خبر شمس شناعة يكتب .. النقابة والتلفزيون والوزارة .. أسئلة مشروعة!!

الساعة 07:44 ص|27 نوفمبر 2014

سمعنا قبل فترة ليست ببعيدة أن هناك شخصيات "فلسطينية" و"مسؤولة" جرة منعها من الظهور على شاشة تلفزيون فلسطين الرسمي بقرارات من "جهات عليا"، ولأسباب "مجهولة"، وكان رد فعلنا ــ كصحفيين ــ أن الأمر لا ينبغي أن يُدار بهذه الطريقة، على اعتبار أن التلفزيون الوطني يمثل الفلسطينيين جميعاً، ويفترض أن يتيح مساحة لكل وجهات النظر في مختلف الموضوعات التي يوجد عليها إجماع وطني، فما بالك وهم مسؤولون في المؤسسة الرسمية، ثم عدنا ننتظر من التلفزيون مواقف مختلفة تدلل على استمرار "وطنيته"، ولكن العدوان على غزة بدأ بوتيرة متسارعة في تموز الماضي، وانشغلنا جميعاً في متابعة الموقف على الأرض ومحاولة نقل الحقيقة إلى العالم بأسره، واجتهدنا في كشف جرائم المحتل وتفنيد ذرائعه في العدوان، وتركنا مسألة النقاش بشأن من يظهر ومن لا يظهر على الشاشة لغيرنا، لكن التلفزيون "خيب آمالنا" من جديد، فعند بعض المحطات المهمة في المعركة لم يكن على مستوى الحدث، صحيح أن الطواقم في التلفزيون قد قامت بما عليها وزيادة، واجتهد العاملون فيه على كل المستويات، أقصد طواقم غزة بطبيعة الحال، إلا أن هذا لم يمنع مسؤولو التلفزيون من تقديم برنامج عن "فنون الطهو" أثناء ارتكاب المجازر بحق الأطفال في غزة!!

خلال الحرب كانت هناك "ظواهر" إعلامية تتحدث "بالدرر" وتأتي على الشأن الفلسطيني بكلام أقل ما يثيره هو حالة "الغثيان" التي تعقب كلامه، فهذا "الدّعي" تماهى مع موقف نتنياهو وذهب بعيداً في "شرعنة" كل ما يقوم به الاحتلال بحق المدنيين في غزة، بل وامتلك جرأة أن يطالب المحتلين بإبادة أهل غزة جميعاً، وللتدليل على "تصهينه" أخرج حذاءه على شاشة قناته (الحرادين اسمها) ووجه إلى أهل غزة جميعاً، أكرر جميعاً، وأخرج لهم لسانه دلالة أنه "يعني ما يقول"، حتى الان لا يعنينا هذا "الشيء الذي يسمى عكاشة"، ولا تعنينا مواقفه، المصيبة كانت عندما تمت استضافته مؤخراً على قناة فلسطين وتلفزيونها الرسمي، وجرى اتاحة المجال له كي يتطاول من جديد على نصفنا الآخر، والمذيعة تهز رأسها وكأنها تستمع إلى موعظة من حكيم أو فيلسوف أو قامة علمية قلّ نظيرها!!، ثم بعد كل هذا يطالبنا البعض "بالتعقّل"، وعدم التعامل "بردّات الفعل"، والصبر على المسؤولين حتى يفسروا لنا الموقف؟!!.

السؤال الذي لا يزال صداه يتردد في كل أذن واعية، يمكن اختصاره بمفردات وأدوات استفهام تبدأ "لماذا؟"، لماذا يتم استضافة "مشرعن" قتل أطفال غزة على شاشة تلفزيون "الكل الوطني"؟، لماذا صمتت نقابة الصحفيين عن هذه "الاساءة" بحق كل فلسطيني؟، لماذا لم تصدر وزارة الإعلام ممثلة بوكيلها "د. محمود خليفة" شيئاً بهذا الخصوص؟، لماذا لم يقم هذا التلفزيون أو هذه الوزارة بتكريم الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين سقط منهم الشهداء والجرحى وهُدمت بيوت بعضهم، ولم تأتِ على ذكرهم في بيان؟، لما سارعت كل القوى إلى تكريم كوكبة الشهداء من الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل بينما وقفت وزارة الإعلام تتفرج؟، ثم لماذا "تكافئ" الوزارة أو التلفزيون جموع الإعلاميين الفلسطينيين باستضافة "الرداحة توفيق عكاشة"؟، كل هذه الأسئلة وغيرها هي برسم النقابة والوزارة والتلفزيون، وهم مطالبون قبل غيرهم بالإجابة عنها، وإن لم يجيبوا فإنهم سيكونون في مواجهة مباشرة مع صوت الضمير الوطني وصوت الحقيقة في قطاع غزة، هؤلاء يشعروننا اليوم أننا بتنا أقرب إلى "جيران" من كوننا شعباً واحداً، يصرون على الفصل بين غزة والضفة دون سبب وجيه، ويتعاملون معنا على أننا "عالة" على الكيان الفلسطيني، وأننا "عبء" على المسيرة الوطنية، يصرون على وضعنا في خندق آخر، بعد أن كنا أصحاب المشروع، والمنافحين عنه صباح مساء، بتنا لا نجد شيئاً يجعل موقفنا وجيهاً في الدفاع عنهم، يدفعوننا بقوة إلى خيارات لم نكن نفضلها يوماً، فحارت بنا السبل، ولم نجد ما يمكن أن نقوله في ظل غياب نقابة الصحفيين عن المشهد، هذه النقابة التي كان ينبغي أن نعتصم على بابها تنديداً بظهور "عكاشة" على شاشة التلفزيون الفلسطيني، وغابت وزارة الإعلام، التي يمكنها أن تستضيف كل أعداء شعبنا ولا تضيع وقتها في طباعة شهادة تقدير ثمنها شيكلاً واحداً لصحفي استشهد أو أصيب في العدوان، وغابت المؤسسة الرسمية عن الموقف وغاب معها رأي الفصائل، ثم تركونا نصارع الجبال بحثاً عن مجال للموضوعية والحقيقة في زمن الزيف والتضليل والتبرير والتجاهل.

الجسم الصحفي في غزة مطالب أن يقف على قدميه، إن تهاوى هذا الجسم سقطت كل القلاع، وإن تراجع دورنا تهاوت منظومة الحقيقة في الوطن، وإن لم نتوحد نحن فمن الذي يمكنه أن يبني برنامجاً وطنياً أو أن يصيغ ملامح المرحلة، ومن الضروري أن نختم بأن الوقت لم يفت بعد، وأن الأوان قد حان كي ننفض الغبار عن أنفسنا وننطلق نحو تصويب المسار قبل أن تضيع منا البوصلة؟