خبر من بن غوريون حتى بنيون -هآرتس

الساعة 09:54 ص|09 ديسمبر 2014

بقلم: دمتري شومسكي

(المضمون: اغنية بنيون ليست سوى تعبيرا عن خيبة الامل من "نكران الجميل" من قبل العرب - المصدر).

 

في تشرين الثاني 1967 وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" ودعا فيه بن غوريون للعمل سريعا من اجل الاستيطان في ارض اسرائيل، وضعت تحت سيطرة الدولة، افترض انه رغم ان السلطة الاسرائيلية لم يتم القبول بها بلهفة من قبل السكان العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة، الا

 

انه لا شك ان الكثيرين منهم سيعيشون تحت السيادة الاسرائيلية بحرية وراحة. وبالتأكيد سيشكرونها على مستوى الحياة والتعليم والصحة التي ستتحسن بدون شك.

 

بعد خمسين عاما من الاحتلال والاستيطان في مناطق 1967 يمكن القول بثقة ان أمل بن غوريون تبين انه كذبة. وبدلا من العرفان بالجميل للسلطة الاسرائيلية تزداد باستمرار لدى الفلسطينيين المعارضة العنيفة. واصبح الاحتلال اسيرا لاحدى مشاعر خيبة الامل العميقة التي تجد تعبيرها بين الفينة والاخرى في مجال الفن.

 

هذه هي الرسالة الاساسية التي نفهمها من اغنية عمير بنيون "احمد يحب اسرائيل" التي تصف طالب فلسطيني في الجامعة العبرية يحظى بعطف الأمة الاسرائيلية ويتبنى المؤامرة القاتلة بأن يغرز سكينا في ظهرها في أول فرصة.

 

الحديث هنا ليس عن مجرد عنصرية، هذا مصطلح اتسع في الاونة الاخيرة في الحوار الاسرائيلي الى ابعاد غير معقولة، والتي تحركها امكانية تفسير دقيق لظاهرة القمع السياسي والاجتماعي. واغنية بنيون تعكس بكل امانة الوعي الكولونيالي لاسرائيليين كثيرين مقتنعين بالفعل بأن السلطة الاسرائيلية اعطت الفلسطينيين مفاتيح الدخول الى العالم المتحضر، لذلك يشعر الاسرائيليون انه تمت خيانتهم لان الفلسطينيين ناكرو الجميل ولا يقدرون جهود الاحتلال المتحضر.

 

اليهود الاسرائيليون لا يعرفون ولا يريدون ان يعرفوا انه وقبل الكارثة التي حلت على العالم الاسلامي عندما تفككت الامبراطورية العثمانية كان هناك من يعتقد انه بدون المساعدة من قبل المحتل الخارجي، فان الحركة القومية العربية المتحضرة لن تتأخر لان التربة خصبة لذلك.

 

وهم لا يعرفون ايضا ولا يريدون ان يعرفوا انه بعد تلك الكارثة واثناء الانتداب البريطاني كان في اوساط الفلسطينيين في مدن ارض اسرائيل – فلسطين تلك الشرائح الاجتماعية، التي قامت مع بداية العصرنة في اوروبا وشكلت الشرط الاساسي للتطور القومي المتحضر. إلا ان استمرار تطورها في ارض اسرائيل الانتدابية تشوش مع ازدياد قوة الحركة القومية المنافسة للمستوطنين الصهاينة من اوروبا. لا يفهمون ولا يريدون ان يفهموا انه بالنسبة للفلسطينيين فان الصهيونية لا تعني سوى تحويلهم من اغلبية الى اقلية في وطنهم، الامر الذي لن يقبله أي شعب طبيعي بكل أريحية.

 

إن خيبة الامل من الرد الفلسطيني حول الدولة القومية اليهودية وحول الاحتلال والمستوطنات وراء الخط الاخضر، كتلك التي عكسها بنيون في اغنيته ستتعمق اكثر في الجانب الاسرائيلي، ومثلما ان الفلسطينيين مواطني الدولة من غير المتوقع ان يتراجعوا عن نضالهم المدني من اجل الحقوق للاقليات القومية داخل الدولة الاسرائيلية، هكذا ايضا نتنياهو والسلطة الكولونيالية الاسرائيلية في مناطق 1967 لن يتراجعوا عن معارضتهم للاستعباد القومي، الذي يتحول الى عنيف اكثر فاكثر، وتصميم المحتل على الحفاظ على الوضع القائم.

 

ألا زال غير واضح اذا كانت المطالب المدنية القومية للاقلية الفلسطينية داخل دولة اسرائيل ستثمر في احدى المرات – بكل ما يتعلق بمستقبل الحكم العسكري الاسرائيلي في الضفة المحتلة، لا شك ان نهايته ستكون مشابهة للانظمة الكولونيالية في القرن السابق: انسحاب مذل لقوات المحتل يرافقه مشاعر الفرحة للشعب المتحرر.

 

على ضوء ذلك يجب ان نسأل خائبي الامل من نكران الجميل الفلسطيني، ألم يحن الوقت لانهاء الخداع الذاتي؟.

 

هل يعتقد المستشارون الاستراتيجيون الذين يريدون تطوير الصواريخ والجدران عن حق ان اسرائيل تستطيع ان تتملص من المصير المعروف للكولونيالية الاوروبية واخضاع روح الشعب الذي يحارب من اجل حريته؟ الى متى سيبقى ابن المؤرخ ورئيس حكومة الاحتلال والمستوطنات الذي حسب المؤشرات سيعود من جديد في الانتخابات القريبة، الى متى سيرفض ان يفهم انه لا يستطيع تغيير التاريخ المتحضر، الذي سيضع الكولونيالية على مزبلته؟