خبر أنين الشعب ..بقلم أ. رامز الحلبي

الساعة 12:21 م|29 نوفمبر 2014

من أصعب ما يواجه الإنسان تعريف المعرف، وتسليط الضوء على ما تلفه الشمس من كل الجهات، فالإعلام بفضائياته وإذاعاته وصحفه ومواقعه الإلكترونية، ومنابر المساجد وحديث العامة والخاصة، والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، كل هذه المركبات وغيرها يتحدث ويعرض ويشخص حالة الوطن والقضية والشعب، ولأني واحدا من الشعب فسأشخص كما يشخصون ولن أ زيد، وسأصف الواقع تحت شعار عرف الماء بالماء.

فالواقع السياسي: انسداد أفق، تآمر عالمي وإقليمي وعربي ومحلي على القضية برمتها، تهويد للقدس، أسرى بالآلاف، غياب للحريات السياسية يصل حتى القمع والكبت؛ والحاذق من يُعمل مقص الرقابة دون أن يدفعه أحد لذلك، كُبرى الفصائل الفلسطينية (باض فيها الشقاق والنزاع وفرخ) وخرجت أجيال تربت على الانقسام، قيادة عامة للشعب الفلسطيني لا تستطيع أو لا تريد أن تنقل هم الشعب للمحافل الدولية رغم عدالة القضية، وكأنها مسحورة (أو معمول لها عمل).

أما على الصعيد الاقصادي فعناوين اقتصادنا مريعة، وبإيجاز: بطالة؛ كبونة؛ رواتب مقطوعة أو نصف راتب كامل؛ عجز مالي؛ تسول؛ كساد بضائع؛ إغلاق معابر؛ شح في الموارد؛ إنعدام في الصادرات؛ عمل 12 ساعة بـ30 شيكل -هذا إن وجد العمل- واسطة؛ محسوبية؛ رشوة؛ فساد  في المنتج وبيعه؛ تسول إلخ...

واجتماعيا: عوانس؛ (عزابية)؛ ارتفاع نسب الطلاق لأعلى مستوياتها منذ ( كنعان الأول)؛ عدم الزواج بمن يخالف لوني السياسي، ارتفاع المهور؛ استبدال العشائرية والقبلية بالحزبية والحركية إلخ...

دينيا: زيادة في المساجد ونقص في الدين، دعاة سطحيي التدين والثقافة، تعمير للمساجد وتخريب للقلوب؛ طغيان مصطلح البدعة والفسق والضلال عند البعض، وكأنه لا يوجد في إسلامنا غير تلك المصطلحات، غرق في الخلافات الفقهية دون علم، وبمجرد حفظ آية وحديث وقراءة كتاب وسماع درس يبدأ بالتبديع والتفسيق والتضليل والتكفير، تعزيز الانتماء الحزبي من منطلق ديني حيث يختزل الإسلام في حركة أو جماعة وما دوننا ليسوا من الإسلام وفي أحسن الأحوال نسأل الله لهم الهداية يعني أن يصبحوا منا إلخ...

تعليميا، باختصار شديد معظم المخرجات التعليمية سواء في الجامعات أو المعاهد أو المدارس لا تُخرَج بجملتها إلا طوابير ممن يفقه ألف باء الثقافة والمعرفة فقط، أما تلك الحالة التي ما زلنا نرى أثرها عند آبائنا ومعلمينا -أطال الله في أعمارهم- من الثقافة المحترمة بدأت تذوب وتبهت، وأصبح طوابير الخريجين (تحملهم شهاداتهم بدلا من أن يحملوها).

أخيرا أعلم بأني لم آت بحرف جديد ممن ذكرت، ومعظم الناس يعرفوا هذا وزيادة ولكن سؤالي هل ولاة أمرنا من الفصائل والنخب يعرفون هذا؟؟!!

إن كانوا لا يعرفون فمصيبة، وإن كانوا يعرفوا فالمصيبة أعظم، وأظنها أنها الثانية، فيا أيها الفرقاء السياسيون إن كنتم تعرفون وتؤمنون بأن الوجع الفلسطيني مقسوم إلى قسمين، قسم سببه الاحتلال، وقسم سببه الاختلال في العلاقة الفصائلية عموما، وبين أكبر فصيلين خصوصا.

ألم يأن لكم أن تخرجوا من حالك الحزبية وظلام الانتماء إليها؟! أليست شعارات الأحزاب عمومها تقول بأنها خرجت دفاعا عن فلسطين والقضية وخدمة للشعب؛ إذن بصراحة نقول أنكم ما دافعتم عن فلسطين كما في الشعارات ولا خدمتم الشعب كما في الأهداف والغايات.

وهنا لا يعنينا من صاحب الحق في الخصام، ما يعنينا أن هناك مشكلة داخلية عويصة يتقاسم –الطرفان- أكبر إثمها ويوزع ما تبقى من الإثم على الآخرين.

فهل يمكن لكم أيها السادة المحترمون أن تفككوا هذا المركب المصطنع من الإشكالات، وتنقذوا ما تبقى من الأرض والإنسان، أم أنه قدرنا المحتوم، حيث لا مندوحة عن الاسيتقاظ كل صباح بجباه قاطبة ووجوه عابسة، وقلوب وجلة من ألا تجد قوت يومها، فكرامة لله وللوطن والشهداء ثوبوا إلى رشدكم.