خبر ثمن السرية -هآرتس

الساعة 09:56 ص|09 ديسمبر 2014

بقلم: أسرة التحرير

في ايلات وفي محيطها لم يعرفوا بان الانبوب الذي يمر في مدينتهم منذ 46 سنة يمكنه أن يحدث هذه الرائحة الكريهة الشديدة التي تلم بالمدينة الاسبوع الماضي، وربما تلوث هذا الصباح شواطئهم ببقع سوداء، مع وصول الطوفان. ولم تكن لوزارة حماية البيئة أي فكرة عما تدفق الاسبوع الماضي في هذا الانبوب وما هي آثار التسرب. وفي سلطة الطبيعة والحدائق ايضا لا يزالون مذهولين بعد أن انكشف الخطر الذي في مرور انبوب النفط في اراضي المحمية الطبيعية.

 

ويعود سبب المفاجأة الى الجهل الذي فرض عليهم دون عقل. وقد أملت هذا الجهل عليهم الحكومة في أمر أصدرته في 1968، ونسيت منذئذ اعادة النظر بصلاحيته. فقد منح هذا الامر الحصانة للمشروع الحساس باسم "كاتسا" والذي لم يعد قائما، لتسويق النفط الايراني عبر اسرائيل. وقد بات المشروع لا داعي له قبل 35 سنة مع استبدال الحكم في ايران ولكن الامر بقي على حاله بسبب نزاع مالي نشب بين الدولتين على توزيع ممتلكات المشروع. وبالخطأ اكتسب هذا الامر سيماء أمنية. وقد ابقي على مدى عشرات السنين طي الكتمان لدى الرقابة العسكرية التي صدت تلقائيا كل اعراب عن اهتمام بما يجري بممتلكات المشروع. ولهذا السبب، جلس سكان ايلات ومحيطها على برميل من المتفجرات دون أن يعرفوا بذلك، ودون أن يعرفوا بان السلطات المدنية التي من مهامتها الحفاظ على أمنهم هي الاخرى لا تعرف عن ذلك، وبالتالي لم تكن قادرة

 

على أن تضمن سلامتهم. عمليا لولا انفجار انبوب النفط واختراق نمط الحياة العادي في الجنوب – لاستمر الجميع في حياتهم الهادئة دون أن يعرفوا شيئا.

 

على حدث التسريب ان يشكل نقطة انعطاف في كل ما يتعلق بـ "سياسة الاخفاء". فأمر الحصانة المفروض على "كاتسا" يجب أن يلغيه المستشار القانوني للحكومة. فلا منطق في تفعيل الرقابة العسكرية على نشاط مدني تجاري، وعدم المسؤولية المتطرف وحده يمكنه أن يشرح شذوذ مشروع بنية تحتية خطير عن الشفافية او رقابة السلطات المدنية.

 

ولكن معالجة كاتسا لن تستنفد النقاش الجماهيري اللازم. ففي اسرائيل توجد جزر عديدة اخرى من النشاطات التي تلتف بالسرية الامنية تفاديا للاجراءات الادارية المنغصة والبيروقراطية الملاحقة، حتى بثمن الخطر على حياة الانسان. وعليه، فان من واجب مراقب الدولة والمستشار القانوني للحكومة العمل على ازالة ساتر السرية في الحالات التي لا يكون فيها مبررا. فالانبوب لا يفترض ان يكون اسيرا في أيدي محافل قانونية تأخذ لنفسها الصلاحية لتقرر ما هو مناسب للرقابة العامة وما ليس كذلك، حين تكون مبرراتهم سرية وغير خاضعة للرقابة. فلمثل هذه السرية قد يكون ثمن باهظ.