون أننا نعرف ماذا يعني قهر السجن على النفس وعلى الأهل وأكثر من يقدر هذا الوجع لأنه لازمنا على مدار عشرات السنين في السجن، والأمر الثاني أمن عيون الأسرى ترنوا إلينا متسائلة ماذا في جعبتكم يا من قاسمتمونا وجع السجن وقهره، وهل يمكن أن يبزغ الفجر من بين أيديكم مجدداً كما بزغ على يد الأسير المحرر الشهيد أحمد الجعبري الذي حمل وجع إخوانه إلى أن وصل الغاية.

أحبائي المحررون كثيرون يحاولون إقناع أنفسهم بأننا نخدم إخواننا الأسرى من خلال مؤسسات فتحت  لنا أبوابها أو فتحنا أبوابها، وبعد حصر تلك المؤسسات يمكنني القول أن العمل في هذه المؤسسات يعتبر من نافلة الفعل الذي يمكن أن يقدم لإخواننا في السجن، بدليل أن أي شاب أو فتاة مختصة من أبناء شعبنا يمكنه أن يقوم على تلك المؤسسة ويؤدي الدورالذي كلف به كثير من الأسرى .

 خلاصة القول لا يجوز لنا كمحررين أمضينا مع إخواننا في الأسر أكثر مما أمضينا مع أهلنا أن نغرق " في دوائر الإلهاء" المؤسسات الجمعيات مراكز الأبحاث وبعض المناصب الحكومية والحزبية، ثم نقنع أنفسنا بأننا نؤدي دورنا اتجاه الأسرى، إن الدور المطلوب منا كمحررين ولا ينبغي لنا أن يكون لنا دوراً غيره هو السعي الدائم وبذل غاية الجهد لتحرير أسرانا من السجون " وبالطرق التي نعرفها جيدا"، ثم رهن كل ما نملك من أعمارنا المتبقية وحطام الدنيا الذي بين أيدينا نصرة لهذا المشروع الأقدس، وشعارنا في ذلك " فلنقم لتحرير إخواننا وما دون ذلك هوامش ".