خبر في انتظار « المهدي » ... آمال تتحطم على صخرة الحزبية المقيتة ..بقلم: شمس شناعة

الساعة 07:37 ص|07 ديسمبر 2014

 (صحفي فلسطيني من غزة)

 ينذر الوضع الاجتماعي الحالي في قطاع غزة بكوارث لا يمكن السكوت عنها أو الصمت على تداعياتها المستقبلية، فأكثر من 30 محاولة انتحار شهرياً، كما تورد مستشفياتنا في تقاريرها، هي نسبة كارثية بامتياز، وكلهم من جيل الشباب، وارتفاع عدد حالات الطلاق سنوياً إلى ما يقارب 1300 حالة، هي فاجعة اجتماعية بكل المقاييس، كما أن ارتفاع نسبة الراغبين في الهجرة فوراً إلى الرقم القياسي العالمي هو أمر ينبغي أن يقض مضجع كل صاحب ضمير، والأدهى من ذلك وصول المخدرات إلى أيدي الفتية والفتيات، وإذا كنا في الماضي نتحدث عن انتشار عادة التدخين في أوساط النشء، فإننا اليوم نتحدث عن عادة تدخين الحشيش، وتعاطي الترامادول والأفيون وأنواع أخرى من الحبوب المخدرة، وهي مخدرات لا تعود على صاحبها بالضرر فحسب، بل تتعداه إلى المجتمع برمته، فزيارة واحدة إلى مراكز التوقيف تنبئ بعدد الجرائم التي تُرتكب يومياً، وتحدد إلى أبعد مدى الحالة التي وصلنا لها، فالمخدرات باعث أساسي لعشرات الجرائم، وتداعياتها المستقبلية لا تتوقف عند انتشار الجريمة المنظمة ولا تنتهي عند المخاطر التي يمكن أن تصل إلى سلامة النوع واستمرار النسل في فلسطين، ومع ذلك لم نسمع سياسي واحد يتحدث في هذه المصيبة، بل إنهم يخصصون كل فراغ متاح للحديث عن مبررات جديدة لانقسامهم البغيض، من أي طينة من البشر هؤلاء!!!

 

الولع الذي يحيط بمشاهدة شبابنا للمواقع الإلكترونية التي تبث صوراً وفيديوهات لما تقوم به "داعش" في العراق وسوريا، يؤكد أن أعداد "المعجبين بالتجربة" في ازدياد، وأنهم باتوا يرون في ما يفعله هؤلاء وسيلة "للانتقام" من مجتمعاتهم التي لم تعطهم شيئاً، بل وأغلقت الأبواب أمامهم، وحالت بينهم وبين ما يتمنون، وأوصدت كل سبيل من شأنه أن يعيد للشباب توازنه، وأن يفسح أمامه الباب للنهوض من جديد، والعمل في فضاء من الحرية التي تؤسس للإبداع وتنمي القدرات وتطور الذات وتؤهل لمواجهة المستقبل.

تؤكد كل الدراسات التي تتناول أعداد المتصفحين لمواقع التواصل الاجتماعي، أن مستخدمي شبكات التواصل في فلسطين، يعدون النسبة الأعظم من شباب منطقة الشرق الأوسط، بالقياس إلى عدد السكان، ويمضي شبابنا معظم أوقاتهم في "الفضاء الافتراضي" يبحوث عن فائض أمل لدى غيرهم، ويعيشون أحلاماً صغيرة للحظات، يبحثون عما لا يجدونه في واقعهم العملي، وينشدون "الحلم الموعود" أو "المدينة الفاضلة" في عالم بلاستيكي لا يقوى على توفير الحد الأدنى من فسحة الأمل المطلوبة، لكنهم يواصلون، كما مدمني المخدرات، هم يعرفون أنها تضر ولا تنفع، وتفاقم الحالة أكثر وأكثر، لكنهم لا يكلون ولا يملون عن تعاطيها بحثاً عن سعادة لحظية أو غيبوبة عن واقع لم يقترفوا فيه اثماً سوى أنهم وُلدوا على هذه الأرض، التي من المفروض أنها "مقدسة"!!

من السبب في كل هذه الكوارث، الشباب التائه، أم تنظيمات الشعارات، التي طالما أوهمتهم أنها تحمل علاجاً لكل جراحاتهم، ثم تخرج في اليوم التالي لتعود بهم إلى دوامة اليأس القاتل في ظل منهجية تقوم على افقاد الناس الأمل حتى يفروا من وطنهم بحثاً عن حياة، أي حياة، في بلاد المهجر، وما من قائد شجاع يخرج إليهم، يطرق جدران الخزان، يوضح حقيقة الأمة والمتسبب بها، ويقدم أطراً أولية لشكل ومنهجية العلاج المأمول، إنها القوى السياسية الفلسطينية التي سفكت دم الحلم، وعاثت في مسارات المستقبل فساداً وافساداً، ولاحقت الأمل في كل زقاق لتقتله، حتى بات شبابنا اليوم ينتظرون بفارغ الصبر المهدي المنتظر، أو المسيح المخلص، القادر على حل أزماتهم والخروج من المأزق، وفكفكة مركبات الأزمة التي لا تنتهي والتي تسير إلى ما لا نهاية من التعقيد.

ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد